[email protected] لم يكن خبر الغاء عمر البشير زيارته لعاصمة جنوب السودان مفاجئا على الأقل للعارفين بخبايا السياسة السودانية ، فقد ظهرت بوادر هذا التأجيل مبكرا ، وذلك عندما ربط حزب المؤتمر الوطني زيارة رئيسه لجنوب السودان بملفات لا علاقة لها بالملف الجنوبي الشمالي . فقد قال مسئولين كبار في حزب ” المؤتمر الوطنى ” الحاكم فى السودان للمضى قدماً فى التطبيع الكامل للعلاقات مع دولة الجنوب ، وزيارة الرئيس عمر البشير إلى مدينة جوبا ، لابد أن تعلن حكومة الجنوب فك ارتباطها ما يسمونها بالحركات المتمردة ، ووقف دعم التمرد فى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق “ووقف التجييش وتشوين المتمردين ” ، وسحب الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين للجيش الشعبى . ربط الحكومة السودانية ملفاً شمالياً شمالياً بملفات جنوبية شمالية ، إنما الغرض منه نقض ما اتفق عليه في اديس ابابا ، الأمر الذي يفضح مكر وخباثة هذا النظام المخادع المضلل الذي يعيش أسوأ أيامه . في مستهل تبريرات الحكومة السودانية لإلغاء زيارة رئيسها الى جنوب السودان للقاء رئيسه سلفا كير .. قالت الاذاعة السودانية ان تأجيل زيارة الرئيس عمر البشير الى جوبا جاء بعد ان هاجم جيش جنوب السودان مجمع هجليج النفطي المتنازع عليه بينهما. وقال وزير الاعلام السوداني عبد الله علي مسار ان استيلاء قوات الجنوب على مجمع هجليج النفطي تعكس منتهى الحقد ازاء السودان وشعبه وقواته المسلحة . إذا قرأنا قرار الحكومة الشمالية الخاص بإلغاء زيارة رئيسها للجنوب قراءة متفحصة ، يتضح انه قرار تم اتخاذه قبل هجوم هجليج بناء على الضغوطات الممارسة على عمر البشير من أئمة المساجد والمنابر وهيئة ما تسمى بعلماء السودان وغيرها من الأفراد والجماعات العنصرية التي لا ترتاح لها بال وإلآ الحرب مشتعلة . إذن ما مبررات تأجيل الزيارة للجنوب إلآ خداع وتضليل للرأي العام السوداني في الشمال والجنوب ، وما تأجيل زيارة البشير لجوبا إلآ خوفا من القبض عليه وارساله إلى لاهاي المحكمة . يقولون ان دخول قوات دولة جنوب السودان الى منطقة هجليج البترولية هو السبب الأساسي لهذا التأجيل ، غير ان حكومة عمر البشير ومنذ اندلاع الحرب في ولاية جبال النوبة/جنوب كردفان بينها وبين الحركة الشعبية – شمال – لم تعترف بأن الهزائم الثقيلة والكبيرة التي تعرضت لها كانت من الحركة الشعبية شمال ، بل كانت دائما ما ترجع هزيمتها لمشاركة جيش جنوب السودان في المعارك . حتى احداث العباسية والدلينج الأخيرة اتهمت فيها حكومة البشير جيش جنوب السودان بالوقوف من وراءها .. فما الجديد في الأمر حتى تلغي الحكومة زيارة رئيسها للجنوب وتجمد اتفاق الحريات الأربع ؟؟ . قبل شهر فقط من هذا التأريخ استولى الجيش الشعبي شمال على أهم ثلاث مناطق في ولاية جبال النوبة/جنوب كردفان – وهي جاو وطروجي والأبيض ، واتهمت فيها الحكومة السودانية الجيش الشعبي الجنوبي بالإستيلاء على هذه المناطق ، وبالرغم من هذا الحادث استمر وفد الحكومة السودانية في اديس ابابا في مفاوضة وفد حكومة الجنوب وتوصل الطرفين على اتفاق الحريات الأربع وموافقة البشير على زيارة جوبا .. فهل منطقة هجليج أكثر أهميةً من المناطق الثلاث- إذا افترضنا ان جيش جنوب السودان هو الذي استولى عليها – حتى يلغي النظام زيارة رئيسه لجنوب السودان ؟ . القصة وكل القصة- هي أن عدد كبير جدا جدا من أعضاء النظام الحاكم رفضوا ويرفضون أي تقارب بين الدولتين ، ففي الوقت الذي كان يدافع فيه بعض الشماليين عن اتفاق الحريات الأربع وزيارة البشير لجوبا ، كان متطرفي النظام يدقون طبول الحرب في المناطق الحدودية . وفي يوم الإثنين الموافق 26/3/2012 أعطى عبدالرحيم محمد حسين- المطلوب لدى الجنائية الدولية أوامرا لقواته المتواجدة في منطقة ” الخرسانة ” للتحرك واسترداد منطقة جاو والأبيض وطروجي حتى يكون موقف البشير قوياً عند زيارته لجوبا .. لكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه مليشيات النظام ، وفي هذه المحاولة استطاع افراد الجيش الشعبي- شمال من دحر قوات البشير ودخول منطقة هجليج الغنية بالنفط . هذه هي كل القصة فليصدق من يشاء وليكذب من يشاء . أما وصفنا لعمر البشير برجل أمريكا فهو وصف دقيق ، لأنه أكثر الرؤساء الأفارقة عمالةً لأمريكا وتعاوناً مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية- سي آى ايه ، وبقية القصة معروفة ! . أما وصفنا له بجبان افريقيا فهذا أيضا وصف في مكانه .. فالرجل تظاهر أنه موافق على زيارة جوبا ، لكنه في حقيقة الأمر خائف من الذهاب إليه حتى لا يتم اعتقاله وشحنه إلى لاهاي المحكمة ، ولذا كثرت الاتهامات لجنوب السودان ، وكانت التهديدات باجتياح جوبا خيارا وحيدا ومحببا . والسلام عليكم…