تقدم (حريات) ترجمة لحوار كريستوفر اليس مع جنداي فريزر المساعدة السابقة لوزير الخارجية الامريكي للشؤون الافريقية ، بحسب ما نشرته (سي ان ان) . (ترجمة حريات) تصاعدت التوترات في الحدود الغنية بالنفط بين السودان وجنوب السودان المستقل حديثا في الآونة الأخيرة، مما يزيد من احتمالات اندلاع حرب شاملة بين الخصمين الذين طالت خصومتهما. الصين التي تربطها مصالح متعلقة بالنفط بالبلدين نادت بضبط النفس ووعدت بالعمل مع الولاياتالمتحدة لإعادة الطرفين للتفاوض. وحول هذا الموضوع قالت جنداي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون الأفريقية السابقة إنه وفي حين أن دور الوساطة يجب أن يظل يلعبه الاتحاد الأفريقي، إلا أن الولاياتالمتحدة والصين لاعبان أساسيان في هذا الصراع وبإمكانهما ممارسة ضغوط على الطرفين. ولكنها قالت إن معاملة الطرفين بالتساوي خطأ إستراتيجي للمجتمع الدولي لم ينجح أبدا ، طالما أن حكومة شمال السودان هي المعتدية بشكل واضح في الصراع الأخير كما في أحيان كثيرة في الماضي وقالت إن على المجتمع الدولي التوحد ضد عدوانها . كريستوفر إليس: هل لك أن تعطي لمحة عامة عن تاريخ الصراع بين سكان جنوب السودان الآن والآخرين في السودان الشمالي، وكيف أدى ذلك في النهاية إلى انفصال الجنوب عن السودان في يوليو 2011؟ فريزر: يعود الصراع لأكثر من خمسين عاما، ولكن في العشرين عاما الماضية كانت حربا بين الشمال والجنوب- جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الخرطوم التي يرأسها عمر البشير. أدى الصراع في العشرين عاما الأخيرة إلى مقتل أكثر من مليوني شخص، ولم ينته حقيقة إلا بإبرام اتفاقية السلام الشامل في 2005 وهي التي أتاحت للجنوب بالانفصال. كانت جذور الصراع على مدى السنوات الخمسين الماضية، وتكثفت على مدى السنوات العشرين الماضية إلى حد كبير حول كيفية تهميش حكومة الشمال للمناطق الأخرى، سواء كانت في الجنوب، أو في االشرق أو دارفور في الغرب. هناك مجموعة صغيرة في الوسط، هم جزء من الحكومة، تهمش المناطق الأخرى، وتستغلهم بشكل أساسي لنهب الموارد مما أدى لثورات عدة. كريستوفر: هل هناك بعد عرقي في ذلك؟ فريزر: انها ابعاد عرقية، وعنصرية، ودينية. هناك فرق ديني بين الشمال، والذي هو غالبا مسلم، والجنوب، والذي هو غالبا مسيحي. ومن ثم بين الشمال والجنوب، وهناك رأي بأن هناك شمال عربي، وجنوب أسود أفريقي. اذا ذهبت الى الشمال ووجدت العرب، فلن تدرك أنهم ليسوا أفارقة. لذلك فإن هذا النوع من الاختلاف العرقي ملتبس حقا. من حيث الصراع الآن الذي دفع السودان وجنوب السودان لحافة الحرب، هل يمكن أن نلخص أهم القضايا على المحك؟ القضية الأساسية هي النفط، ومن ثم ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وحقول النفط تقع على طول تلك المنطقة الحدودية. وطالما أن الحدود لم يتم ترسيمها، فإن هناك ادعاءات من قبل الجانبين بأن حقول النفط تابعة لهم. هذا الوضع مركز بصورة خاصة حول بلدة أبيي، التي ليس من الواضح أتنتمي للشمال أم للجنوب. ثم كان هناك قتال دار مؤخرا في بلدة هجليج ، وهي جزء من ولاية جنوب كردفان ، ويبدو أنها في شمال البلاد، ولكن الجنوب يدعي أنها جزء من ولاية واراب الجنوبية. هل هناك “معتدٍ”، في هذا الصراع أم أن كلا الطرفين يقعان تحت طائلة المسؤولية على قدم المساواة؟ لا اعتقد ان كلا الطرفين تحت طائلة المسؤولية، وهذا ما أخطأ فيه المجتمع الدولي في الأسبوع الماضي، عندما أدانوا جنوب السودان عالميا على الخوض في هجليج. هذا الخلاف هو في الواقع حول الحدود، وعلى النفط، وحول العديد من القضايا التي لم تحسم قبل الانفصال. وكان التوتر يتصاعد منذ بداية السنة، وفيه فإنك تجد الشمال يقصف مناطق في ولاية جنوب كردفان، والنيل الأزرق، وهو أساسا يقصف الجيش الشعبي لتحرير السودان قطاع الشمال ، ويستمر في قتاله للمتمردين في دارفور. وواصل الشمال عدوانه لمدة شهور قبل أن يتفجر هذا الصراع الخاص حول هجليج. وبرغم ذلك لم يمكن سماع إدانة المجتمع الدولي للشمال على الإطلاق. وبالتالي بدت لي هذه الإدانة الثقيلة الموحدة للجنوب بسبب ذهابه لهجليج مبالغ فيها، وفي واقع الأمر، فقد خلقت غطاء لمزيد من العدوان الشمالي، وهذا ما نراه الآن بقصف ولاية الوحدة. إن عمليات القصف الجوي هذه وقتل المدنيين ظلت مستمرة بشكل ثابت. وهذا يمثل قتل الشمال لشعبه من جنوبيي دولة الشمال، ثم يذهب الآن لداخل الجنوب ويقوم بالقصف. لذا فإن هناك معتد واضح جدا هنا، وهو شمال السودان، الذي يواصل أفعاله التي ما انفك يقوم بها، هي قصف وقتل المدنيين. إن المجتمع الدولي وموقف الولاياتالمتحدة هو انها سوف تحاول أن تكون الحكم وتعامل كل طرف على قدم المساواة، وهذا خطأ استراتيجي، لم يجد أبدا. في الماضي، كانت الولاياتالمتحدة واضحة جدا في أن الشمال هو المعتدي، والجنوب كان حليفنا وشريك لنا ونحن بحاجة إلى التعامل معه على هذا الأساس. إنه أمر حسن وجيد للاتحاد الافريقي أن يكون حكما محايدا. كانت كينيا لدى التوقيع على اتفاقية السلام الشامل وسيطا محايدا، والولاياتالمتحدة لم تكن الوسيط، ويجب ألا تكون الوسيط لأننا بوضوح منحازين لجانب واحد من الصراع. ما هو دور الصين في كل هذا؟ وكحليف للخرطوم منذ فترة طويلة وكذلك كمشتر كبير لنفط جنوب السودان، هل بإمكانها أن تلعب دور وساطة؟ لا، لا ينبغي لها أن تكون وسيطا، فحالها ليس أفضل من الولاياتالمتحدة. يجب أن تبقى الوساطة ضمن الاتحاد الأفريقي. ولكن الصين والولاياتالمتحدة هما من أهم اللاعبين هنا، من وجهة نظري بإمكانهما ممارسة ضغط على كلا الطرفين. إن بإمكانهما ممارسة ضغط قسري، أي العصا والعقوبات، ويمكنهما أن يحققا أيضا حوافز للطرفين. فبإمكانهما جلب الأشياء التي تحمل الطرفين حملا للحلول الوسط . لذا فإن للصين دور أساسي، وكذلك الولاياتالمتحدة. وسيكون عمل الولاياتالمتحدة والصين يدا بيد أفضل. ما هو دور المجتمع الدولي الأوسع، بما في ذلك الأممالمتحدة؟ الأممالمتحدة مشاركة من جهة وجود قوات حفظ سلام على الارض. إن دور الاممالمتحدة مهم جدا. ولقد كان خاطئا جدا من بان كي مون، والولاياتالمتحدة، والاتحاد الافريقي أن يعنفوا بذلك الشكل جنوب السودان لمجرد توغله في هجليج. فذلك لم يعمل إلا على خلق السياق الذي يقصف فيه السودان الآن ولاية الوحدة. إن دور الاممالمتحدة في الأساس هو حماية السكان المدنيين، من جهة إبقاء قوات حفظ السلام التابعة لها هناك، فضلا عن تقديم المساعدات الإنسانية لأولئك الناس الذين نزحوا الآن والفارين من هجمات القصف من الشمال. وينبغي أن يتحد المجتمع الدولي ضد العدوان الشمالي. كيف أثر قرار جنوب السودان بإيقاف إنتاج النفط في يناير على اقتصادات كل من جنوب السودان والسودان؟ على الأرجح أن يضر القرار جنوب السودان أكثر مما يضر الشمال، ولكنه يؤذي كل منهما. الجنوب يلعب سياسة عالية المخاطر جدا من نوع حافة الهاوية في مواجهة الشمال في محاولة لفرض قراراته. يحاول الجنوب أن يفرض موضوع [مقدرته على أن يجني ثمار إنتاجه الخاص به من النفط، والذي يجب نقله من خلال البنية التحتية في السودان ليتم تصديره] وذلك عبر وقف ضخ النفط، لكنها لعبة عالية المخاطر، وقد أدت في الغالب للمزيد من هذا النوع من النزاعات المسلحة، وهذه التوغلات. وصارت البيئة متوترة أكثر بكثير بسبب ذلك القرار، وبسبب التأثير الاقتصادي. انه لا يضر الشمال والجنوب فقط، انه يضر الصين أيضا. انه يضر البلدان التي لديها امتيازات النفط هناك، والتي كانت تضخ النفط من السودان. لذا فإن للصين الكثير على المحك لمحاولة حل القضية. ما هي بعض النتائج المعقولة لهذا الصراع؟ هل تعتقدين أن كلا الطرفين سوف يعودان الى طاولة المفاوضات؟ المعارك على الارض هي جزء من المفاوضات التي تجري. أحيانا عندما لا تتمكن من الحصول على قرار في طاولة المفاوضات، فإنك تعود إلى بعض عمليات التوغل، وبعض القتال لدعم موقفك. في الأساس، إذا كان بإمكانك تحقيق بعض التقدم في الميدان، يمكنك دعم موقفك على طاولة المفاوضات. لذلك أعتقد أن هذا كله جزء من المفاوضات. المشكلة هي أنها يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة، وتخلق دينامية خاصة بها، الأمر الذي يؤدي إلى حرب شاملة. ولكن لا أتوقع نشوب حرب شاملة. أعتقد أن المفاوضات سوف تستمر. الهدف النهائي هنا، هو أن الجنوب يحتاج إلى أخذ وقفة استراتيجية من حيث قتال الشمال على أرض الواقع. انهم بحاجة الى التركيز على المستقبل الذي هو الاتجاه شرقا بشكل أكبر، أي ربط أنفسهم مع جماعة شرق أفريقيا. معظم التجار في جنوب السودان في الوقت الراهن من شرق افريقيا. هكذا مستقبلهم الاقتصادي والسياسي في المستقبل وينبغي للجنوب أن يتجه شرقا، بدلا من الاتجاه شمالا. لذا فهم بحاجة إلى فصل أنفسهم من الشمال بمرور الوقت، وللقيام بذلك، فإن الجنوب يحتاج ألا يلج حربا شاملة أو يدخل في أنواع من الصراعات العرضية أو المعارك مع الشمال. ولا يعني هذا أن يذعن الجنوب للقرارات الشمالية، ولكنه يحتاج إلى النظر فيما وراء كسب اليوم باليوم والتطلع نحو المستقبل. الطريقة الوحيدة لفصل أنفسهم من الشمال على طاولة المفاوضات، وأن تكون لديهم تلك الوقفة الإستراتيجية على الأرض، وبذل التنازلات الضرورية للخروج من هذه العلاقة. ولكن أيضا كجزء من ذلك، تحتاج الولاياتالمتحدة لتوفير الدفاع الجوي للجنوب. الشمال يقصف المدنيين باستمرار، والجنوب لا يستطيع الدفاع عن نفسه. نحن بحاجة إلى تبني موقف يقول للشمال، “اذا كنت تعبث مع الجنوب، فإنك تتلاعب بالولاياتالمتحدة.” نحن بحاجة الى ان نمنحهم غطاء أمنيا، وجزء من ذلك أن نساعدهم في نظام الدفاع الجوي.