أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    لجنة تسييرية وكارثة جداوية؟!!    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    المريخ يتدرب بالصالة    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير اقتصادي حسن ساتي : الحكومة تربح من المحروقات (4.5) مليار وحديثها عن دعم مجرد لعب على العقول
نشر في حريات يوم 13 - 06 - 2012

ذكر الخبير الإقتصادي حسن ساتي ان الأموال المنهوبة والمودعة في ماليزيا تساوي (13) مليار دولار .
وأكد في حوار مع صحيفة (آخر لحظة) ان حديث حكومة المؤتمر الوطني عن دعم المحروقات ليس سوى لعب على العقول ، حيث تربح من المحروقات (4.5) مليار جنيه بحسب أرقام الميزانية الرسمية .
(نص الحوار أدناه) :
(حوار: عيسى جديد -– آخر لحظة)
كيف تشخص الحالة الاقتصادية السودانية الراهنة؟
- الاقتصاد كعلم له معالجات خاصة به حتى ينمو ويستمر ويحقق أهدافه، وهذا النمو يحتاج إلى سياسات معينة، وإذا كان الاقتصاد يعاني من التضخم بمعنى زيادة الأسعار، فهو أيضاً يحتاج إلى معالجة معينة، وكذلك حالات الركود، والاقتصاد السوداني فى هذه الحالة الراهنة إذا أردنا تشخيصه فيمكن القول إنه يعاني أخطر أزمة منذ الاستقلال ويمكن وصفها بأن الاقتصاد السوداني يعاني من ركود تضخمي، بمعنى أنه جمع بين حالتين، هما الركود في الإنتاج والتضخم في الأسعار، وهذه الحالة من أصعب الحالات معالجة، لأنه إذا ركزنا على التضخم نكون قد أشعلنا نيران الركود أكثر وفاقمنا منه، ولأن السياسات التي تتم بها معالجة التضخم لها آثار سلبية على الركود، بمعنى آخر أن معالجة الركود بسياسة انكماشية لها أثرها على الإنتاج، وإذا أردنا معالجة الركود فهو يعالج بسياسة توسعية، بمعنى تحريك القطاعات الإنتاجية، وهذه السياسة التوسعية لها آثارها على التضخم لأنها تشعل نيران الأسعار…
مقاطعاً: إذن نحن ما بين نارين.. ما هو الحل للخروج من هذه الحالة الاقتصادية المطبقة؟
- جيداً هذا ما سوف أقوله لك، في هذه الحالة يجب النظر إلى أيهما أولى بالعلاج وله آثار إيجابية في المدى البعيد، بشرط أن يكون وفق خطط وسياسات تطبق ولا يحاد عنها لضمان نجاحها، ولابد من بناء سياسات متكاملة كحزمة اقتصادية واحدة وتنفيذ الخطة الخمسية التي تم الحياد عنها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والزيادات لن تخرجنا من المأزق الاقتصادي، بل ستفاقم المشكلة وتنعكس على الإنتاج الصناعي والزراعي والسلع.
تعويم الجنيه السوداني هل هو المخرج لتحديد سعر الصرف؟
- بتحليل سياسة تعويم الجنيه السوداني يمكن أن نقول إنها جزئية صغيرة جداً من السياسات الكلية للاقتصاد لتحديد سعر الصرف، ولها آثار إيجابية في تحريك الصادرات خاصة أن صادرات السودان اليوم تكلفتها أعلى من الأسعار العالمية، وسعر الصرف يحسن فرص تسويق الصادرات السودانية، وتعويم سعر الصرف يرفع من سعره لأنه يتحرك حسب العرض والطلب، ولكن هناك سؤال هو أن هذه الصادرات في الأول لابد من إنتاجها لتعود بالفائدة المنتظرة منها لحل مشكلة النقد الأجنبي، والآن نحن في بداية الموسم الإنتاجي وهذه السياسة ستكون ناجعة لو أعلنت من قبل واستصحبت بسياسات مالية واقتصادية وتجارية محفزة للإنتاج، فالتعويم بغير ذلك لن يحقق الأهداف، لأن الإنتاج لم يكن بالمستوى المطلوب حتى الآن.
إذا كان الناتج المحلي يكفي الاحتياجات المحلية بحسب تقارير الحكومة، فلماذا يرفع الدعم؟.. وهل وقف السلع الكمالية وزيادة الصادرات يساهم في تخفيف الأزمة الحالية؟
- أولاً غير صحيح أن الناتج المحلي يغطي الاحتياجات المحلية، بدليل سياسة الاستيراد للمواد الغذائية، فمثلاً في هذه السنة نحن محتاجون لاستيراد مواد غذائية ما قيمته (4) مليار دولار، بينما كل صادراتنا الحالية مقدرة فقط ب(2) مليار ونصف، إذن كل صادراتنا ليست كافية لتغطية فاتورة الغذاء المستورد، والغذاء المستورد ضرورة خاصة في هذه السنة بالذات، ولابد للحكومة أن تقوم بتوفير أقل حاجة مبلغ (4) مليارات دولار للاستيراد لكافة أنواع الغذاء من الدخن إلى السكر إلى القمح إلى زيت الطعام، لأن الموسم الزراعي الصيفي السابق كان فاشلاً، وما أنتج من غذاء من ذرة ودخن وحبوب زيتية هو 30%من متوسط الإنتاج السنوي، لأن الخريف كان غير جيد في منطقة القضارف وفي النيل الأزرق بحسب الأحداث الأمنية، فالذي زرع لم يحصد وينطبق هذا على ولاية جنوب كردفان، رغم أن الخريف كان جيداً لكن المزارعين لم يزرعوا، والذين زرعوا لم يحصدوا بسبب الأحداث الأمنية، فضاع الموسم الزراعي، واستطيع أن أقول إننا مواجهون بمجاعة وإن مظاهرها واضحة الآن، فشوال الذرة في الشمالية أصبح ب(260) جنيهاً وفي بعض المناطق وصل إلى (300) جنيه، وهذا لم يحدث في تاريخ السودان…
مقاطعاً: كيف تتحدث عن مجاعة قادمة وهناك حديث يطمئن عن المخزون الإستراتيجي بالبلاد؟
- أين المخزون الإستراتيجي، ولماذا ارتفعت الأسعار إلى هذا الحد وتفاقمت الأزمة الاقتصادية ولماذا لم يتم انزاله إلى السوق لامتصاص الطلب والنقص، هذه أسئلة في مواجهة من يقول إن هناك مخزوناً إستراتيجياً لمعالجة الفجوة الغذائية وارتفاع أسعار الحبوب، الحديث عن المخزون الإستراتيجي وعن ال(3) ملايين جوال ذرة لا يطمئن، فالسودان يحتاج إلى (20) مليون جوال ذرة، فعلى الأقل أن استهلاك الذرة والدخن في السودان حوالى (2) مليون طن واضربها في عشرة تكون (20) مليون جوال، وهؤلاء يتحدثون عن ثلاثة ملايين جوال أو خمسة ملايين، فلمن تكفي؟.. فنحن الآن في شهر يونيو والأسعار في زيادة والجوال الآن للذرة وصل (300) جنيه، كيف تتم قراءة ذلك اقتصادياً، وهل هذا يطمئن بوجود مخزون إستراتيجي أم يمنحنا قراءة ومؤشراً واضحاً لمجاعة قادمة؟.. ويمكن القول إن وسط السودان أصبح لا يعتمد على الذرة كغذاء أساسي لكن ماذا عن كردفان ودارفور والناس لا يشعرون بالمجاعة مباشرة، لأنهم يجدون غذاءهم يوماً بيوم، ولأن الرغيف أصبح متوفراً وأرخص وأسهل للتناول، وهذا ما أخر شبح المجاعة، وللأسف الشديد أن الحكومة بدلاً أن تتخذ سياسات اقتصادية متكاملة لمعالجة هذه الأزمة وتحفيز وتحسين الصادرات لتحقيق هدفين، الهدف الأول الاكتفاء الذاتي من الكثير من السلع التي نستوردها خاصة الغذائية، والهدف الثاني تحقيق صادرات كبيرة لتوفير حاجتنا من النقد الأجنبي .
خاصة أن هناك عجزاً ما بين وارداتنا وصادراتنا هذا العام 2012م يقدر بحوالي (6) مليارات دولار، ووارداتنا مقدرة في الميزانية العامة ب(8.600) مليار دولار وصادراتنا مقدرة ب(2.500) مليون دولار، إذن العجز في وارداتنا ب(6) مليارات دولار ولابد من تغطيتها بتحفيز الإنتاج وتحفيز الصادرات، لهذا أقول إن أزمتنا الاقتصادية فى المقام الأول أزمة إنتاج وأهم حاجة هى تحريكه .
وتسهيل مدخلاته الزراعية والصناعية والتجارية.
إذن ما هي المشكلة إذا كان الأمر واضحاً بهذه الطريقة تشخيصاً وحلاً للأزمة الاقتصادية، هل الخطأ في القرارات والسياسات أم في متخذي القرار من السياسيين؟
- المشكلة في السياسات التي أنتجتها الحكومة، فهي دمرت الاقتصاد والإنتاج معاً، بمعنى أننا اليوم نعاني من أزمة غذائية وليس لدينا إنتاج رغم وفرة الماء والأرض وكل المقومات الزراعية والإنسانية، فعدم الاهتمام بالجانب الزراعي أدى إلى انهيار أكبر مشروع زراعي وهو مشروع الجزيرة الذي دمر تماماً ولم يلتفت إليه فى ثورة النفط الذي تم استخراجه وعدم استخدامه في ترقية المشاريع الزراعية، السكر أيضاً، فنحن كنا ننتج ومكتفين ذاتياً، الآن محتاجون لمليون طن استيراد لتغطية الحاجة من السكر والإنتاج للسكر متذبذب، فمن 750 ألف طن انخفض إلى 500 ألف طن، ودعني أرجع لك إلى لغة الأرقام، حيث إن الأرقام لا تكذب وهى تؤكد أن الاقتصاد السوداني منهار ويمر بأزمة حادة، وإليك رقمان وقارن بينهما عن حجم الناتج المحلي الإجمالي أو ما يسمى الدخل القومي في سنة 1990 م كان (190) مليار جنيه، وفي سنة 2010م والسودان ما زال قطراً واحداً ولم ينفصل الجنوب، والاقتصاد لو كان نامٍ لنعكس على حجم الإنتاج لكن حدث العكس، فالإنتاج انخفض إلى(160) مليار جنيه!!.. ورغم ذلك الحكومة تتدعي أن الاقتصاد متنامٍ بينما هو غير ذلك والمعلومات تم بناؤها على هذا الأساس، نأتي إلى نسبة التدهور، فنجد في سنة 1990م أن عدد السكان (25) مليون نسمة، وعندما انقسم (190) مليار، نصيب الفرد من الدخل القومي نجد متوسطه 7.600 جنيه، وفي سنة 2010م السكان عددهم أصبح (40) نسمة والدخل القومي (160) ملياراً وعند القسمة نصيب الفرد من الدخل القومي 4.50 جنيه، إذن نسبة التدهور الاقتصادي سنة 2010م مقارنة بسنة 1990م نجد أنها تدنت 47% رغم أن الاقتصاد لسنة 2010م يتضمن إيرادات البترول بعكس اقتصاد 1990م، وفي سنة 2011م بلغ تدهور الاقتصاد نسبة 3%بالتالي أصبح حجم التدهور 50%وهذه أرقام واضحة وحقيقية تعبر عن حجم التدهور الاقتصادي وأثره المباشر على الحياة، السؤال هنا ماذا عن عام 2012م الحالي!!
في قراءة للأرقام، هل هناك مؤشرات للنمو؟
- كل المؤشرات الحالية تشير إلى أن سنة 2012م ستكون الاسوأ، وحجم التراجع سيبلغ على الأقل 13%،
إذن هناك مشكلة وأزمة قرارات وتشمل الجهازين التنفيذي والسيادي في اتخاذ الحلول الناجعة والالتزام بها وليس في التصريحات والمهدئات الوقتية لأزمة عميقة متجذرة وتحتاج إلى سياسات اقتصادية متزنة بواسطة خبراء ومتخصصين وليسوا سياسيين!!
جاء بمجلة «الايكونوميست» البريطانية في يناير هذا العام وهي مجلة اقتصادية متخصصة، تقرير عن الاقتصاد العالمي وصنفت الدول إلى دول ذات اقتصاد متنامٍ وجاءت على رأسها ليبيا وتوقعت أن معدل نمو اقتصادها سيكون 20%ومجموعة ذات اقتصاد متراجع وعلى رأسها السودان، وجاء ذلك بمعدل 10%لكني أقول وبحسب قراءتي إن اقتصادنا سيتراجع بأكثر من 10%وبحساب بسيط وبمعلومتين تفيدان بأن الاقتصاد سوف يتراجع، أولاً فاقد بترول الجنوب 50%منه تساوي 4.5% من الدخل القومي، وبالانفصال فقدنا هذه النسبة، ثانياً فشل الموسم الزراعي الصيفي هذا العام، فمساهمة الزراعة المطرية التقليدية والزراعة المطرية الآلية في الناتج المحلي الإجمالي أو الدخل القومي 12%هذا الموسم كل التقديرات تؤكد أنه فقد 75% من مساهمته، بمعنى أن الإنتاج كان حوالى 25%فقط من متوسط الإنتاج السنوي، إذن نحن بفشل الموسم الزراعي فقدنا 9%وفي البترول 4%وبجمعهما تصبح النسبة 13% وإذا افترضنا أن باقي القطاعات ممتازة، ومع ذلك الحكومة تنكر هذا الوضع السيء جداً والاقتصاد المتراجع وبلغة الأرقام التي ذكرناها، وترويجها بأن الاقتصاد ينمو أضر بها، فبدلاً من أن تعالج المشكلة، ساهمت في تفاقمها وتداخل القرار السياسي مع الاقتصادي، السودان كان يستورد غذاء بما يعادل 72 مليون دولار سنة 1990م والفاتورة ارتفعت في سنة 1999م إلى 270 مليون دولار، وفي 2010م ارتفعت إلى 2.300 مليار دولار وفى النصف الأول من 2011م بلغت 2 مليار دولار وحتى نهاية السنة 2012 ستبلغ أكثر من 3 مليارات دولار، وهذا دليل كافٍ على أن هناك خللاً وعدم إنتاج وزراعة منهارة، وهذه السنة سوف نستورد ذرة ودخناً ونحن من أكبر الدول المصدرة لزيوت الطعام.
ما هي تداعيات قرار رفع دعم المحروقات؟
- أكبر دليل على أن الحكومة غير واعية للحالة الاقتصادية التي شخصتها الآن واتخاذها من السياسات والقرارات التي تفاقم من الأزمة الاقتصادية، قرارها الأخير بالاتجاه إلى رفع الدعم عن المحروقات وزيادة الأسعار وهذه من السياسات الخاطئة والتي ستدمر الاقتصاد السوداني وقد تحرق حتى الحكومة…
مقاطعاً: كيف لهذه القرارات أن تحرق الحكومة؟
- أولاً لأنها غير سليمة لمعالجة الأزمة ولكن الأهم أن الحديث عن أن المحروقات كانت مدعومة والآن سيتم رفع الدعم عنها غير صحيح وخطأ، لأن المحروقات غير مدعومة بدليل إذا رجعنا إلى الميزانية العامة وفي قطاع النفط، نجد أن أرباح النفط في الايرادات 4.5 مليار، بمعنى أن النفط محقق هذه النسبة من الأرباح فكيف يحتاج إلى الدعم !!
الدعم يكون لقطاع لا يحقق أرباحاً، قطاع خسران وليس لقطاع رابح، فبيع البترول للمواطن السوداني بسعر أقل من تكلفته، هذا يعني أنه مدعوم ولكن أن تبيعه بسعر أعلى من تكلفته وفيه أرباح خيالية، إذن لا يمكن أن يكون مدعوماً خاصة في الميزانية العامة التي توضح أن أرباح البترول في الإيرادات محققة 4.5 مليار!!.. فكيف حقق هذه الأرباح وهو مدعوم؟.. سؤال كبير جداً جداً، إذن الحديث عن دعم المحروقات هو ضحك على عقول الناس، ثانياً وأكثر توضيحاً لغير الاقتصاديين وللمواطن البسيط وبحساب بسيط، من ناحية التكلفة إن برميل الجاز يخرج من المصفى بما قيمته 15 دولاراً وبضربها في 3 جنيهات الناتج 45 جنيهاً، زائداً 25 جنيهاً أرباحاً، الناتج 70 جنيهاً، وإذا بيع بهذا السعر الحكومة رابحة لكن اليوم البرميل يباع ب320 جنيهاً، فكيف يكون مدعوماً؟.. وحتى إذا ضربنا ال15 دولاراً في 6 بسعر السوق الأسود، الناتج 90 جنيهاً وبزيادة 25 جنيهاً، الناتج 115 أيضاً هم رابحون، وهذه لغة الأرقام وواضحة، إذن هي أسباب ستقود إلى حرائق وليس حريقاً!!
لماذا فشلت المعالجات الاقتصادية لمشاريع التنمية؟
- لذات الأسباب التي ذكرتها سابقاً، بالإضافة إلى عدم توظيف أموال البترول الذي تكمن أهميته في أنه مصدر للإنتاج والكهرباء، وكذلك للإنتاج في المشاريع الزراعية والتي تحتاج إلى الاثنين البترول والكهرباء، وأحد أسباب تراجع الإنتاج الزراعي في السودان هو أن الحكومة همها كله متمثل في الإيرادات و(عايزة فلوس) سريع جداً، ولهذا ظلت ترفع في المحروقات، وسنة 1989م البرميل كان ب50 جنيهاً والبترول لم يستخرج بعد، وبعد استخراجه بدأ يزيد سعره، والنتيجة الحتمية لزيادة الأسعار هو التدمير لقطاع المشاريع الزراعية والاقتصادية وحتى قطاع النقل والمواصلات، وبزيادة المحروقات يكون القضاء أكثر على المشاريع الزراعية، لأن الاعتماد الأساسي فيها على المحروقات، أما الكهرباء فهي أغلى كهرباء بالمنطقة رغم سد مروي، والكهرباء من أهم احتياجات المشاريع زراعية أو صناعية!!
وإذا رجعنا إلى الميزانية العامة لسنة 1991-1992 لم يكن فيها بترول، الإيرادات الذاتية كانت 30 مليار ، والإنتاج الزراعي ممتاز ومشروع الجزيرة ممتاز وبدون بترول لأن السياسات جيدة ومنفذة بقوة، وهذا الاقتصاد الذي وفر 30 مليار بدون إعسار، هو ذات الاقتصاد في 2012م وحتى عندما كان عندنا بترول وعلى حسب تقديرات المالية وفر 23 مليار ، والبترول مساهم فيه 4%وعندما نأخذ نسبة البترول سيكون 17 مليار مقارنة بما سبق، والمشكلة أنه حتى هذه الميزانية توجد أزمة ومبلغ 23 ملياراً المقدرة لن يتحقق، وفي تقديري أن الإيرادات التي يمكن أن تتحقق في هذه الميزانية بدون ما يتم رفع الضرائب أو زيادة المحروقات حوالى 15 مليار.
لماذا حدث هذا العجز في الميزانية رغم دخول البترول؟
- ميزانية الدولة في السنوات الأخيرة لم تدخل في الاقتصاد حتى القروض والاستثمارات لم تدخل بصورة مباشرة في الاقتصاد، وتؤثر عليه بقدر يسير، ودليلي على ذلك تقرير البنك الدولي والذي جاء فيه أن السودان دولة مصابة بلعنة البترول.
وماذا يعنى بذلك؟
- يعنى أن هناك موارد ضخمة توفرت للسودان في شكل بترول واستثمارات وقروض ولكنها لم تستثمر في الاقتصاد، وذهبت في الصرف على الأجهزة الأمنية والدفاع، وكذلك الترهل الإداري والصرف على الحكومة التنفيذية والسلطة التشريعية صرف من لا يخشى الفقر، وبعد أن تم إنتاج البترول لم تجد المشروعات القائمة الدعم اللازم وإعادة التأهيل، والمثال مشروع الجزيرة وكذلك المصانع المنتجة للمواد المختلفة، الآن 60% منها مغلقة و40% منها تعمل بنصف طاقتها، إذن هما قطاعان في السودان، الزراعي والصناعي وإنتاجهما أصبح ضعيفاً رغم أنهما كانا يساهمان بما يقدر ب 70%من الناتج المحلي، ويوفران رزقاً ل 80%من المواطنين، الآن هناك هجرة جماعية للمزارعين للمدن، لأن الريف أصبح طارداً ولا يوفر الرزق، بالإضافة إلى الحروب التي طالت بعض الولايات مما زاد من الصرف على الدفاع والأمن، وهذا أثر على الإنتاج، فالحل العسكري مكلف وأجله الزمني لا ينقضي بسرعة، بالتالي هو استنزاف للموارد، وهكذا امتدت الأزمة الاقتصادية لتشمل السياسة والاجتماع وأصبحت مثل كرة الثلج !!
واستطيع أن أقدر لك الأموال التي تدفقت على السودان في الفترة 1990م إلى 2012 م بحوالي 100 مليار دولار، بمعنى آخر حوالى 10 مليارات في السنة.
سد مروي مصمم لإنتاج كهرباء ويعزز مشروعاً زراعياً لحوالى 2 مليون فدان بالري الانسيابي بميزانية مقدرة الأراضي الزراعية بالولاية الشمالية تقدر بخمسة ملايين فدان وحتى الآن الري الانسيابي لم ينفذ والكهرباء نتاجها لم يبلغ حده والمقدر 1200 كيلو واط، الآن ينتج حوالى 800 كيلو واط والتكلفة 1.800مليار دولار، وفي آخر تقرير لوزير المالية للميزانية ذكر فيه أن سد مروي كلف 4 مليارات حتى الآن ونسبة التنفيذ فيه 4%السؤال أين ذهبت هذه الأموال؟.. ولنقارن تكلفة المقيواط لسد مروي والذي يساوي 5 ملايين دولار بينما الميقواط لكهرباء الإنتاج الحراري لا يكلف أكثر من مليون دولار، سد الألفية عندما يكتمل مقدر أن إنتاج الكهرباء للميقواط سيكون حوالى 900 ألف دولار، وهنا يكلف 4 ملايين دولار!!
الآن يمكن أن نقول إننا وصلنا إلى حالة انهيار والموارد المتاحة لا تغطي أكثر من 50%من إدارة الدولة من المرتبات والمصروفات، الحكومة الآن تدفع ثمن الإدارة السيئة للاقتصاد،
نسبة الفقر في السودان بلغت 95% ونسبة البطالة بلغت 60%وهذا الوضع الاسوأ في السودان، لهذا السودان صنف كأفشل دولة في الدوائر الاقتصادية الأجنبية، وكذلك أن الفساد يلعب دوراً كبيراً في ذلك، وجاء في مجلة ماليزية اقتصادية أن الاستثمارات السودانية بلغت 13 مليار دولار، السؤال لمن هذه الدولارات وهذا مصدر لا غبار عليه!!
إذن بعد رسم هذه الصورة القاتمة للاقتصاد السوداني، ما هي أنجع الحلول للخروج من الأزمة الراهنة؟
- لابد أولاً من إيجاد حل للتداعيات السياسية التي أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد، واقصد حالات الحروب التي استنزفت الموارد المالية في الصرف عليها، كذلك مسألة الترهل الإداري للحكومة، فوزير المالية تحدث عن تخفيض مخصصات الدستوريين، بينما الواجب تخفضيهم هم أنفسهم، فلماذا هذا الجيش الجرار الذي يستنزف خزانة الدولة دون أن يكون له مردود إيجابي على كافة المستويات، فالحكومة الاتحادية يجب أن تكون رشيقة بحيث يكون عدد وزرائها لا يتجاوز 15 وزيراً فقط لإدارة البلاد وليس أكثر من 70 وزيراً ما بين وزير دولة ومستشارين ومساعدين، فنظام الترضيات السياسية أضر بالوضع السياسي وانعكس اقتصادياً على البلاد، وأيضاً نريد سياسة موجهة لتوظيف الموارد المالية نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطبيق الخطة الخمسية التي توفرت لها الموارد ولكنها لم توظف رغم وجود أهدافها التي يعرفها الجميع، والتي لم تتحقق وتناقصت الأرقام عن ما كانت عليه، بعد الخطة، والآن الذهب عنصر جديد وحتى لا نفقد دخله وقيمته علينا توظيفه بطريقة صحيحة وعدم التعامل معه بذات الطرق السابقة، فيضيع كما ضاعت موارد البترول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.