قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفث: قتل عمال الإغاثة أمرا غير معقول    عثمان ميرغني يكتب: معركة خطرة وشيكة في السودان    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة "محمد عبدالفتاح البرهان"    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة "محمد" عبدالفتاح البرهان في تركيا    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالفيديو.. الفنانة شهد أزهري تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بنيولوك جديد وتقدم وصلة رقص مثيرة خلال حفل خاص بالسعودية على أنغام (دقستي ليه يا بليدة)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. (فضحتونا مع المصريين).. رجل سوداني يتعرض لسخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره داخل ركشة "توك توك" بمصر وهو يقلد نباح الكلاب    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهو يُحارب سُكان سَلطنتي دَارفُور وسِّنار؛ أيّ إسْلام يَحكم الإنقَاذ به السُوودان؟
نشر في حريات يوم 25 - 07 - 2012

يشن نظام حزب المؤتمر الوطني الإسلامي اليوم حرب جهاد ديني مرفق بوحشية لا يفهم دوافعها على سكان من قيل انهما أول سلطنتين إسلامتين في السودان ؛ هما سلطنة دارفور وعاصمتها الفاشر ؛ وسلطنة الزرقاء وعاصمتها سنار ؛ فيما يقول الحزب إنه يدير دولة إسلامية ويعلن الدكتاتور إنه بصدد تطبيق محكم لقوانين الشريعة الإسلامية في البلاد .
لا يكفي فقط سؤال بأي شريعة كان الدكتاتور البشير يحكم السودان طوال 23 سنة؟ بل ما ماهية هذا النوع من الإسلام الذي يحكم به أصلا ؛ ويبشر بتطبيق قوانينه ؟ وأي إسلامية لدولة في السودان لا تعتبر دارفور وسنار جزء من مكونها وجذورها الفكري الثقافي ؟.
في الحقيقة نوع إسلام حزب المؤتمر الوطني لا يعبر عن مفهوم واعتقاد المسلمين السودانيين لما هو إسلام ؛ ولا يمكن أن يعتبر إمتداد لماضي السلطنتين الاسلاميتين في غرب و شرق البلاد .
شعوب سلطنتي دارفور والزرقاء ؛ وهم- من قيل أن- أسلافهم أسس و حكم دويلات إسلامية في الماضي ؛ ومَن هم لا إسلام في السودان ولا مسلمين بدونهم ؛ يتأكدون في مطلع كل شمس غرابة هذا النوع من الإسلام الذي يبشر به ويتبناه نظام حزب المؤتمر الوطني الإبن الشرعي الإخوان المسلمين/ للجبهة الإسلامية في السودان.
علما أن سكان سلطنتين دارفور وسنار حتى اليوم مسلمون !!؛ يصلون ويصومون ويقومون بكل ما يلزم المسلم القيام به ؛ إلأ أنهم ظلموا وتم تميزهم ثم شنت حرب الجهاد بحقهم .
فيما ندعو اليوم نحن أبناء وبنات تلك الأقاليم إلى نظام علماني متطور ومدستر في بلادنا لا تتخذ من أي ين مرجعية ؛ نوضح بأن أسلافنا في تلك السلطنات التي عرفت “بالإسلامية” حكموا أنفسهم بأنفسهم بنظم أخلاقية علمانية غير متطورة ؛ وإعتبر الإسلام مصدر إلهام أخلاقي وروحي فقط وهذا دور الدين في الحياة . صحيح هناك ثمة جوانب سيئة لن نعيد ما قدمه أسلافنا في فهمهم للدين مثل الحروب المرتهنة بالعرف .
في إقليم دارفور غرب السودان إنطلقت سلطنات إتحادية (إسلامية المسمى) إستمرت لنحو 8قرون أدارها في حواكير مستقلة تارة وموحدة أخرى شعوب : التنجور والفور والقمر والمساليت البرقد والبيقو والبرتي والميدوب والميمة ..الخ .
وهي الأمم الزنجية التي تعتبر سكان البلاد الإصليين ؛ كانت الدولة تستمد قوانين حكمها من نظام ” دالي ” في الادارة والقضاء . ويعرف “نظام دالي” بأنه منظومة قوانين عرفية متوارثة محفوظة تعني بالشئون الإدارية والمدنية ؛ وقوانين جنائية وأحوال شخصية لا تتضمن قوانينها عقوبة الإعدام أو أي أذية جسدية ؛ رغم انها كانت ناجزة وفاعلة.
وفي السلطنة الزرقاء حيث كانت مملكة إتحادية (إسلامية المسمى) عمرت نحو خمس قرون ؛ أدارتها شعوب الفونج وهي الأمم الزنجية التي تعتبر اقليم جنوب وغرب النيل الازرق أرضها التاريخية ؛ أديرت المملكة بقوانين مستمدة من عرفها المحلي المتوارث عليها ولم يكن العقوبات الجسدية الحدية جزء من تلك القوانين.
سلطنة سنار إنهارت نتيجة لمؤامرات من الجاليات العربية المهاجرة وتعاملها لصالح الأجانب من أجل مصالحها المادية بإسم الدين ؛إلى درجة دعوتها ومساندتها الغزاة الترك لإحتلال السلطنة السوداء (الزرقاء) في عام 1821ف (راجع أسباب غزو محمد على باشا السودان) ؛ إلا أن الأمم الزنجية وحدها هي التي حكمت تلك السلطنة بوعيها ونظمها .
في الغزو العثماني- مصر الخديوية أتيحت لأول مرة فرصة للجاليات العربية المهاجر أن تشترك في الحكم في بلاد السوود ؛يعني إنه لا يوجد هناك تأكيد بدليل لوجود شراكة بين الامم الزنجية و المجموعات الصحراوية في تأسيس وحكم السلطنة وأدخلت هذه الأفكار المزيفة من قبل المهاجرون في محاولة لإعادة كتابة التاريخ الزنجي بالطريقة التي تحقق مصالح الفئات الأجنبية في السودان.
يجدر الاشارة إلى أن سلطنة شعب الفونج كانت موجودة و إمتدت لتضم مملكة “علوديا” آخر الدويلات الزنجية على مجرى نهر النيل شمالا ؛ و التي تحسب للكوشيات المسيحية أي الممالك الزنجية التي عايشت العهد المسيحي في إفريقيا بدأ من وادي النيل .
يشهد التاريخ القريب أن سلطنة دارفور أكبر سلطنات دارفور الحالي ؛ والتي حكمها شعب الكيرا من أمة الفور من عاصمتها من طرة إلى شوبا إلى الفاشر أبو زكريا قاومت المؤامرات الداخلية ؛ وصدت التدخل الأجنبي أكثر من مرة وأكثر من جهة خلال القرن التاسع عشر ؛ إلا إنها سقطت أخيرا وفي عهد متأخر من حكم الإستعمار العثماني – ومصري والخديوية كنتيجة لمؤامرات طويلة .
أي لا زلنا نستبعد فكرة أن عائلات عربية حكمت أو شاركت السلطنات الزنجية الأربعة داخل جغرافية إقليم دارفور اليوم ؛ التنجور والقمر ؛ والفور ؛ المساليت لعدم وجود أدلة موضوعية ومنطقية تثبت ذلك ؛ كذالك ننفي فكرة مماثلة لهذا في السلطانات الأمم الزنجية في السودان الإريقية من تمبكتو ألى وداي مرورا ببرنو ؛ وباقرمي سنغاي ؛ ووجود تلك المعلومات غير الصحيحة كانت لأهداف مادية للفئات المهاجرة… الخ …
الشاهد هنا أن الأمم الزنجية أدرات دويلاتها بنظم وقوانين عرفية مثل قانون” دالي “في دارفور صاغتها وورثتها خلال تاريخها الممتد قبل ظهور عصر التدوين العربي في إفريقيا الشمالية ؛ وأوجدت سلسلة قواعد متناسقة تؤلف نظاما ثقافيا ؛ و أخلاقيا روحيا ؛ وإجتماعيا سياسيا لا تزال قائمة الى اليوم وأن شعبها مسلمة ؛ ومتدينة ولا زالت الى اليوم الذي تشن فيه جمهورية الإنقاذ الإسلامية في الخرطوم حربها غير المبرر عليها .
مفهوم أن تلك الدويلات الإسلامية لا تمثل إمتداد لدولة الخرطوم الإسلامية الحالية لوجود إختلافات كبيرة ؛ لكن هل شعوبها المسلمة أيضا يختلف إسلامها عن إسلام دولة الإنقاذ الإسلامية ؛ فأي إسلام ذلك الذي يبشرنا بها جماعة قصر غردون وهم يباشرون حرب الإبادة ضد شعب السلطنتين المسلمتين ؟
بالرغم من وجود مشتركات نوعا ما في وجه السلطة السيادية لدى جمهورية الانقاذ والسلطة القهرية غير المتطورة في تلك السلطنات فيما يتعلق بالغزو والاسترقاق والأسلمة القسرية ؛ إلا أن هناك إختلاف بين في مفهوم الإسلام لدى شعوب كل من تلك الدويلات التي تعتبر ان تلك أفكار غازية مع السلوك المتوحش وجمهورية الإنقاذ التي تنسب لنفسها ملكية هذه الأفكار والسلوك .
لتوضيح ؛ مفهوم شعوبنا للإسلام ؛مختلف عن مفهوم دولة الخرطوم للإسلام ؛ ولهذا فهناك إسلامان وأكثر في السودان اليوم وأكثر ؛ كما أن هناك إسلامات متعددة في العالم ؛ أقواها هي التي تحمل مصالح العرب على حساب الامم الأخرى .
تلك المجتمعات الزنجية المسلمة تعتبر القيم الإنسانية في تعاليم الإسلام هي قيم موجودة في أخلاقها وثقافتها الإنسانية قبل ظهور الإسلام نفسه في غرب أسيا ؛ أي ليست بجديد عليها ؛ وأن القران كمدونة للأخلاق والقيم الإنسانية ما هو إلا مجدول بطريقة خاصة لتلك الروحانيات والقيم التي هي موجودة في حياة الأمم الزنجية ؛ ولهذا صاروا مسلمين من هذه الناحية .
أي أن كلما في الأسلام من قيم أخلاقية وإنسانية وروحية يعتبر ترجمة إلى العربية لتلك القيم والمورثات الإفريقية التي كانت في المجتمعات الزنجية . وهذا ما يفسر قول النبي محمد ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ؛ وهذا سر ما دفع النبي محمد إرسال فرقة من أصحابه على رأسهم إبن عمه جعفر إبن أبي طالب إلى إفريقيا حيث مصدر تلك الثقافة الروحية الأخلاق وقال لهم . ” إذهبوا إلى الهبشة فإن بها ملك لا يظلم عنده أحد “.
للعلم فقط أن المدونة العربية الإسلامية لتاريخ شعوب وأمم الأرض فقيرة وضيقة الأفق ؛ العرب المسلمين يعتبرون أن التاريخ البشري وحضارته إبتدأتا من فجر ظهور الإسلام في مكة ؛وما قبل ذلك كانت “الجاهلية “. وهكذا فهم يسقطون ويجهلون تاريخ إفريقيا وحضارات الأمم الزنجية بشكل مطلق . ولم تعرف العرب المسلمين من إفريقيا عند ظهورهم على مسرح الحياة الحضارية قبل 1400 سنة سوى الهبشة التي كانت تستعمر الجزء الغربي من قارة أسيا كلها ؛ ومصر التي تحولت من أصلها الزنوجي إلى مستعمرة أوربية أسيوية منذ قرون .
و قيمة العدل لدى الملك الزنجي أي ملك ؛ حيث لا يظلم عنده أحد كانت هي السمة الأبرز في كل الحكام التقليديين في المجتمعات الإفريقية وذلك منذ زمن نطق النبي محمد بكلمته في الملك النجاشي و قبله وبعده . تتوارث وتربي نفسها عليها كل المجتمعات السوداء منذ آلآلف السنيين .
ربما ؛ وأعتقد هذا ما كان يعنيه غاندي إفريقيا الشهيد محمود محمد طه في وصفه التعاليم الإسلامية في السودان ” حقنا عاد إلينا ” .
وقد اعتبر الأستاذ محمود طه وقد دفعه روحه ثمنا للسلام والفكر الإنساني ؛ أن تطبيق القوانين الحدية المستمدة من تعليم الإسلام على طريقة إسلام الانقاذ بما يسمى “بالشريعة الإسلامية في السودان ؛ وإعلان الجهاد من أجل سيطرة سياسية وهيمنة إقتصادية “ إساءة إلى الإسلام والمسلمين ؛ وإهانة للإنسانية وللفكر ” .قال قولته في معرض رفضه لتطبيق القوانيين المستمدة من الشريعة الاسلامية من قبل نظام الدكتاتور النميري عام 1983ف حيث كانت سبب إعدامه من الجهلاء .
إذن “الشريعة الإسلامية ” كقوانين دينية حدية لم تطبق في أول سلطنتين إسلاميتين في السودان ؛ وعرف ذلك ووضحه وشرحه المفكرون والعلماء السودانيون في القرن العشرين ؛فمن أين يستمد نظام اليمين الجلابي الحاكم فقهه في تطبيق الشريعة الإسلامية في بلادنا وهو يشن حرب إبادة على سكان السلطنتين اليوم .
أما إسلام جمهورية الإنقاذ الإسلامية فيجرد الامم الزنجية من أي قيمة إنسانية وأخلاقية ؛ ودونما يضطر لمراجعة تاريخ الأمم الزنجية في السودان وتراثها الحضاري السياسي والأخلاقي ؛ يضعها في صف العجماوات ؛ إحتقارا وجهلا ولهذا فليس هناك فرق لدى هذا النوع من الإسلام بين الأمم الزنجية غير المسلمة في أقاليم جنوب السودان الثلاث ؛ والأمم الزنجية المسلمة في إقليمي دارفور وكردفان والسلطنة الزرقاء .
أنه نوع من الإسلام الذي يقوم فيها الدولة على جمع الضرائب ؛ من العاج وريش النعام والعبيد والأبقار ؛ ويفرض عليهم الجهاد إن رفضوا الخضوع والطاعة لينهب ثروات الضحايا ويسبي نسائهم بإعتبارها غنيمة من الله ؛ فيما يعتقد صاحب الدولة أنه مكلف من السماء بأمر إلهي . هو إسلام السلطة والهيمنة والثروة والاعتداء.
اليوم تحول العاج وريش النعام الى النفط وإستمر العبيد الجنقوجورو والبازنقر يخدمون هذه الأفكار وإستمر الغزو وإسترقاق النساء جنسيا كغنائم إلهية .
لقد سبق جمهورية الإنقاذ في بلادنا حملات غازية تعتبر جذور لهذه الدولة ؛ عبد الله بن ابي السرح ؛ ومحمد على باشا ؛ وقد قاومها أسلافنا بشراسة وتستمر المقاومة لأنه لا توجد أمة بشرية على الأرض تسلم رقبتها وتستسلم طوعا إلى أمة أخرى.
فيما أعلن ويجدد جمهورية الإنقاذ الإسلامية دولتها العربية في بلاد الزنوج ؛ استعدادات دينية وجهادية و “شريعة إسلامية ” في السودان يستبين جليا لشعوب سلطنتي دارفور وسنار كما لكل الشعوب السودانية أن هناك نوع مختلف و غريب من الإسلام لا يتماشى مع الحضارة والحياة السوية الإنسانية؛ ويتعارض كلية مع القيم الإنسانية التي تسير دولاب الزمن في هذا العصر .ماهي مرجعية جمهورية الإنقاذ الإسلامية ؟
ليس مرجع ذلك أن نظام الجبهة العربية الإسلامية التي اعلنت هذا النمط الغريب من الإسلام لان أنصارها والداعمون لها ينحدرون من خلفية دولة إسلامية ؛ او هم سكان سلطنتي دارفور و سلطنة سنار ؛ فهذه الأقاليم هي مسرح حربها التطهيري اليوم ؛ ولا يعقل أن يكون الضحية داعما للجلاد في سلخه .
مرجعية الدولة الإسلامية الإنقاذية هي دويلات إسلامية نازية كانت ولا زالت في التاريخ الإسلامي العربي ؛ ومن غير الشجاعة أن التاريخ الإسلامي يعمل على إخفاء تلك الحقائق التي تعد أكثر التجارب الإنسانية ضررا للحياة وللإنسان .
جمهورية الخرطوم الإسلامية وهي تجعل في بلاد الزنوج دولة عربية خالصة كما القرشيون ؛ والأمويون والعباسيون و الفاطميون والعثمانيون هي تجري على سياق الوضع المتعارف عليها في الجماعات العربية الأسلامية؛ وأن التاريخ العربي الإسلامي منذ نشأته في يثرب يشهد تناقضا وتضاربا مذهلا ؛ وأن الغاية منها لم تكن تطبيق القيم التي تبشر بها مجموعة ما في مرحلة (الدعوة) بل هي الهيمنة الثقافية على الأمم الأخرى ونهب ثرواتها ؛ إذ سرعان ما تنقلب إلى وجه أخر في زمن (الدولة) .
الأمم الزنجية في إفريقيا أحد شعوب وأمم الكرة الأرضية (الاعجمية) التي مرت وعاشت ولا تزال تعيش مأسي هذا التصور المتوحش للإسلام السياسي في إفريقيا . وهي نقاط فطنت لها (أمم أعجمية) في أسيا وأوربا ؛ فقد أخرجت أوربا العرب ولم تكلف نفسها عناء البحث في نوعيات الإسلام ؛ بينما إكتفت الأمم الأسيوية ( الفارسية والهندية والتركية ) بمفهوم خاص بها في الاسلام وطردت العرب من أرضها .
منذ نشأة الفكرة ؛ مرحلة (الدعوة) لدى الجماعات العربية الإسلامية غالبا ما تشهد نشر القيم والمثل العليا ؛ والأخلاق الإنسانية والرحمة والإحسان والرحمة ما تلك سوى وسيلة للمرحلة التالية التي ينقلب فيها المبشرون على كل قيمهم ينقضونها غزلا غزلا ؛ وتكون الحقيقة في مرحلة (الدولة) حيث السلطة السياسية وفرض التعريب القسري ونهب ثروات الأمم .
ويعلمنا التاريخ الإسلامي أن تلك الثروات لا يكون سوى المملوكة للشعوب والأمم الأخرى في أسيا وأوربا وأفريقيا وهم غير العرب ؛ و على دماء تلك الامم وكرامتها وتراثها الحضاري وثقافاتها ؛ قامت مجدد الامة والشعب الذي خرج من أتون الصحراء غرب أسيا بالسيف ؛ وهذا بالضبط ما قدمته لنا الجبهة الإسلامية القومية من حقبة الإخوان المسلمين إلى حقبة حزب المؤتمر الوطني .
دولة حزب المؤتمر الوطني” الإسلامية ” لا يوجد صلة محلية يربطها بالدويلات ( الإسلامية) التي كانت في سلطنة دارفور و سلطنة سنار التي حكمها الأمم الزنجية بعرفها وقوانينها المحلية وبمفهومها الروحي والأخلاقي للدين ؛ ولعدم وجود صلة تشن جمهورية الخرطوم بإسلامها الجديد علي سكان تلك السلطنات حرب إبادة وسب وإسترقاق جنسي للنساء .
ليس السؤال المحير هو إسلامية الجمهورية الإسلامية في السودان التي لا تعتبر إسلام وماضي السلطنتين جزء منها بل ما هو المعنى من إسلام تلك الشعوب الزنجية التي لا تجد إعتبار أو إحترام لإسلامها مع تجدد الأفكار الغازية في إفريقيا .
دولة الإنقاذ الإسلامية تدار بحفنة صغيرة من النخب الأرستقراطية المنحدرة من سلالات سماسرة تجارة الرقيق الشماليين ؛ فيما يعتقدون جزما بأصلهم الهاشمي القرشي ويسعون لتجديد مجدهم في أرض السوود لا يوجد من يؤكد هذا الإعتقاد العرب الهاشميين في الشرق الأوسط .
وهذه الحفنة تدرك أن دولتها لقيطة الإنتماء الحضاري ثقافيا وتاريخيا ؛ وجذور محلية ولا سماوية ؛ فهي تواجه أزمة إنتماء حقيقي ؛ فتجدها تارة تبحث عن جذور لها في مكوننا الثقافي والحضاري ؛ وتارة تبحث لها عن جذور في التاريخ العربي الإسلامي . وتارة تعود إلى التراث الجمعي الجلابي (دار جعل ؛ وشاقية وعرب بدم الزنوج ديل أهلي ) وينهمكون في تقديم تعريف مضطرب عن السودان .
مع بقاء الأنقاذ معنونة لحرب نازية في إفريقيا 23 سنة يتمدد الخطر النازي العربي في القارة ؛ من الصومال إلى إقليم الأزواد في شمال مالي ؛وفجأة تصل مرضعتهم الأصلية السلطة في مصر .
إن من واجبنا الإستمرار في نصححهم في عزة ممارسة الخصومة ضدهم فهذه الجماعات عليها العودة إلى مكة المكرمة في غرب أسيا ؛ وهناك حيث أرض أجدادهم وآباءهم القرشيين وحيث نبأ الدين الحنيف؛ و يحق لهم بناء مجدهم وتشييد أفكارهم لا في أرضنا .
كأمم زنجية وعلى سياق الأمم الأرضية الأخرى التي حاربت هذا التغول بكل شراسة ؛ إن كل أفكار واديان و قوانين ومعاهدات الدنيا تعطينا حق الدفاع عن نفسنا وثقافتنا وحضارتنا وطرد أي غزو ؛تمهيدا لبناء مجدنا في أرض أجدادنا وآباءنا في بلادنا ؛ ويبقى النصح مع بقى الخصومة حتى النصر الأخير .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.