* تساءلت أكثر من مرة عن الجهة التى قامت بتفسير عبارة (الزى الفاضح) الواردة فى المادة 152 من القانون الجنائى لعام 1991 بأنها تشمل ( البنطلون)، ولم يجبنى أحد. * الجهات المختصة بتفسير القوانين فى السودان هى وزير العدل والمحكمة العليا، والمحكمة الدستورية ( فيما يتعلق بدستورية القوانين)، ولا أعتقد أن احدى هذه الجهات هى التى فسرت العبارة المشار اليها، والا وجدنا عليه دليلا مثل منشور او خطاب أو حتى تصريح صحفى ( وان كان ذلك لا يصح فى تفسير القوانين، ولكن لتفترض صحته). إذن لم يبق الا شرطة النظام العام ولدى تفسير لذلك ..!! * قبل عدة سنوات وقعت فى يدى مذكرة داخلية ( فى شكل مذكرة تفسيرية) موجهة من رئاسة شرطة النظام العام لافراد الشرطة عنوانها ( ضوابط الزى الشرعى ) توضح مواصفات الزى المحتشم وغير المحتشم، جاء فى مقدمتها: ( إثر تنامى نشاط فرع المظهر العام بالولاية ومحاربة ظاهرة الزى غير الشرعى ظهرت الكثير من الاختلافات فى تقييم ضوابط الزى بين (الاخوة قادة تلك الحملات ) وتوحيدا لهذه الضوابط لا بد من التعريف بالزى المحتشم وغير المحتشم)، ثم فصلت المذكرة هذه الضوابط والمواصفات ( ولم يكن من بينها البنطلون)، وبالطبع لم أتردد فى كتابة عدة مقالات انتقدت فيها المذكرة وتدخل الشرطة فى اعمال ليست من اختصاصها!! * فاذا كانت شرطة النظام العام تتجرأ باصدارمذكرة تفسيرية للقانون تحت وضح النهار، بالاضافة الى اننا لم نعثر على اثر لدليل على قيام الجهات المختصة بتفسير هذه المادة كما اسلفنا فمن الطبيعى ان تكون الجهة التى وضعت التفسير وجعلت (البنطلون) جزءا لا يتجزأ من ( الزى الفاضح) بالنسبة للنساء فى الخرطوم هى شرطة النظام العام التى صار البنطلون هو الزى الفاضح المفضل لديها لمطاردة النساء والفتيات واعتقالهن وجرهن الى النيابات والمحاكم ..!! * ولكن أليس غريبا ألا يسأل أى وكيل نيابة عمل فى نيابة النظام العام أو قاض عمل فى محكمة النظام العام ولو من باب الفضول عن السبب فى اعتقال الشرطة لسيئات الحظ اللائى يقعن فى يدها بتهمة لا يوجد لها اثر فى القانون السودانى أو تفسير صادر من جهة مختصة يضع البنطلون تحت مظلة الزى الفاضح، حتى يطمئن على القرار الذى يتخذه؟! * ليس ذلك فقط، بل أليس من الغريب ان تسكت وزارة العدل والمحكمة العليا عن تدخل الشرطة فى اعمال من صميم اختصاصاتهما ؟! * وليت المسألة توقفت عند حدود التفسير والتشريع، بل تخطتها الى القضاء، إذ ان شرطة النظام العام لديها سلطة الحكم على المتهمات ومعاقبتهن بتوقيع تعهد بعدم العودة الى ارتكاب المخالفة مرة اخرى، ثم اطلاق سراحهن، هذا بالاضافة الى السلطة التنفيذية المطلقة الممنوحة لها فيما يختص بالمادة 152 ..!! * كل هذا والدولة صامتة والمطاردات مستمرة حتى وصلنا الى الجلد الوحشى واهانة الكرامة ، وسأواصل باذن الله، انتظرونى. زهير السراج [email protected]