تردي الأوضاع في قطاع الخدمات الصحية لم يكن في حاجة إلى مذكرة من الأطباء فالواقع الذي يصطدم به كل الذين تضطرهم الظروف للجوء الى المستشفيا ت العامة – إذا صح التعبير – والمراكز الصحية التي تعاني وهي نفسها في حاجة ماسة للعلاج السريع والدخول في غرفة العناية المكثفة . * نحن لا نلقي باللائمة على وزير الصحة الحالي الذي يتعرض لهجوم مبرر فقط لأننا ندرك كما قال والي الخرطوم أن_وزير الصحة _ إنما ينفذ سياسات مجازة من قبل مجلس وزراء ولاية الخرطوم حسب دفاع الوالي عنه في صحف الخرطوم أمس. * لكننا لايمكن تجاهل الملاحظات الصادقة التي وردت في مذكرة الأطباء لوالي الخرطوم الذين لانشك في مهنيتهم ولا وطنيتهم وهم يطأوون جمر الواقع وهم يتحدثون عن التردي الذي حدث للخدمات الطبية في الآونة الاخيرة. * عزا الأطباء هذا التردي إلى إنعدام أبسط معينات العمل في المرافق الصحية مثل الأكسجين والخيوط الجراحية والشاش والأدوية المنقذة للحياة، الأمر الذي أثر سلباً على أداء العاملين في مجال الخدمات الصحية وعلى صحة المواطنين وحياتهم. * أشار الأطباء أيضا الى غياب المؤسسية والعشوائية في إتخاذ القرارات تجاه المؤسسات الصحية وخارطة تقديم الخدمات، فتارة يدور الحديث عن نقلها إلى المناطق الطرفية وتارة تتخذ قرارات بإغلاق بعض المؤسسات الصحية في المناطق الطرفية مثل ما حدث لمستشفى سلامات ومرافق صحية أخرى بالحاج يوسف التي كانت تقدم خدماتها العلاجية بأسعار التأمين الصحي. * إن سياسة رزق اليوم باليوم التي أشارت إليها مذكرة الأطباء لأسف سياسة متبعة في غالب أجهزة الخدمة المدنية وهي السبب الرئيسي في التخبط الإداري الذي يتم بعيداً عن مشورة ذوي الإختصاص لكن آثار هذه الساسة في القطاع الصحي كارثية لأنها لصيقة الصلة بصحة الإنسان وحياته. * ندرك أثر الأزمة الاقتصادية التي نأمل مخلصين ان تخف حدتها حال إنفاذ مستحقات السلام مع دولة الجنوب وفي السودان الباقي، لكنها ليست وحدها السبب فالمشكلة الحقيقية في التطبيق الجزافي لسياسات التحرير الإقتصادي التي تركت حبل الأسعار على غارب السوق دون توفر شروط نجاحها وفي عجز واضح عن تغطية حاجة المواطنين لمواجهة الآثار السالبة لهذه السياسات. * لا يهمنا في شيئ الصراع الجانبي داخل المؤسسات الصحية وهو صراع إستشرى في غالب الحياة العامة في ظل غياب المؤسسية ومعايير الإختيار والتكليف والإعفاء، لكننا نؤيد مطالب الأطباء الداعية لإصلاح جزري يوفر مستحقات الرعاية الصحية ومستلزماتها ومعيناتها وبيئة العمل المناسبة لحسن أدائها. * نؤكد أيضا أهمية إحداث نقلة نوعية في ميزان الأولويات لتقديم الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الخدمات الصحية علي رأس الأولويات وتعزيز المؤسسية والبعد عن الأنفراد بالقرارات وإستهداف الأشخاص بدلاً من وضع المعالجات الجزرية. [email protected]