محمد عبد الله برقاوي.. كالعادة .. تصل رسائله الى أصدقائه ومحبيه ، قبل بذوع فجركل جمعة ، وكأنها الصدقة الجارية بحب الخير للكل في حياته ، لما تحمله من طيّب الدعاء الروحي ومعاني الوفاء الخالص لهم رغم المسافات والبعد الزمني الذي يفصل بين مرات التلاقي ! كانت رسالتة في صبيحة الجمعة الفائتة عجيبة في كلماتها عميقة في مضامينها ، قوية في ايمانياتها التي تنضح بها روحه الشفافة ، ويمتليء بها قلبه النابض بحب الله ورسوله و الجميع ! كانت تقول .. قمة العظمة ان تبتسم وفي عينيك الف دمعة ..وقمة الصبر أن تسكت وفي قلبك جرح يتكلم ..وقمة الوفاءأن تتذكر من أسدى لك معروفا في زمن النكران..وأعلى مراتب القمم أن تترك شيئا لك ويعوضك الله خيرا منه..جمعة طيبة مباركة ..! وحينما اردت ان ارد اليه التحية مساء السبت كان هاتفه مغلقا ، ثم عاد هو واتصل بي في الواحدة صباحا، قال انه و مجموعته خارجون للتو من عطبرة ، ! اوصيتهم خيرا بانفسهم وهم يشقون ذلك الطريق وسط عتمة المساء الدامسة ! فطمأنوني بانهم سيأخذون الحذر ، ولم يكن نادر خضر وهو يحدثني عن حرص صديقه محمد الطيب ورزانته في قيادة السيارة، وبقية أصحابه يستمعون ولا يعلمون ما ينتظرهم في طيات القدر عند قادم الطريق ! مثلما لم أكن ادرى انني اسمع صوته وهو يمتلي بحيوية التفاؤل للمرة الأخيرة مقبلا على بسمة الدنيا الخادعة ويعبرخلفها المسافة المتبقية في مشوار حياته القصير، هو ومن معه من رفاق النغم ، ورفقة الترجل عن ظاهر الأرض الى باطنها الذي نحسب أنه موئل الرحمة والمغفرة واستعاضة شباب الزائلة بخلود نضار الدائمة باذن الله ! كان نادرا بارا بابيه وسيجزيه الله جنته من تحت أقدام أمه بمشيئته تعالى وقد سبقاه الى رحابه الرحيب ، وستسيل دمعات أخواته المكلومات واخوانه المفجوعين و اصدقائه المذهولين و محبي فنه الميتمين ، انهارا تبرّد نسماتها مسكنه مع رفاقة في فراديس الصديقين والشهداء ! لا زال صدى كلماتك يرن في مسمعي ، وكم اشقاني لحنك الأخير بعد فراقك المفاجيء بنحو ساعة أو أقل ياحبيبو ! فنم هانئا في قلوب الكل ، لتحيا بصوتك الطفولي العذب وأنت تعبيء مسامات الوجدان بفنك الراقي وحسك الانساني الفنان ،وتتراقص صورتك الصبوحة في كل العيون ، فما زلت حيا بذكراك ، وان ذهب الجسد ليمتزج بتراب الوطن الذي أحببته فعّجل بضمك اليه ، ملحا نقيا من الشوائب ليغذي غرسات الحياة والخضرة من بعدكم أنت والرفاق الميامين في كل ممرات البلد ! لك ورفاقك الف رحمة من المولي .. وكل الحب ، منا ما حيينا ، حتى نلتحق برفقتكم في ديار الحق ، فما اتعسنا من بعدكم في جحيم الباطل! وانا لله وانا اليه راجعون.. [email protected]