يسافر لا ما يسافر، حيسافر ما حيسافر! ما سافر!. إستماتت الأقلام فى التحليل ليثار مزيد من اللقط ويراق الكثير من الحبر المجرد على الورق. واستبشرنا من قبلها بالحريات الأربع خيرا بالرغم اننا أنفسنا لا نتمتع بحرية واحدة، ولكن شيء أفضل من لا شيء. استبشرنا بأن نتوحد في المستقبل ونرجع بلد وشعب واحد زى ما كنا. و فوق ذلك تحملنا طنين المطنطنون الذين أفقدوها المذاق وتأبطوا بها شرا، فكجوها كجا، حتى فرحوا بانهيارها. إذاً دعونا من سفاسف الأمور ومن هذه الألاعيب التي لا تنتهي. دعونا نبحث ونعرف من هو عدونا الأساسى الذى يقاتلنا من وراء ستار ويريد إستمرار هذا الوضع. من الذى يستمتع بقرع طبول الحرب ويتلذذ بإشعال أوارها ومن ثم ينام قرير العين باستمرارها! دعونا نرجع الأشياء إلى أصلها والأمور إلى نصابها لكي نفهم ونحاول فك هذه العقدة. للأسف علامة المجتمع ورمز الوطن هو هذا الرجل الذي ضرب الرقص القياسي فى الرقيص الرئاسي، وما جرى في عهده المشئوم لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب شعب و وطن، والقادم سيكون أفظع إذا استمر. فهل تظن أن هناك أمل في أنه يغير هذا الوضع من نفسه أم أنه مضروب عليه سرادق حصار من زمان ولا أمل ولا رجاء فيه!. لأنه هو من يؤثر فى حاضرنا ومستقبلنا ومن حولنا وأجيالنا وهو نفسه غير واعي ولا يحس ولا يشعر. وكما قال بن خلدون: عوائد كل جيل تابعة لعوائد سلطانه. وبرغم أنه ذات مرة شعر وأعترف أنه كان مغرر به في سنوات حكمه العشر الأولى، إلا أنه ما يزال بالونه كبيرة ينفخ فيها الكيزان الذين هم فى الأصل الإسلاميون. إنه عبارة عن أداة، مجرد أداة لتنفيذ مخطط ما!. ولكن من وراءه؟ أو بالأحرى هل تعتقد أن في المؤتمر الوطنى عملاء؟، كما تساءل الكاتب شوقى ابراهيم فى إحدى مقالاته. فحسب ويكيليكس و على لسان د. منصور خالد (مستشار سابق للرئيس (الذي لا يمثلني)) وهو يتحدث عبر الهاتف إلى القنصل الأميركي في السودان واصف رئيسه عمر البشير بالسبورة! يكتب عليها أحدهم ثم يقوم آخر بمسح ما كتب عليها ويقوم بكتابة شيء جديد أخر مختلف عن سابقه. برقية (KHARTOUM332). فمن هم الأساتذة الذين يمسكون الطباشير وينفخون في البشير ليكون كدخان كثيف يغطيهم ويفرغ الناس شحنات غيظهم ويصبوا جام غضبهم عليه، حتى ينسى الناس أساسا من يقف خلفه ويختبئ وراءه. فإنهم بذلك لا يقصدون البشير فى شخصه، فهو الورقة الرابحة الآن، والتى سيحرقوها حتما فى النهاية، ولكنهم يريدون مواصلة تفتيت هذا الوطن وتدمير المجتمع عبره. ففرضا إذا غار البشير أو طار أو انخلع الآن هل انتهت مشكلتنا! هل ستقف الحروب؟. نعم لا، لن تنتهي لأن هناك من مصلحته غير مواصلة الحرب هو استمرار الجهل والتسطيح وعدم وعى هذا الشعب ونهوضه بالوطن. سترون الجمعة القادمة كيف ستكون الخطب فى المنابر!. المنهج المنحرف والأفق الشاذ ما يزال متأصل و متجزر. فالمشكلة ليست فى البشير، المشكلة فيمن جاء به وزرع الفتنة و يوحى بالتقاتل على خلافته. فهم موجودون في المعارضة و بدأوا يتنصلون من الإنقاذ وبشيرها. فكيف يمكن أن نعى ونكون ناصحين لقطع الطريق على كل الزبانية الذين يتربصون بنا الدوائر. لقد أتضح لى جليا أنهم يستخدمون أبسط أنواع الوسائل بعيدة المدى وأكيدة الأجل. فقد خرقوا الأخلاق الفاضلة ومزقوا السلوك القويم بأن جعلوا الجهل يأكل عقل الشعب والتخلف ينخر عظمه وغرزوا سكين الفتنة على ظهره. وأين نحن من هذا كله؟. أين نحن من الذين يتحكمون في مصائرنا ونحن نستغرب فى نوم عميق ونستغرق في أحلامنا. لا تقل لى إنه حظنا العاثر، وانه قضاء وقدر. العملية كلها مؤامرة تحاك ضد هذا الوطن والشعب الفضل. منذ ان نلنا الاستقلال ونحن نشتم رائحة الحرية والديمقراطية قدحة ونرجع نرزح تحت حكم الديكتاتوريات والشمولية. وبالرغم من هذا كله فهى مشكلتنا جمعيا وليست مشكلة تلك الحكومات ولا الذين يختبئون من وراءها لتنفيذ أجندة خارجية دخيلة وغريبة ومريبة. مشكلتنا أننا لسنا على قدر العزم و المسئولية بالمهام التى أمامنا من حق أنفسنا علينا وحقوق الآخرين والأجيال القادمة والوطن. مشكلتنا أننا ليس لدينا الوعى الراشد بهذه الحقوق حتى. مشكلتنا تعودنا وتربينا على الانطباعية والعواطف الهوجاء التي لا تعمل التفكير بالعقل وإعمال المنطق فى الفعل. مشكلتك مثل مشكلتى تماما، هو الإحباط والقابلية للتصدع السريع والانهيار الفوري المريع. مشكلتنا أننا شعب عظيم ليس لديه قيادات محنكة تلين شعبيا وتعصى مدنيا و لديها حس لمعرفة ودحض كل المؤامرات الخارجية ولديها الرؤية المستقبلية الفذة والبصيرة النافذة بحيث تجيد لعبة التسارع الذهني. ومشكلتنا أننا قد حسمنا معاركنا قبل أن نعرف من هو عدونا أساسا!. كل هذه المشاكل توضح أن لدينا روح معنوية عالية من الانهزامية والاستسلام والخنوع وعدم الاكتراث لمعرفة قدر النفس حتى، أو كما قال الشاعر: إذا انت لم تعرف لنفسك حقها هوانا بها **** كانت على الناس اهوانا فخصمنا قد أطبق على حريتنا ويمتص كل ما لدينا من مروءة وقوة ونخوة وشجاعة إلى أن تذبل روحنا الإنسانية السودانية. فكل واحد منا يحتاج لثورة عقلية أولا في تغيير كثير من المفاهيم. نحتاج للكف عن الهروب لشماعة القدر وتعليق عليها إخفاقنا وما يفعله السفهاء بنا. نحتاج إلى إصلاح شامل ولكن يبدأ كل واحد منا بنفسه ومن ثم الدائرة المحيطة حوله. فهذا الموضوع يحتاج للكثير والكثير من البحث والكتابة فيه، يحتاج مفكرون حق. ففي نهاية الأمر كيفما نكون يولى علينا. بل: سيولى علينا كيفما نكون. وببساطة كما يقول الله عز وجل: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]. صدق الله العظيم.