مهما تعددت صور القمع والارهاب والاعتقالات والتعذيب من ناحية وصور التودد والترغيب والوعود المخملية من ناحية اخرى لمواجهة الثوار لن تجدى نفعاً مع شعب له تجارب سابقة فى فنون اسقاط الانظمة فقد فعلها فى اكتوبر 1964م وابريل 1985م وصارت تلك الانتفاضتين علامة فارقة وتحول فى تاريخ النضال الجماهيرى وهذه هى الانتفاضة الثالثة التى انتظمت مدن السودان المختلفة فى تلاحم شعبي فريد تتشوق لتحقيق الحرية والكرامة والتحول الديمقراطى وتحقيق دولة المواطنة العادلة . ان خطاب الرئيس البشير الذى القاه امس واعترف فيه بالفشل وقال ان مواجهة الشعب بالحقائق هى خطة المرحلة نحو الاستقرار الاقتصادى هو مخجل ويعبر عن حالة الارتباك التى تعترى النظام فلماذ لم يواجة الرئيس الشعب بالحقائق طيلة سنوات الحكم التى امتدت لنحو ثلاثة وعشرين عاماً ولماذا لم يتودد للشعب طيلة هذه السنوات سوى الان لحظة التغيير الحتمية , لكن التاريخ يعيد نفسه فبالامس قال الرئيس التونسى بن على نفس الحديث وبعده القذافى ثم الرئيس المصرى حسنى مبارك ومن بعده الرئيس اليمنى الذى قال لشعبه فاتكم القطار فاين هم كلهم الان فالطغاء لا يدركون حقيقة التاريخ الا بعد ان تقترب نهايتهم . ماذا جنى الشعب السوداني طيلة فترة الحكم الممتدة لثلاثة وعشرين عاماً هل تحقتت الوحدة والسلام والاستقرار هل توقف اراقة الدماء والتشرد هل توقفت الحرب وهل عاد المزارعين الى مزارعهم من معسكرات النزوح واللجوء واستقروا فى قرارهم والاطفال هل عادوا الى مدارسهم . ان الشعب لم يجنى سوى الضياع وتسلق المنافقين واللصوص ليسرقوا قوتهم واموالهم تحت حمايتك ورعايتك فالان هذا الشعب يقول كلمته فيك وفى نظامك انه يريد اسقاطه وتغيره بنظام ياتى بارادتهم لاخذ حقوقهم المسلوبة والمنهوبة , ومن قبل قلت ان الشعب ان خرج فى مظاهرات رافضة لك فانك سوف تتنحى عن الحكم , فهم خرجوا وقالوا لا فالافضل ان تتنحى الان قبل فوات الاوان فسياسة الترهيب والترغيب لن تجدى نفعاً مع شعب ان قال لا فلا يتراجع عن قراره .