“مريم المجدلية” مثلما ورد في “العهد الجديد، تعتبر من أهم النساء المسيحيات في عهد سيدنا عيسى عليه السلام، (وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ”، أما مريم الصادق المهدي فهي تلك “الشجاعة التي حملت راية الحرية والنضال، و أذكر أنني أول مرة ألتقيت فيها بالدكتورة مريم بالعاصمة الاريترية اسمرا؛ كنت أعرفها من “بعيد لبعيد”، وفي ظني أنها ابنة “السيد الصادق “المدللة، وبالتالي فهي تستثمر في اسم والدها ،وجدها الكبير لتضيف إلى نفسها “امتيازاً” غير مستحق، وهي صورة نمطية نكونها كثيراً عن أبناء الزعماء، أو من يدور حول فلكهم الجاذب. وبالطبع هو شأن كثيرين، أي انهم يرثون المجد، وكذلك المكانة الاجتماعية؛ مثلما يرثون المال في سياق توزيع التركات، إلا أن مريم ” نسخة غير” من نسخ سلالة الزعماء، فقد لمست حينها الشابة الناشطة، والسياسية الطموحة، والانسانة الاجتماعية التي لا تتخذ من اسم أسلافها “تميمةً” تحول دونها، وأعين الناس، أو “حاجزاً” يمنعها من التواصل مع الآخرين، وأذكر كيف أننا كنا نلتقي مع “شباب من حزب الأمة”، برغم ارهاصات اتفاق جيبوتي، و”نداء الوطن”، وكنا ننظم اللقاءات وأشهرها تلك الاحتفالية الرائعة بمقر الشبيبة بعاصمة الربيع، بمناسبة ذكرى رحيل الفنان الكبير مصطفى سيد أحمد، وقد كانت “مريم” من أكثر الحريصين على خروج احتفائية تليق باسم هذا الفنان، وقد شارك معنا أصدقاء اريتريون يعشقون ود سيد أحمد مثلما نعشق؛ ان لم يكن أكثر منا. “وحقيقةً” لم تشعرنا “مريم الشجاعة” بأن هناك فاصل ما في عملنا المعارض، بل كانت حريصة على ربط حبال الود والتواصل، بل أنها أصرت علي وعلى بعض الأصدقاء بأن نكتب معهم في نشرة تخص قوات حزب الأمة، دون شروط، أو املاء، بل لم تكترث حتى ولو هاجمنا مواقف حزب الأمة في تلك المرحلة، أو حتى عبر التاريخ الطويل، وقد فعلنا ذلك. وبعد عودتي إلى السودان في عام 2005، بعد اتفاق السلام الشامل، لم ألتقي بمريم سوى بعد سنتين أو ثلاث، لكنني ظللت أتابع بحكم “المهنة” نشاطتها، وتحركاتها، وكيف تتقدم الصفوف في المسيرات السلمية، بما في ذلك مسيرات ديسمبر الماضي، والتي كان أن ألقي ” عسس السلطان” بها في غياهب الجب ، مع الأستاذة المحترمة سارة نقد الله، أو شقيقهتها المهذبة “رباح” والتي هي الأخرى عرفت دروب السجون والمعتقلات في مسيرات حريات النساء، ومقاومة القوانين القمعية والمذلة، لتكون ” غصةً” في حلوق “المتطرفين والمزايدين وسماسرة الدين”، لأنهم لا يستطيعون التشكيك في “دينها” مثلما يفعلون مع أخرين ، وأخريات. ولو لم يكن لهم أو لهن ” ذنوب” ليرجمونهم، أو يرجمونهن بحجر، على طريقة “مريم الأخرى، أو مريم المجدلية. ومريمنا “أخت رباحربما هي في نظر الانقاذيين وسدنتهم هي “المجدلية”، وخطاياها تتمثل في قيادة المطالبين بالحريات، والداعين للعدالة، وقد رأيناها تتقدم الصفوف، وتخاطب العساكر في شجاعة “بأننا لا نقصدكم، وأنتم لستم أعداءنا، بل أنتم مثلنا ، تعانون مثلما تعاني أسركم”، فما كان من العسكر وهم من فئة الذين في قلوبهم ” نبض حياة، وخرير مياه، لا قسوة حجر” فسارعوا بالابتعاد قليلاً من دار “حزب الأمة القومي” برغم أن هناك من كان “قلبه حجر” فسارع بابعادهم ، ليس لاتاحة حرية الخروج، أو الدخول، أو فك الحصار بل خوفاً من انتقال ” عدوى التنوير، وسلامة التفكير” ، ولكي لا يتأثرون بحديث “وطنيين” ، وفي حقيقة الأمر، هم ليس من أعداء الدين، ولا الوطن مثلما تصور “أجندة الأنظمة الشمولية، والاستبدادية”. وقبل بضعة أيام عادت مريم لسيرتها القديمة، وتقدمت الصفوف، فكان نصيبها كسر كامل في يدي اليسرى وكسر وجروح في الرأس، وربما ظنوا أنهم بذلك سيخرجون “شياطينها السبعة”، ويحيلونها إلى “قطة وديعة”، لكنهم لا يدرون أن ذلك هو في حد ذاته تطهير لها من أي احساس ولو للحظة “بمجد موروث”، أية ساعة كسل سياسي، أو “تقاعس في حالة يأس كحال غالب البشر. وبرغم أن كثيرين، وحتى داخل صفوف حزب الأمة القومي ، أو الخارجين عنه لا يعجبهم حديثي عن “مريم الشجاعة، إلا أن الحقيقة تقتضي قول الحقيقة بعيداً عن صراعات الحزب، أو “أجندة الأفراد”، فأقول مريم “مقدامة، وجريئة”، وتستحق أن تكون واحدةً من قيادات المرحلة الحالية والمقبلة ، لأن من يريد أن يقود الناس لا بد أن يتقدمهم، ومن يريد أن يزيح هموهم ، لا بد أن يقاسمهم ” الضرب، والسجن، والاذلال”، وهي بعد ذلك ستكون “أوسمةً فوق أكتافهم، فأنا لا أعرف مريم “داخل حزبها، بل أعرفها كشخصية قومية، وعامة، وليس كثير عليها أن تسير في درب أنديرا غاندي، أو بناظير بوتو، لأنها سارت في هذا الطريق بالتضحيات، والتي تهزم كل من يعتقد أن صعودها سياسيا ، بسبب اسمها، وبلا شك فللاسم حوافزه، لكن مريم لها مقدراتها الشخصية كذلك، ولها سجلها الوطني والنضالي الحافل.