شاهد بالفيديو.. جنود بالدعم السريع قاموا بقتل زوجة قائد ميداني يتبع لهم و"شفشفوا" أثاث منزله الذي قام بسرقته قبل أن يهلك    الجزائر تتفوق على السودان بثلاثية نظيفة    سهير عبد الرحيم تكتب: ماحدث في نيويورك    شاهد بالفيديو.. الفنان محمد بشير يرقص بطريقة مثيرة على موسيقى الأغاني الخليجية    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    البرهان يزور تركيا بدعوة من أردوغان    المريخ يحقق الرمونتادا أمام موسانزي ويتقدم في الترتيب    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    جنوب إفريقيا ومصر يحققان الفوز    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    سيدة الأعمال رانيا الخضر تجبر بخاطر المعلم الذي تعرض للإهانة من طالبه وتقدم له "عُمرة" هدية شاملة التكاليف (امتناناً لدورك المشهود واعتذارا نيابة عنا جميعا)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تفاجئ الجميع وتدافع عن الطالب الذي أهان معلمه بالرقص أمامه: (ما شفت رقصه قلة أدب ولا عدم تربية وانتو خالطين بين الاحترام والخوف وبين التربية والقسوة)    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    وفاة مسؤول بارز بناد بالدوري السوداني الممتاز    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهو يُحارب سُكان سَلطنتي دَارفُور وسِّنار؛ أيّ إسْلام يَحكم الإنقَاذ به السُوودان؟
نشر في حريات يوم 25 - 07 - 2012

يشن نظام حزب المؤتمر الوطني الإسلامي اليوم حرب جهاد ديني مرفق بوحشية لا يفهم دوافعها على سكان من قيل انهما أول سلطنتين إسلامتين في السودان ؛ هما سلطنة دارفور وعاصمتها الفاشر ؛ وسلطنة الزرقاء وعاصمتها سنار ؛ فيما يقول الحزب إنه يدير دولة إسلامية ويعلن الدكتاتور إنه بصدد تطبيق محكم لقوانين الشريعة الإسلامية في البلاد .
لا يكفي فقط سؤال بأي شريعة كان الدكتاتور البشير يحكم السودان طوال 23 سنة؟ بل ما ماهية هذا النوع من الإسلام الذي يحكم به أصلا ؛ ويبشر بتطبيق قوانينه ؟ وأي إسلامية لدولة في السودان لا تعتبر دارفور وسنار جزء من مكونها وجذورها الفكري الثقافي ؟.
في الحقيقة نوع إسلام حزب المؤتمر الوطني لا يعبر عن مفهوم واعتقاد المسلمين السودانيين لما هو إسلام ؛ ولا يمكن أن يعتبر إمتداد لماضي السلطنتين الاسلاميتين في غرب و شرق البلاد .
شعوب سلطنتي دارفور والزرقاء ؛ وهم- من قيل أن- أسلافهم أسس و حكم دويلات إسلامية في الماضي ؛ ومَن هم لا إسلام في السودان ولا مسلمين بدونهم ؛ يتأكدون في مطلع كل شمس غرابة هذا النوع من الإسلام الذي يبشر به ويتبناه نظام حزب المؤتمر الوطني الإبن الشرعي الإخوان المسلمين/ للجبهة الإسلامية في السودان.
علما أن سكان سلطنتين دارفور وسنار حتى اليوم مسلمون !!؛ يصلون ويصومون ويقومون بكل ما يلزم المسلم القيام به ؛ إلأ أنهم ظلموا وتم تميزهم ثم شنت حرب الجهاد بحقهم .
فيما ندعو اليوم نحن أبناء وبنات تلك الأقاليم إلى نظام علماني متطور ومدستر في بلادنا لا تتخذ من أي ين مرجعية ؛ نوضح بأن أسلافنا في تلك السلطنات التي عرفت “بالإسلامية” حكموا أنفسهم بأنفسهم بنظم أخلاقية علمانية غير متطورة ؛ وإعتبر الإسلام مصدر إلهام أخلاقي وروحي فقط وهذا دور الدين في الحياة . صحيح هناك ثمة جوانب سيئة لن نعيد ما قدمه أسلافنا في فهمهم للدين مثل الحروب المرتهنة بالعرف .
في إقليم دارفور غرب السودان إنطلقت سلطنات إتحادية (إسلامية المسمى) إستمرت لنحو 8قرون أدارها في حواكير مستقلة تارة وموحدة أخرى شعوب : التنجور والفور والقمر والمساليت البرقد والبيقو والبرتي والميدوب والميمة ..الخ .
وهي الأمم الزنجية التي تعتبر سكان البلاد الإصليين ؛ كانت الدولة تستمد قوانين حكمها من نظام ” دالي ” في الادارة والقضاء . ويعرف “نظام دالي” بأنه منظومة قوانين عرفية متوارثة محفوظة تعني بالشئون الإدارية والمدنية ؛ وقوانين جنائية وأحوال شخصية لا تتضمن قوانينها عقوبة الإعدام أو أي أذية جسدية ؛ رغم انها كانت ناجزة وفاعلة.
وفي السلطنة الزرقاء حيث كانت مملكة إتحادية (إسلامية المسمى) عمرت نحو خمس قرون ؛ أدارتها شعوب الفونج وهي الأمم الزنجية التي تعتبر اقليم جنوب وغرب النيل الازرق أرضها التاريخية ؛ أديرت المملكة بقوانين مستمدة من عرفها المحلي المتوارث عليها ولم يكن العقوبات الجسدية الحدية جزء من تلك القوانين.
سلطنة سنار إنهارت نتيجة لمؤامرات من الجاليات العربية المهاجرة وتعاملها لصالح الأجانب من أجل مصالحها المادية بإسم الدين ؛إلى درجة دعوتها ومساندتها الغزاة الترك لإحتلال السلطنة السوداء (الزرقاء) في عام 1821ف (راجع أسباب غزو محمد على باشا السودان) ؛ إلا أن الأمم الزنجية وحدها هي التي حكمت تلك السلطنة بوعيها ونظمها .
في الغزو العثماني- مصر الخديوية أتيحت لأول مرة فرصة للجاليات العربية المهاجر أن تشترك في الحكم في بلاد السوود ؛يعني إنه لا يوجد هناك تأكيد بدليل لوجود شراكة بين الامم الزنجية و المجموعات الصحراوية في تأسيس وحكم السلطنة وأدخلت هذه الأفكار المزيفة من قبل المهاجرون في محاولة لإعادة كتابة التاريخ الزنجي بالطريقة التي تحقق مصالح الفئات الأجنبية في السودان.
يجدر الاشارة إلى أن سلطنة شعب الفونج كانت موجودة و إمتدت لتضم مملكة “علوديا” آخر الدويلات الزنجية على مجرى نهر النيل شمالا ؛ و التي تحسب للكوشيات المسيحية أي الممالك الزنجية التي عايشت العهد المسيحي في إفريقيا بدأ من وادي النيل .
يشهد التاريخ القريب أن سلطنة دارفور أكبر سلطنات دارفور الحالي ؛ والتي حكمها شعب الكيرا من أمة الفور من عاصمتها من طرة إلى شوبا إلى الفاشر أبو زكريا قاومت المؤامرات الداخلية ؛ وصدت التدخل الأجنبي أكثر من مرة وأكثر من جهة خلال القرن التاسع عشر ؛ إلا إنها سقطت أخيرا وفي عهد متأخر من حكم الإستعمار العثماني – ومصري والخديوية كنتيجة لمؤامرات طويلة .
أي لا زلنا نستبعد فكرة أن عائلات عربية حكمت أو شاركت السلطنات الزنجية الأربعة داخل جغرافية إقليم دارفور اليوم ؛ التنجور والقمر ؛ والفور ؛ المساليت لعدم وجود أدلة موضوعية ومنطقية تثبت ذلك ؛ كذالك ننفي فكرة مماثلة لهذا في السلطانات الأمم الزنجية في السودان الإريقية من تمبكتو ألى وداي مرورا ببرنو ؛ وباقرمي سنغاي ؛ ووجود تلك المعلومات غير الصحيحة كانت لأهداف مادية للفئات المهاجرة… الخ …
الشاهد هنا أن الأمم الزنجية أدرات دويلاتها بنظم وقوانين عرفية مثل قانون” دالي “في دارفور صاغتها وورثتها خلال تاريخها الممتد قبل ظهور عصر التدوين العربي في إفريقيا الشمالية ؛ وأوجدت سلسلة قواعد متناسقة تؤلف نظاما ثقافيا ؛ و أخلاقيا روحيا ؛ وإجتماعيا سياسيا لا تزال قائمة الى اليوم وأن شعبها مسلمة ؛ ومتدينة ولا زالت الى اليوم الذي تشن فيه جمهورية الإنقاذ الإسلامية في الخرطوم حربها غير المبرر عليها .
مفهوم أن تلك الدويلات الإسلامية لا تمثل إمتداد لدولة الخرطوم الإسلامية الحالية لوجود إختلافات كبيرة ؛ لكن هل شعوبها المسلمة أيضا يختلف إسلامها عن إسلام دولة الإنقاذ الإسلامية ؛ فأي إسلام ذلك الذي يبشرنا بها جماعة قصر غردون وهم يباشرون حرب الإبادة ضد شعب السلطنتين المسلمتين ؟
بالرغم من وجود مشتركات نوعا ما في وجه السلطة السيادية لدى جمهورية الانقاذ والسلطة القهرية غير المتطورة في تلك السلطنات فيما يتعلق بالغزو والاسترقاق والأسلمة القسرية ؛ إلا أن هناك إختلاف بين في مفهوم الإسلام لدى شعوب كل من تلك الدويلات التي تعتبر ان تلك أفكار غازية مع السلوك المتوحش وجمهورية الإنقاذ التي تنسب لنفسها ملكية هذه الأفكار والسلوك .
لتوضيح ؛ مفهوم شعوبنا للإسلام ؛مختلف عن مفهوم دولة الخرطوم للإسلام ؛ ولهذا فهناك إسلامان وأكثر في السودان اليوم وأكثر ؛ كما أن هناك إسلامات متعددة في العالم ؛ أقواها هي التي تحمل مصالح العرب على حساب الامم الأخرى .
تلك المجتمعات الزنجية المسلمة تعتبر القيم الإنسانية في تعاليم الإسلام هي قيم موجودة في أخلاقها وثقافتها الإنسانية قبل ظهور الإسلام نفسه في غرب أسيا ؛ أي ليست بجديد عليها ؛ وأن القران كمدونة للأخلاق والقيم الإنسانية ما هو إلا مجدول بطريقة خاصة لتلك الروحانيات والقيم التي هي موجودة في حياة الأمم الزنجية ؛ ولهذا صاروا مسلمين من هذه الناحية .
أي أن كلما في الأسلام من قيم أخلاقية وإنسانية وروحية يعتبر ترجمة إلى العربية لتلك القيم والمورثات الإفريقية التي كانت في المجتمعات الزنجية . وهذا ما يفسر قول النبي محمد ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ؛ وهذا سر ما دفع النبي محمد إرسال فرقة من أصحابه على رأسهم إبن عمه جعفر إبن أبي طالب إلى إفريقيا حيث مصدر تلك الثقافة الروحية الأخلاق وقال لهم . ” إذهبوا إلى الهبشة فإن بها ملك لا يظلم عنده أحد “.
للعلم فقط أن المدونة العربية الإسلامية لتاريخ شعوب وأمم الأرض فقيرة وضيقة الأفق ؛ العرب المسلمين يعتبرون أن التاريخ البشري وحضارته إبتدأتا من فجر ظهور الإسلام في مكة ؛وما قبل ذلك كانت “الجاهلية “. وهكذا فهم يسقطون ويجهلون تاريخ إفريقيا وحضارات الأمم الزنجية بشكل مطلق . ولم تعرف العرب المسلمين من إفريقيا عند ظهورهم على مسرح الحياة الحضارية قبل 1400 سنة سوى الهبشة التي كانت تستعمر الجزء الغربي من قارة أسيا كلها ؛ ومصر التي تحولت من أصلها الزنوجي إلى مستعمرة أوربية أسيوية منذ قرون .
و قيمة العدل لدى الملك الزنجي أي ملك ؛ حيث لا يظلم عنده أحد كانت هي السمة الأبرز في كل الحكام التقليديين في المجتمعات الإفريقية وذلك منذ زمن نطق النبي محمد بكلمته في الملك النجاشي و قبله وبعده . تتوارث وتربي نفسها عليها كل المجتمعات السوداء منذ آلآلف السنيين .
ربما ؛ وأعتقد هذا ما كان يعنيه غاندي إفريقيا الشهيد محمود محمد طه في وصفه التعاليم الإسلامية في السودان ” حقنا عاد إلينا ” .
وقد اعتبر الأستاذ محمود طه وقد دفعه روحه ثمنا للسلام والفكر الإنساني ؛ أن تطبيق القوانين الحدية المستمدة من تعليم الإسلام على طريقة إسلام الانقاذ بما يسمى “بالشريعة الإسلامية في السودان ؛ وإعلان الجهاد من أجل سيطرة سياسية وهيمنة إقتصادية “ إساءة إلى الإسلام والمسلمين ؛ وإهانة للإنسانية وللفكر ” .قال قولته في معرض رفضه لتطبيق القوانيين المستمدة من الشريعة الاسلامية من قبل نظام الدكتاتور النميري عام 1983ف حيث كانت سبب إعدامه من الجهلاء .
إذن “الشريعة الإسلامية ” كقوانين دينية حدية لم تطبق في أول سلطنتين إسلاميتين في السودان ؛ وعرف ذلك ووضحه وشرحه المفكرون والعلماء السودانيون في القرن العشرين ؛فمن أين يستمد نظام اليمين الجلابي الحاكم فقهه في تطبيق الشريعة الإسلامية في بلادنا وهو يشن حرب إبادة على سكان السلطنتين اليوم .
أما إسلام جمهورية الإنقاذ الإسلامية فيجرد الامم الزنجية من أي قيمة إنسانية وأخلاقية ؛ ودونما يضطر لمراجعة تاريخ الأمم الزنجية في السودان وتراثها الحضاري السياسي والأخلاقي ؛ يضعها في صف العجماوات ؛ إحتقارا وجهلا ولهذا فليس هناك فرق لدى هذا النوع من الإسلام بين الأمم الزنجية غير المسلمة في أقاليم جنوب السودان الثلاث ؛ والأمم الزنجية المسلمة في إقليمي دارفور وكردفان والسلطنة الزرقاء .
أنه نوع من الإسلام الذي يقوم فيها الدولة على جمع الضرائب ؛ من العاج وريش النعام والعبيد والأبقار ؛ ويفرض عليهم الجهاد إن رفضوا الخضوع والطاعة لينهب ثروات الضحايا ويسبي نسائهم بإعتبارها غنيمة من الله ؛ فيما يعتقد صاحب الدولة أنه مكلف من السماء بأمر إلهي . هو إسلام السلطة والهيمنة والثروة والاعتداء.
اليوم تحول العاج وريش النعام الى النفط وإستمر العبيد الجنقوجورو والبازنقر يخدمون هذه الأفكار وإستمر الغزو وإسترقاق النساء جنسيا كغنائم إلهية .
لقد سبق جمهورية الإنقاذ في بلادنا حملات غازية تعتبر جذور لهذه الدولة ؛ عبد الله بن ابي السرح ؛ ومحمد على باشا ؛ وقد قاومها أسلافنا بشراسة وتستمر المقاومة لأنه لا توجد أمة بشرية على الأرض تسلم رقبتها وتستسلم طوعا إلى أمة أخرى.
فيما أعلن ويجدد جمهورية الإنقاذ الإسلامية دولتها العربية في بلاد الزنوج ؛ استعدادات دينية وجهادية و “شريعة إسلامية ” في السودان يستبين جليا لشعوب سلطنتي دارفور وسنار كما لكل الشعوب السودانية أن هناك نوع مختلف و غريب من الإسلام لا يتماشى مع الحضارة والحياة السوية الإنسانية؛ ويتعارض كلية مع القيم الإنسانية التي تسير دولاب الزمن في هذا العصر .ماهي مرجعية جمهورية الإنقاذ الإسلامية ؟
ليس مرجع ذلك أن نظام الجبهة العربية الإسلامية التي اعلنت هذا النمط الغريب من الإسلام لان أنصارها والداعمون لها ينحدرون من خلفية دولة إسلامية ؛ او هم سكان سلطنتي دارفور و سلطنة سنار ؛ فهذه الأقاليم هي مسرح حربها التطهيري اليوم ؛ ولا يعقل أن يكون الضحية داعما للجلاد في سلخه .
مرجعية الدولة الإسلامية الإنقاذية هي دويلات إسلامية نازية كانت ولا زالت في التاريخ الإسلامي العربي ؛ ومن غير الشجاعة أن التاريخ الإسلامي يعمل على إخفاء تلك الحقائق التي تعد أكثر التجارب الإنسانية ضررا للحياة وللإنسان .
جمهورية الخرطوم الإسلامية وهي تجعل في بلاد الزنوج دولة عربية خالصة كما القرشيون ؛ والأمويون والعباسيون و الفاطميون والعثمانيون هي تجري على سياق الوضع المتعارف عليها في الجماعات العربية الأسلامية؛ وأن التاريخ العربي الإسلامي منذ نشأته في يثرب يشهد تناقضا وتضاربا مذهلا ؛ وأن الغاية منها لم تكن تطبيق القيم التي تبشر بها مجموعة ما في مرحلة (الدعوة) بل هي الهيمنة الثقافية على الأمم الأخرى ونهب ثرواتها ؛ إذ سرعان ما تنقلب إلى وجه أخر في زمن (الدولة) .
الأمم الزنجية في إفريقيا أحد شعوب وأمم الكرة الأرضية (الاعجمية) التي مرت وعاشت ولا تزال تعيش مأسي هذا التصور المتوحش للإسلام السياسي في إفريقيا . وهي نقاط فطنت لها (أمم أعجمية) في أسيا وأوربا ؛ فقد أخرجت أوربا العرب ولم تكلف نفسها عناء البحث في نوعيات الإسلام ؛ بينما إكتفت الأمم الأسيوية ( الفارسية والهندية والتركية ) بمفهوم خاص بها في الاسلام وطردت العرب من أرضها .
منذ نشأة الفكرة ؛ مرحلة (الدعوة) لدى الجماعات العربية الإسلامية غالبا ما تشهد نشر القيم والمثل العليا ؛ والأخلاق الإنسانية والرحمة والإحسان والرحمة ما تلك سوى وسيلة للمرحلة التالية التي ينقلب فيها المبشرون على كل قيمهم ينقضونها غزلا غزلا ؛ وتكون الحقيقة في مرحلة (الدولة) حيث السلطة السياسية وفرض التعريب القسري ونهب ثروات الأمم .
ويعلمنا التاريخ الإسلامي أن تلك الثروات لا يكون سوى المملوكة للشعوب والأمم الأخرى في أسيا وأوربا وأفريقيا وهم غير العرب ؛ و على دماء تلك الامم وكرامتها وتراثها الحضاري وثقافاتها ؛ قامت مجدد الامة والشعب الذي خرج من أتون الصحراء غرب أسيا بالسيف ؛ وهذا بالضبط ما قدمته لنا الجبهة الإسلامية القومية من حقبة الإخوان المسلمين إلى حقبة حزب المؤتمر الوطني .
دولة حزب المؤتمر الوطني” الإسلامية ” لا يوجد صلة محلية يربطها بالدويلات ( الإسلامية) التي كانت في سلطنة دارفور و سلطنة سنار التي حكمها الأمم الزنجية بعرفها وقوانينها المحلية وبمفهومها الروحي والأخلاقي للدين ؛ ولعدم وجود صلة تشن جمهورية الخرطوم بإسلامها الجديد علي سكان تلك السلطنات حرب إبادة وسب وإسترقاق جنسي للنساء .
ليس السؤال المحير هو إسلامية الجمهورية الإسلامية في السودان التي لا تعتبر إسلام وماضي السلطنتين جزء منها بل ما هو المعنى من إسلام تلك الشعوب الزنجية التي لا تجد إعتبار أو إحترام لإسلامها مع تجدد الأفكار الغازية في إفريقيا .
دولة الإنقاذ الإسلامية تدار بحفنة صغيرة من النخب الأرستقراطية المنحدرة من سلالات سماسرة تجارة الرقيق الشماليين ؛ فيما يعتقدون جزما بأصلهم الهاشمي القرشي ويسعون لتجديد مجدهم في أرض السوود لا يوجد من يؤكد هذا الإعتقاد العرب الهاشميين في الشرق الأوسط .
وهذه الحفنة تدرك أن دولتها لقيطة الإنتماء الحضاري ثقافيا وتاريخيا ؛ وجذور محلية ولا سماوية ؛ فهي تواجه أزمة إنتماء حقيقي ؛ فتجدها تارة تبحث عن جذور لها في مكوننا الثقافي والحضاري ؛ وتارة تبحث لها عن جذور في التاريخ العربي الإسلامي . وتارة تعود إلى التراث الجمعي الجلابي (دار جعل ؛ وشاقية وعرب بدم الزنوج ديل أهلي ) وينهمكون في تقديم تعريف مضطرب عن السودان .
مع بقاء الأنقاذ معنونة لحرب نازية في إفريقيا 23 سنة يتمدد الخطر النازي العربي في القارة ؛ من الصومال إلى إقليم الأزواد في شمال مالي ؛وفجأة تصل مرضعتهم الأصلية السلطة في مصر .
إن من واجبنا الإستمرار في نصححهم في عزة ممارسة الخصومة ضدهم فهذه الجماعات عليها العودة إلى مكة المكرمة في غرب أسيا ؛ وهناك حيث أرض أجدادهم وآباءهم القرشيين وحيث نبأ الدين الحنيف؛ و يحق لهم بناء مجدهم وتشييد أفكارهم لا في أرضنا .
كأمم زنجية وعلى سياق الأمم الأرضية الأخرى التي حاربت هذا التغول بكل شراسة ؛ إن كل أفكار واديان و قوانين ومعاهدات الدنيا تعطينا حق الدفاع عن نفسنا وثقافتنا وحضارتنا وطرد أي غزو ؛تمهيدا لبناء مجدنا في أرض أجدادنا وآباءنا في بلادنا ؛ ويبقى النصح مع بقى الخصومة حتى النصر الأخير .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.