٭ أذكر عام 8791م وقع في يدي كتاب «نبع الينابيع» للصحافي والقاص المصري عبد الله الطوخي.. وعبد الله الطوخي عرفه العالم العربي ككاتب قصة من خلال الصحافة المصرية وهو سياسي ومناضل تقوده قناعاته بالاشتراكية والوصول الى مجتمع الكفاية والعدل. ٭ مع متابعتي لما يدور في المجتمع المصري منذ رحيل القائد البطل جمال عبد الناصر والى نتائج الانتخابات الاخيرة التي دفعت بمحمد مرسي الى كرسي الرئاسة.. وأنا أطالع مجموعة أعمال أحمد عبد المعطي الحجازي الشعرية وقفت مليئاً عند قصيدة حجازي.. «عبد الناصر» التي نظمها عام 6591 ورددت مع حجازي: فلتكتبوا يا شعراء انني هنا اشاهد الزعيم يجمع العرب ويهتف الحرية.. العدالة.. السلام وفي آخر القصيدة يقول: يا شعراء يا مؤرخي الزمان فلتكتبوا عن شاعر كان هنا في عهد عبد الناصر العظيم ٭ في هذه اللحظات فجأة قفزت الى مقدمة ذاكرتي رحلات عبد الله الطوخي في «نبع الينابيع».. الرحلات الثلاث في نهر النيل.. التي قدم من خلالها نموذجاً فريداً من أدب الرحلات. ٭ قمت الى المكتبة وبحثت عن نبع الينابيع طويلاً فقد طال عهدي به.. وحملته بين يدي في شوق أجّجه جور الزمان وتراجع الحديث عن العدالة الاجتماعية. ٭ عبد الله الطوخي كان يحمل احساسه بقضية العدل الاجتماعي تميمة طوال الرحلات.. فهو يتأمل اختلاف الدرجات الاجتماعية داخل وسائل المواصلات.. وعندما تشمخ أمامه مسؤولية الكتابة الصحفية يقول: «أحسست بالخجل.. كأنني مذنب.. وضحكت فجأة وقلت هذه الحساسية كفاك منها.. أودت بك الى السجن مرة واودت بعدك وقبلك باصدقاء كثيرين.. غريبة هذه الحكاية.. قضية العدل الاجتماعي هذه.. هل ستظل هكذا قائمة حتى تأكل عمرنا كله حاجبة عنا قضايا الانسان الاخرى المجنحة»؟ ٭ هكذا ينشغل الطوخي بقضية العدل الاجتماعي لكنه يتوق أيضاً للانشغال بقضايا الانسان الاخرى ويقول: «لماذا أنا هكذا دائماً مبدد بين الرغبة العارمة في التلاشي حتى الموت وبين الانتشار شعاعاً حياً يضيء ويستضيء بكل ما في الحياة؟ وتندفع هذه المشاعر والأفكار الى مداها عندما يلتقي «بالهيبيين» القادمين من اوربا وراء احلام الخلاص بالبحث في الآثار أو أسرار الشرق.. فيقول: الطوخي: «اما انا المصري» ان كنت حقاً جديراً بهؤلاء الاجداد فلاصنع عصري.. ان استطعت اقامة تماثيل جديدة.. تماثيل لاناس بسطاء رأيتهم أمامي يعيشون كل نضالات ومعاناة الصراع الانساني مع ذلك النهر العاتي. ٭ وضعت «نبع الينابيع» بعد ان قررت اعادة قراءته ثانية لكن قلت يا ترى في مقدور مجلة «صباح الخير» ان تقدم وثائق اجتماعية جديدة كما فعل عبد الله الطوخي في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي.. فقضية العدالة الاجتماعية ما زالت ملحة. هذا مع تحياتي وشكري