قامت عناصر الأمن والمخابرات مع طلاب المؤتمر الوطني بحرق صندوقي اقتراع للانتخابات بجامعة سنار مساء أمس، وعلى إثر ذلك تم تعليق الدراسة بالجامعة وإغلاقها وإخلاء الداخليات بدءا من صباح اليوم. وكان الاقتراع لانتخابات اتحاد الطلاب لجامعة سنار قد جرى صباح أمس وابتدأت عملية فرز الأصوات التي أسفرت عن فوز قائمة الوحدة الطلابية بفارق 537 صوتا، بينما تبقى فرز صندوقي اقتراع تابعين لكلية الاقتصاد بالجامعة صوت فيهما نحو ثلاثمائة طالب، وبدأ فرز الصندوق الأول الذي أسفر عن فوز آخر لقائمة الوحدة الطلابية بفارق 70 صوتا، وفيما بدأت إجراءات فرز الصندوق الأخير اقتحمت قوات الأمن مع طلاب المؤتمر الوطني مكان قاعة الفرز وانتزعت الصندوقين وأشعلت فيهما النيران، وصاحب ذلك عنف موجه ضد الطلاب بضربهم، بل طال الاعتداء أساتذة الجامعة، وأسفر عن عدد من الجرحى والمعتقلين من الطلاب. وتتكون قائمة الوحدة الطلابية من تحالف ست تنظيمات طالبية بجامعة سنار هي طلاب حزب الأمة، والطلاب الاتحاديين، والجبهة الديمقراطية، والطلاب الناصريين، والتحالف الطلابي السوداني، ومؤتمر الطلاب المستقلين. وعلى صعيد متصل رشحت أخبار أن المؤتمر الوطني ممثلا في طلبته ومنسوبي جهاز الأمن وقطاع الطلاب الخاص به قاموا بالتهجم على داخلية الطلاب بسنار حيث حاولوا الدخول وتصدت لهم الشرطة في البداية، ثم في تطور مفاجئ سمحت لهم بالدخول ويعتقد الطلاب أن ذلك كان بسبب صدور أوامر من جهات عليا، ودخلوا الداخلية وأخلوها عن الطلاب بداخلها وأشعلوا النيران فيما يقارب عشرين غرفة من غرف الطلاب احترقت بما فيها من امتعتهم واغراضهم. وقاموا كذلك بضرب الطلاب الذين قاوموهم. وقال الأستاذ محمد إبراهيم وهو خريج من الجامعة وعضو في رابطة الطلاب الناصريين ومشارك في الحملة الانتخابية، قال ل(حريات) إنه تم اعتقال طلاب لم يحصر عددهم بعض منهم من تم اعتقاله حتى قبل أحداث العنف، فقد تم اعتقال محمد المجتبى العبيد صباح أمس وهو من رابطة الطلاب الناصريين وذلك لأنه كان يشارك في نقل الطالبات من الداخلية مستخدما “ركشة” يسوقها، كما اعتقل خالد (دوتش) من التحالف الطلابي السوداني لأنه احتج على وقوف منسوبي جهاز الأمن في بوابات الجامعة بشكل يرهب الطلاب. وأكد محمد خبر حرق الداخلية ولكنه قال إن الغرف المحروقة تبلغ تسعة حيث تم حرق الغرف الخاصة بقادة تنظيمات تحالف الوحدة الطلابية بالإضافة إلى غرف تابعة لناشطين في ثلاث جمعيات ثقافية، وقال إن المحروقات تشمل ملابس الطلاب وكتبهم وأوراقهم ومبالغ مالية ومستندات هامة. وأكد محمد إبراهيم إن قائمة الوحدة الطلابية فائزة مهما كانت نتيجة فرز الصناديق التي تم حرقها، وإن تحالف الوحدة الطلابية عازم على الخروج للشارع في حالة عدم إعلان فوز قائمة الوحدة الطلابية اليوم. وأضاف: الوحدة خاضت الانتخابات من أجل اتحاد وطني يهتم بقضايا الوطن أولا أكثر من قضايا الخدمات الطلابية، وأي تسويف في إعلان النتيجة سيجعلنا نخرج للشارع. وكانت الوحدة الطلابية قد خاضت حملتها الانتخابية وسط إرهاب مكثف من قبل منسوبي المؤتمر الوطني وطلابه في الجامعة وتهديدهم للطلبة بحرمانهم من الخدمات واستهدافهم حتى بعد التخرج، وبالرغم من ذلك نجحت في استقطاب تعاطف كبير من الطلاب، وقد نظمت الوحدة ندوات ضخمة أول أمس الاثنين أمتها حشود طلابية ضخمة وشارك فيها وفد مركزي من قيادات حزب الأمة شملت د. محمد المهدي حسن نائب رئيسة المكتب السياسي للحزب، وم. صديق الصادق المهدي ود. تاج الدين البشير من قيادات الحزب المركزية. وقال صديق ل(حريات) إن قيادات الوحدة الطلابية بدت متأكدة من فوزها، فالانتخابات التي سبقت والتي فاز فيها المؤتمر الوطني كانت بفارق بسيط يبلغ 28 صوتا فقط وقد أجريت في ظروف خاصة حيث كانت هناك كليتان فيهما ثقل طلابي معارض مغلقتان. وقال إن تهديد الطلاب كان له أثره في الحشد الطلابي بندوة سنجة أول أمس فكان كثير من الطلاب المؤيدين للوحدة يهابون الظهور في ندوتها، ولكن المشهد كان مختلفا جدا في سنار حيث كان الحشد ضخما والتلاحم بين تنظيمات الوحدة الطلابية وكذلك كان الحماس فوق التصور، وقد حاولت السلطات الأمنية منع قيام ندوات الوحدة الطلابية أول أمس بشتى السبل، قال صديق: “عملوا فاولات كثيرة، حيث تم قطع التيار الكهربائي من مجمع الجامعة حيث تقام الندوة بسنار، وحجزوا كل مولدات الكهرباء في محال الإيجار ولكن طلاب الوحدة قاوموا وأحضروا مولدا من بيت أحد المواطنين”، وأضاف “كان الحماس لا يتصور وقد ذهلت له واشتملت الندوة على نقد عنيف جدا للنظام ولكنه كان في إطار الموضوعية، وفي المقابل كان طلاب المؤتمر الوطني يهاترون ويصعدون من الخطاب بشكل استفزازي بغرض نسف العملية الانتخابية، يشتمون بأقذع الألفاظ ويفقدون المنطق وقد سمعتهم بأذني يقولون: الصادق المهدي العرّة بغرض استفزازنا”، ووصف صديق كيف استمر طلاب الوطني في اللغة المبتذلة وكل ذلك لم يجد فلم يستجب لهم طلاب الوحدة الطلابية الذين كانوا أكيدين من فوزهم. وعلمت (حريات) إنه تم ضرب ثلاثة من الأساتذة بالجامعة في أحداث العنف منهم عميد شئون الطلاب بكلية التربية بسنجة د. علي آدم فزع والذي أصيب في عينه اليسرى ولا يزال نزيلا بمستشفى سنجة، وقال الأستاذ محمد آدم من سنجة إنه زاره بالمستشفى مساء أمس، وإن طلاب يقولون إنه تم الاعتداء عليه بسبب مواقفه فقد رفض لقوات أمنية اقتحام مبنى الكلية صباح أمس، فتلك الإصابة بحسبهم هي بمثابة تحرش مقصود به ورسالة تأديب وتحذير من التمادي في معارضة خطط الأمن. وقال محمد إن هناك أستاذ آخر هو الدكتور علي أصيب إصابة طفيفة في كلية الهندسة وأستاذ آخر في كلية الاقتصاد لكنه لم يحصل على اسمه بعد. وعلمت (حريات) إن عميد الطلاب بالجامعة الذي أعلن إقفال الجامعة بدءا من اليوم ووجه بإخلاء الداخليات من كافة الطلاب والطالبات قد أخذ موقفا صلدا اليوم فيما يتعلق بإعلان النتيجة وقال للطلاب: “قفلت الجامعة والنتيجة ساعلنها بشرفي حتى لو ادى ذلك لاستقالتي ولدي اليوم اجتماع مع مدير الجامعة وعمداء الكليات ورؤساء لجان الانتخابات وسأؤكد على هذا الموقف”. وكان بعض المتابعين قالوا إن والي سنار هدد طلاب المؤتمر الوطني قبل الانتخابات قائلا بأنه لا يحتمل اتحاد طلاب معارض سيكون له خميرة عكننة ويؤجج الشارع وشدد عليهم: إما أن تفوزوا أو نغلق الجامعة.
