رغم ظروف الحرب…. بدر للطيران تضم طائرة جديدة لأسطولها    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    المتّهم الخطير اعترف..السلطات في السودان تكشف خيوط الجريمة الغامضة    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلفية فأصولية فعلمانية
نشر في حريات يوم 19 - 10 - 2010


: مراد وهبة
أظن أن اللافت للانتباه في عنوان هذا المقال هو حرف الفاء, وهذا الحرف هو الحرف العشرون من حروف الهجاء, وهو علي أوجه, ومايهمنا من هذه الأوجه هو الوجه الأول وهو أن يكون حرف الفاء عاطفا, ويفيد ثلاثة أمور: الترتيب والتعقيب والسببية, والأمر المطلوب هنا هو أمر الترتيب, بمعني أن السلفية في عنوان هذا المقال تأتي في المقام الأول وهي بالفعل كذلك.
والسؤال إذن: حيث إن المصطلحات الثلاثة الواردة في عنوان هذا المقال علي علاقة بالدين أيا كان فالسؤال إذن:
لماذا تأتي السلفية في المقام الأول؟
ونجيب بسؤال:
ما السلفية؟
لغة: السلفية من السلف بفتح السين واللام, والسلف هو ما مضي وانقضي, واصطلاحا يقال السلف الصالح ويقصد به في الإسلام المسلمون الأول من الصحابة والتابعين الذين عاشوا في القرون الثلاثة الأولي من ظهور الاسلام من(632 661 م) أبو بكر(632 634 م) وعمر بن الخطاب(634 644 م) وعثمان بن عفان(644 656 م) وعلي بن ابي طالب(656 661 م) ويعتبر زمن الخلفاء الراشدين هو زمن القرآن والسنة, أي زمن الإيمان, ومع نهاية هذا الزمن, أي في عام661 م تأسست الدولة الأموية برئاسة معاوية بن أبي سفيان, وقد قيل عنه أنه لم يكن يحسن الأمر أو يقيم العدل لأنه كان يؤثر المصلحة علي المنظور الديني ثم ومن بعد ذلك ضعف الإيمان وانقسم المسلمون فسقطت الدولة الأموية في عام750 م, وهو نفس العام الذي نشأت فيه الدولة العباسية(750 1258 م) ومعها نشأت المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية نسبة إلي أبي حنيفة النعمان المتوفي(767 م), والشافعية نسبة إلي محمد بن إدريس الشافعي المتوفي(820 م) والحنبلية نسبة إلي أحمد بن حنبل المتوفي(855 م) والمالكية نسبة إلي مالك بن أنس المتوفي(975 م).
اهتم أبو حنيفة بكل نص إيجابي في القرآن يمكن أن ينطبق علي القانون المدني, ولم يستشهد بالحديث إلا في أضيق الحدود, أما القياس فقد استعان به إلي حد بعيد, ومعناه عنده أن تقاس الظروف الجديدة علي سوابقها التي انطبق عليها القرآن, وكذلك استعان بالاستحسان ومعناه وما يبدو فيه العدل والصواب, ولو خالف النتيجة التي يمكن استنتاجها من القانون الإلهي, وفي حالة الاستحسان كان يقال هذا رأي إلا أن هذا المستحسن قد تحجر مع الزمن وقيل عنه الأصول أو إنه التراث.
أما الشافعي فقد اهتم بمسألة الإجماع. والإجماع في رأيه, هو الاستعمال العام في الإسلام لا في المدينة وحدها, وقد اعتبره الشافعي مصدرا ثالثا من مصادر الشريعة, أما المصدران الأول والثاني فهما القرآن والسنة. وقد رفع الشافعي أحكام السنة إلي مصادر الأحكام القرآنية, لأنه ذهب إلي أن للسنة شأن القران مصدرا إلهيا, وأيده في ذلك أبو حامد الغزالي في كتابه المستصفي إذ يقول: إن الإجماع أهم مصادر الشرع وأن في إمكانه أن يكون القول الفصل في كل أمور الدين لأن إجماع الأمة صواب برحمة إلهية, والمقصود بالإجماع التعاليم والأحكام المجمع عليها من أهل الحل والعقد.
وكتاب الرسالة للشافعي هو أول كتاب في أصول الفقه, ولهذا يقال إن الشافعي هو واضع هذا العلم, علم الأصول, وقال عنه الفخر الرازي' إنه استنبط علم أصول الفقه ووضع للخلق قانونا كليا يرجع إليه في معرفة مراتب أدلة الشرع فثبت أن نسبة الشافعي إلي علم الشرع كنسبة أرسطو طاليس إلي علم العقل, ذلك أن العلماء قبله كانوا يتكلمون في المسائل الأصولية حسبما اتفق, ولم يكن لهم نظام جامع ولا قواعد كلية فوضع القواعد الكلية والقانون الجامع في أصول الفقه(2)
ويأتي ابن حنبل بعد الشافعي الذي التزم القرآن والسنة, ولهذا جاء فقهه خلوا من شائبة الكفر والإيمان فآمن من آمن, وكفر من كفر, فعل الأول الإيمان بفعله وفعل الثاني الكفر بفعله, فلا أحد يجبر علي الكفر ولا علي الإيمان.
يبقي بعد ذلك مالك بن أنس, اشتهر بأنه يكره مفهوم الاستحسان الذي دعا إليه أبو حنيفة, وبالتالي فإنه يكره الأخذ بالرأي, ومن هنا اهتم مالك بالحديث وأضاف إليه الإجماع, ومن ثم أصبح السؤال عن الإيمان بدعة.
وتأسيسا علي ذلك كله يمكن القول بأن الفقهاء الأربعة هم حراس التراث, ولهذا فإن وظيفتهم تنحصر في الفتوي, والفتوي هي بيان وجه الحق في المسائل التي تعرض عليهم طبقا للأصول الأربعة وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس. ومن هنا أصبح الفقهاء الأربعة هم القوة الثانية بعد الأمير أو السلطان المستند إلي الجيش. ومن اجل تدعيم قوتهم تصوروا أن علي المسلمين الايمان بما جاء في القرآن والسنة دون تأويله لأن التأويل يتجاوز القدرة الأنسانية للعقل, ومن ثم يلزم رد كل ما خرج عن القرآن والسنة إليهما لأنهما الأصل. ومع ذلك فقد أخذ بالقياس في الأحكام الفقهية إنما باستنباط حكم القليل من حكم الكثير, أي بطريق القياس التمثيلي أو باستخراج علة الحكم المشتركة بين جزئيات متباينة فيمكن إثبات الحكم لأحدها لوجود العلة التي تشترك فيها جميعا. ومع ذلك كان للقياس دورا محدودا, ومن ثم يمكن القول بأن الدين الإسلامي كان محصورا في الإيمان برسالة.
والسؤال إذن:
ماذا يعني الإيمان برسالة؟
ونجيب بسوال:
ما الإيمان؟
في اللغة العربية لفظ إيمان من آمن ويعني وثق وصدق ويقابله في اللغة اللاتينية لفظcredo وهو لفظ مركب من وCordis بمعني قلب, وبمعني يثق ويصدق ومعني ذلك أن الثقة والتصديق من شأن القلب وليس العقل, ومعني ذلك أيضا أن ثمة تضادا بين القلب والعقل, وهذا التضاد يستقيم مع عبارة الفيلسوف الفرنسي بليز بسكال(1623 1662) وللقلب حجج يجهلها العقل, فإذا قيل الإيمان برسالة فمعني هذا القول أن قبول الرسالة لم يصل بعد إلي تعقلها.
والسؤال اذن:
متي يصل هذا القبول إلي مستوي التعقل؟
عند إعمال العقل لفهم الرسالة المقبول إيمانيا, ولكن مع إعمال العقل يبدأ الشقاق بسبب تعدد الأفهام, وعندئذ يبدأ تحديد الإيمان المتعقل في بنود يلتزم بها المؤمنون بالرسالة, ويقال عندئذ إن هذه البنود هي عقيدة هؤلاء المؤمنين, والعقيدة عندئذ لاتكون من صياغة المؤمنين إنما من صياغة علماء العقيدة, ويقال عنهم في الإسلام علماء الكلام أو المتكلمون, ولهذا يمكن القول بأن علم الكلام نشأ عندما تعددت الأفهام وتباينت فظهرت الشيعة والخوارج والمرجئة, والقدرية القائلين بحرية الاختيار والتي تأثر بها مذهب المعتزلة الذي أسسه واصل به عطاء, وقد أصبح هذا المذهب موضع دعاية في الدولة العباسية من عهد المأمون إلي المتوكل إلي الحد الذي أصبح فيه عقيدة الدولة. وكل من يخرج علي هذه العقيدة توجه إليه تهمة الكفر والزندقة, وهكذا انتقل الاسلام من المرحلة السلفية إلي المرحلة الأصولية.
والسؤال:
ما الأصولية؟
لفظ الأصولية مشتق لغويا من أصول وهذا اللفظ ترجمة للفظ الانجليزيFundamentalism وهو لفظ انجيلي مشتق من لفظ آخر هوFoundation بمعني أساس, وأغلب الظن أن الذي صك المصطلح الانجليزي هو رئيس تحرير مجلة نيويورك وتشمان أجزامينر في افتتاحية عدد يوليو1920, حيث عرف الأصوليين بأنهم أولئك الذين يناضلون بإخلاص من أجل الأصول وأغلب الظن كذلك أن التي مهدت لصك هذا المصطلح سلسلة كتيبات صدرت بين عامي1909 1915 بعنوان' الأصولي'Fundamentals بلغ عددها اثني عشر كتيبا. وبلغ توزيعها بالمجان ثلاثة ملايين نسخة, ويمكن تصنيف الأفكار الواردة في هذه الكتيبات علي النحو الآتي:
* حقيقة جهنم والمجئ الثاني للمسيح.
* مهاجمة تيار نقد الإنجيل لأن هذا التيار يزعم أن الإنجيل تدوين لتطور ديني.
* لتشكيك في قصة الخلق التي تؤكد علي أن الله خلق العالم في ستة أيام واستراح في اليوم السابع.
* رفض أي تأويل للنص الديني.
وأظن أن أهم بند في هذه الأصول هو البند الرابع الذي ينص علي رفض التأويل.
والسؤال اذن:
ما التأويل؟
هو عند ابن رشد اخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية( أي الحسية) إلي الدلالة المجازية(3) وهو أيضا يعني أن للنص الديني معنيين: ظاهر وباطن, فإن كان الظاهر موافقا للعقل فلا قول هناك وإن كان مخالفا لزم تأويله لاكتشاف المعني الباطن. ومن هنا فإن التأويل يخرق الإجماع, إذ لايتصور فيه إجماع, ولهذا يمتنع تكفير المؤول ومع ذلك فأنا أظن أن ماحدث لابن رشد من حرق كتبه ومحاكمته بدعوي أنه كافر ثم نفيه إلي قرية أليسانه مردود إلي مفهوم التأويل علي نحو ما أرتآه. ومن بعد ابن رشد تبلور مفهوم الأصولية عند الفقيه ابن تيميه, ومن ثم انتقل العالم الاسلامي من المرحلة السلفية إلي المرحلة الأصولية.
والسؤال اذن.
ما هو فكر ابن تيمية حتي يقال أنه أصولي وأنه هو الذي نقل العالم الاسلامي إلي المرحلة الأصولية؟
في كتابه المعنون درء التعارض بين العقل والنقل(4) يقرر ابن تيمية أن لدينا دليلين للبرهنة علي سلامة فهم النص الديني: الدليل السمعي والدليل العقلي, والدليل السمعي هو النص الديني المعصوم الذي سمعناه من الرسول( صلي الله عليه وسلم) ويقال عن هذا الدليل السمعي أنه الدليل النقلي. أما الدليل العقلي فهو فهم النص الديني بالعقل والدليلان إما أن يكونا قطعيين وإما أن يكونا ظنيين وإما أن يكون أحدهما قطعيا والآخر ظنيا, إذا كانا قطعيين, أي يقينيين فلا تعارض, واذا تعارضا فلابد إن يكون أحدهما غير قطعي. وإذا كانا ظنيين فالترجيح مطلوب. واذا كان أحدهما قطعيا والآخر ظنيا وجب تقديم القطعي.
وما هو ثابت بالسمع فهو ثابت سواء علمنا بالعقل أم بغير العقل ثبوته, أو لم نعلم بثبوته لابعقل ولابغيره, إن ثبوت ما أخبرنا به ليس موقوفا علي عقولنا وما علي العقل إلا أن يعلم به.
وإذا كان الشرع يقوم علي السمع فيجب تقديم الشرع عند التعارض مع العقل, وإذا كان الشرع يقوم علي السمع فالسمع عندئذ هو مجموع الحواس, أي بلغة أرسطو هو الحس المشترك, والحس المشترك وظيفته إدراك المحسوسات المشتركة التي ليست موضوع حاسة بعينها مثل الحركة والسكون والعدد والشكل.
والحس المشترك, من هذه الزاوية, هو الإجماع, لأن الإجماع, عند ابن تيمية, يستند إلي الحواس برمتها, وبالتالي لايرقي إلي مستوي العقل. وإذا كان ذلك كذلك فإن الحس المشترك لاعلاقة له بالحكم لأن الحكم عملية عقلية نقدية, ومن هنا يرفض ابن تيمية التأويل ومع ذلك يقبله ولكنه قبول لصالح رفضه.
والسؤال اذن:
كيف يكون القبول لصالح الرفض؟
يرفض ابن تيمية التأويل إذا كان معناه صرف اللفظ عن ظاهره إلي معني آخر لأنه يري أن ليس ثمة آية لا معني لها أو مصروفة عن ظاهرها, بل كل آيات القرآن, في رأيه, واضحة في معناها, وليس هناك خفاء, ومع ذلك فانه يقبل التأويل إذا كان يعني الحقيقة الخارجية والأثر الواقعي المحسوس لمدلول الآية, ولكن التأويل, بهذا المعني, يعني تفسير القرآن بالقرآن, فإذا تعذر فعلينا بالسنة المطهرة شارحة ومفسرة للقرآن وإذا تعذر فبأقوال الذين عاصروا نزول القرآن. أما إذا أصبح القرآن كله مصروفا عن ظاهره ومؤولا فهذا تهجم علي مقام النبوة, بيد أن التأويل, بهذا المعني, ليس تأويلا لأنه يقف عند المحسوس فلا يأذن للعقل أن يعمل ذاته في النص القرآني. ولا أدل علي ما نذهب إليه من رفض ابن تيمية للتأويل وتقريره بأن التأويل تحريف الكلم عن مواضعه, ومخالف لإجماع السلف بل إنه عندما سئل عن اعتقاده قال: أما الاعتقاد فلا يؤخذ مني, ولا عمن هو أكبر مني, بل يؤخذ عن الله ورسوله, وما أجمع عليه سلف الأمة. والإجماع, في هذه العبارة, تفيد أن التأويل خروج علي الإجماع, وحيث إن ابن تيمية يشترط الإجماع فالتأويل اذن ممتنع, وإذا امتنع
التأويل انتفي إعمال العقل في النص الديني, وهذا الانتقاء يعني عزل العقل عن الدين. بيد أن هذا العزل مرفوض حتي من قبل ابن تيمية ولكنه نتيجة لازمة من المقدمة التي التزم بها وهي ضرورة الإجماع. وإذا لم تكن مقبولة فيجب تغيير المقدمتين اللتين يستند إليهما ابن تيمية وهما المساواة بين العقل والسمع من جهة والإجماع من جهة أخري. يقول عن المساواة بين العقل والسمع مايلي: وهذا تأملته في مسائل الأصول الكبار كمسائل التوحيد والصفات ووجدت ما يعلم بصريح العقل لم يخالفه سمع قط.. ولايعلم حديث واحد يخالف العقل أو السمع الصحيح.
هذا عن المساواة فماذا عن الإجماع؟
الإجماع توضيح للمساواة, إذ الإجماع يستلزم طاعة العقل للسمع, وهذه الطاعة تستلزم تنازل العقل عن استخدام المجاز في تأويل النص الديني لأن النص لن يقبل المجاز, اذ ليس ثمة تمييز بين ظاهر النص وباطنه علي نحو مايذهب المؤولون, ومن هنا يحكم عليهم ابن تيمية الزندقة والكفر والإلحاد, وهذه هي الأصولية علي الأصالة
ومع ذلك فثمة سؤال لابد أن يثار:
لماذا ينفرد ابن تيمية بتأسيس الأصولية في العالم الإسلامي؟
لأنه بالرغم من أنه عاش في القرن الثالث عشر إلا أنه المولد لحركتين من أهم الحركات المتحكمة في العالم الاسلامي وهما الحركة الوهابية في القرن الثامن عشر في شبه الجزيرة العربية وحركة الإخوان المسلمين في مصر في القرن العشرين. والحركة الوهابية دعوة تلتزم التفسير الحرفي للنص الديني, أي عدم إعمال العقل, ومن هذه الزاوية قيل عن الوهابية أنها ترديد لأفكار ابن تيمية. وكذلك حركة, الإخوان المسلمين التي دخلت في علاقة عضوية مع الوهابية وبالتالي مع المملكة السعودية وقد حولتا هاتان الحركتان التراث الإسلامي إلي أصولية إسلامية, ومن ثم العالم الإسلامي امتنع عن الانتقال إلي المرحلة الثالثة وهي المرحلة العلمانية التي هي نقيض الأصولية وهذا التناقض واضح من تعريفي لكل من العلمانية والأصولية. فإذا كانت العلمانية هي التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق فالأصولية هي التفكير في النسبي بما هو مطلق وليس بما هو نسبي.
هذا العالم الإسلامي فماذا عن العالم المسيحي؟
أجيب عن هذا السؤال في إطار ما هو حادث في ثلاث كنائس كبري: الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية.
والتراث في الكنيسة الأرثوذوكسية يكمن في الإنجيل الذي يحتوي علي وقائع حياة المسيح اللازمة للمؤمن, وسفر أعمال الرسل الذي يعرض لوقائع نشأة الكنيسة الأولي, وللرسائل التي كان يبعث بها الرسل إلي المؤمنين وفيها كل ما له علاقة بالايمان. والمقصود بالرسل هنا: بولس ويعقوب وبطرس ويوحنا ويهوذا وتضاف إلي هذين المصدرين المجامع المسكونية التي هي عبارة عن البنود المطلوب الالتزام بها حتي لايخرج المؤمن عن حظيرة المؤمنين, ومن ثم يدخل الإجماع كعنصر هام لأن من يخرج عن الإجماع توجه إليه تهمة الهرطقة. والاتهام بالهرطقة لازم لضبط الإيمان وبالتالي المحافظة علي التراث مثال ذلك: في مجمع نيقية325 م أدين آريوس لأنه أنكر لاهوت المسيح, وحرم هو وأتباعه من الانتماء إلي الكنيسة الأرثوذكسية وعلي الضد منه كان أثناسيوس الذي أدي دورا أساسيا في صياغة قانون الإيمان. وبناء عليه تقرر تنصيب أثناسيوس بطريركا. وكان ذلك في عام326 م, أي بعد عام من إدانة آريوس, وفي مجمع أفسس الأول في عام431 م أدين نسطور بالهرطقة لأنه قال عن مريم إنها أم المسيح وليس أم الله, وأن للمسيح طبيعتين منفصلتين إحداهما لاهوتية والأخري ناسوتية, وفي مجمع أفسس الثاني في عام449 م أتهم أوطاخي بالهرطقة لأنه قال إن لاهوت المسيح قد امتص ناسوته.
وفي مجمع خلقيدونية في عام451 م تم الانشقاق بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية, وبناء عليه يمكن القول بأن التراث في الكنيسة الأرثوذكسية غير قابل للتطور, وبالتالي فإن الأصولية كامنة فيه بحيث يبدو وكأن التراث أصولي منذ نشأته, الأمر الذي يمتنع معه الدخول في المرحلة الثالثة وهي المرحلة العلمانية.
أما الكنيسة الكاثوليكية فبحكم أنها كنيسة غربية تحاول أن تخرج التراث من الأصولية وذلك من خلال محاولات الإصلاح التي بدأت مع المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني(1962-1965), ومع ذلك فإن هذه المحاولات قد تراجعت أو تجمدت ولا أدل علي ذلك مما جاء في كتاب الكاردينال هانس كينج المعنون المعصوم من الخطأ؟(1970). حيث يقول في مفتتح كتابه ان تجديد الكنيسة الكاثوليكية الذي كان يريده المجمع الفاتيكاني الثاني قد توقف ومعه توقف التفاهم المسكوني مع انكماش المسيحية الأخري, وكذلك توقف الانفتاح الجديد علي العالم المعاصر, وقد حدث هذا التوقف بعد خمس سنوات من إنعقاد المجمع وهو موقف لايمكن تجاهله كما أن صمت رجال الكنيسة واللاهوتيين يعتبر حماقة بل وضارا.(5) وأنا أظن أن هذا التوقف أو الجمود مردود إلي صراع خفي بين مجمع عقيدة الإيمان والمجلس البابوي للثقافة. ففي16 سبتمبر1986 استلمت خطابا من الأب هيرفي كارييه أمين عام المجلس البابوي للثقافة يتنبئ فيه بأن الكاردينال بول بوبار رئيس المجلس قد وافق علي عقد مؤتمر مشترك بين المجلس والجمعية الفلسفية الأفروأسيوية التي شرفت بتأسيسها ورئاستها تحت عنوان الثقافات في صراع أم في حوار.
وقد انعقد هذا المؤتمر في نوفمبر1990, وأهم ماجاء في الكلمة الافتتاحية للكردينال بول بوبار قوله إننا اليوم أكثر من أي وقت مضي في حاجة إلي الكشف عن عوامل الصراع بين الجماعات البشرية, وإلي البحث عن حلول تستند إلي العقل والعدالة والحب الأخوي خاصة أن مصر مازالت حتي يومنا هذا نموذجا أصيلا لملتقي الثقافات بين الغرب والشرق'(6). في هذه العبارات يبدو أن ثمة تناقضا خفيا بين مجمع عقيدة الإيمان والمجلس البابوي للثقافة من حيث إن الأول يدور حول المطلق والثاني يدور حول النسبي, والغلبة للمجمع دون المجلس. وهكذا تكون عبارة هانس كينج علي صواب, وتكون الأصولية أقوي فلا نفسح مجالا للانتقال إلي المرحلة الثالثة وهي العلمانية فيتم الوقوف عند المرحلة الثانية وهي الأصولية. ولا أدل علي صواب عبارة الكاردينال هانس كينج مما جاء في كتاب البابا بنديكت السادس عشر المعنون الكنيسة والمسكونية والسياسة(1987) حيث يقول: إن الكنيسة لاتصنع الحقيقة إنما الحقيقة هي التي تصنع الكنيسة. الحقيقة إذن منفصلة عن الكنيسة ومتصلة بها في آن واحد, وبالتالي فإن الحقيقة في الإيمان الكنسي, ليست في العقل ولكن الإيمان هو الذي يستدعي العقل ويدفعه إلي النور, ومهمة العقل بعد ذلك تكمن في أنه يتعرف, وهو في الإيمان, علي شرط وجوده وهو عدم الاندفاع نحو المطلق لأنه في هذه الحالة سيختلط أمره مع العقل الإلهي, وبالتالي يصبح وجوده مهددا. وفي عبارة أوضح يمكن القول بأنه إذا تجاوز العقل ذلك الشرط واندفع نحو حقيقة مطلقة مجاوزة للحقيقة الإلهية فإنه بحكم المنطق سيندفع نحو اللامعقول, ومن ثم يتحول من العقل إلي اللاعقل, وعندئذ تكون مهمة علم اللاهوت التدليل علي أن ما نؤمن به هو معقول بل هو العقل ذاته.
وهكذا عند البابا بنديكت السادس عشر يلتزم العقل الحقيقة الإلهية دون أن يتوهم امتلاك حقيقة مطلقة مغايرة. وفي تقديري أنه إذا تحقق هذا الالتزام فإن العقل يسقط في هوة الأصولية فيمتنع عن الخروج من الهوة إلي العلمانية ومن هذه الزاوية يمكن القول بأن الجمود الذي أصاب مؤتمر الفاتيكان الثاني بعد خمس سنوات من انفتاحه علي العالم المعاصر مردود إلي تحكم الأصولية من غير قدرة علي مجاوزتها إلي العلمانية.
تبقي بعد ذلك الكنيسة البروتستانية نشأت في القرن السادس عشر في مناخ عصر النهضة الذي كان ضد التراث الوارد من العصر الوسيط المتهم بالجهل والبربرية فدعت إلي الفحص الحر للإنجيل ومن ثم قام كل من لوثر(1483 1546) وزفيجل(1484 1531) وكلفن(1509 1564) بزعزعة السلف الصالح, والفحص الحر للإنجيل يعني إعمال العقل في النص الديني بغير حاجة إلي سلطة دينية أي تأويله يقول لوثر: يرغب الرومانيون في أن يكونوا هم وحدهم المتحكمين في الكتاب المقدس مع أنهم لم يتعلموا شيئا من الإنجيل في حياتهم العامرة, وهم يفترضون أنهم هم وحدهم أصحاب السلطان ويتلاعبون أمامنا بالألفاظ في غير ما حجل أو وجل, في محاولة لاقناعنا بأن البابا معصوم من الخطأ في أمور الإيمان.. وإذا كان مايدعونه حقا فما الحاجة إلي الكتاب المقدس؟ ومانفعه؟.. ولهذا فإن دعواهم بأن البابا وحده هو الذي يفسر الإنجيل خرافة مثيرة للغضب(7).
يبين هذا النص أن تأويل الإنجيل من حق أي إنسان, ومن ثم فالدوجماطيقية ممتنعة, ومع امتناعها لايحق لأحد أن يتهم الآخر بالهرطقة أو الكفر. وتأسيا علي ذلك تعددت المدارس اللاهوتية إلي الحد الذي أفضي إلي نشأة علم لاهوت علماني ففي عام1965 صدر مقال لهارفي كوكس عنوانه المدينة العلمانية دار عليه جدل حاد, ثم صدر في كتاب عنوانه جدل حول المدينة العلمانية(1966). والعلمانية, عند كوكس, تعني انتقال المسئولية من السلطة الكنسية إلي السلطة السياسية, ثم هي عملية تاريخية يتحرر فيها المجتمع من القبضة الدينية.
وفي عام1997 ارتأي القس صمويل حبيب رئيس الكنيسة الإنجيلية القبطية أن يدفع العلمانية إلي أقصي حد عندما قال في مفتتح ندوة نظمتها الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية وكان هو رئيسها: إن الله فوق الأديان. والمفارقة التي تنطوي عليها هذه العبارة هي أنها نقيض الرأي الشائع بأن الدين هو المعادل الموضوعي لله, إذ تقول أن الدين ليس هو المعادل الموضوعي لله, وبالتالي يكون الله هو المطلق والأديان نسبية, ومن ثم يمتنع علي أي دين أن يزعم أنه هو المطلق, وبذلك يقفز القس صموئيل حبيب فوق أسوار السلفية والأصولية وينتهي قفزه عند العلمانية.
هذا عن العالم المسيحي فماذا عن العالم اليهودي؟
التراث, عند اليهود متمثل في الأرثوذكسية اليهودية التي تستند إلي كتابين, الكتاب الأول هو التوراة والتوراة عبارة عن أسفار موسي الخمسة: التكوين والخروج واللاوويين والعدد والتثنية مع أسفار أخري, إشعياء وأرميا وحزقيال, وهؤلاء يكونون العهد القديم, والكتاب الثاني هو التلمود وهو قسمان: المشناه وهي عبارة عن ستة مباحث, والجهارا وهي عبارة عن اجتهادات فقهية حول المشناه, ويعتقد الحاخامات أي الفقهاء بالمصطلح الإسلامي أن الشريعة اليهودية علي نحو ماوردت إليهم منذ البداية, ستظل صالحة إلي الأبد والذي أسهم في هذا الاعتقاد أن أبناء إسرائيل أو العبرانيين كانوا منفصلين عن الشعوب الأخري التي كان يقال عنهم بالمصطلح الإسلامي' الأميين', ومن هنا ارتبط التراث بفكرة تأسيس دولة لليهود, وهذا هو ما يعرف ب المسألة اليهودية وقد كانت هذه المسألة عنوانا لمقال كتبه ماركس في عام1844 ونشره في مجلة حوليات فرنسية ألمانية وكان هذا المقال ردا علي مقال لبرونو باور في عام1843, وكان من رأي باور أن التحرر السياسي لليهود لايتم إلا إذا تلاشي الوعي الديني لليهود, لأن التحرر السياسي يستلزم دولة علمانية تقف ضد الهويات الدينية, ومن بينها الهوية اليهودية.
أما ماركس فكان علي الضد من باور إذ في رأيه أن النظام الرأسمالي الفاسد هو جوهر اليهودية, وهو الذي يمنع اليهود من الذوبان, وأن باور قد أخطأ عندما تصور أن الدين, في الدولة العلمانية, لن يكون له أي دور في الحياة الاجتماعية, ذلك أن ماركس يري أن الدولة العلمانية ليست مضادة للدين بل علي الضد من ذلك إذ هي تفترضه.
أما ثيودور هرتسل فلم يكن محبذا لخلق قوة اقتصادية يهودية تذوب في بوتقة واحدة مع الشعوب الأخري لان ثمة تيارا أقوي عند الشعوب الأخري وشعاره أيها اليهود أخروجوا إنما كان محبذا لتأسيس دولة يهودية علمانية تتجاوز التراث أو السلفية كما تتجاوز الأصولية أو الثيوقراطية وتقفز نحو العلمانية التي لن تسمح للكهنوت بتجاوز حدود المعبد.
وتأسيسا علي ذلك كله يمكن القول بأن المؤسسة الدينية أيا كانت ملتها تمر بمراحل ثلاث وهي السلفية فالأصولية فالعلمانية. وهذا هو المرور الصحي أما المرور المريض فهو الذي يقف عند السلفية من غير مجاوزة إلي العلمانية.
المراجع
(1) حسين أحمد أمين, حول الدعوة إلي تطبيق الشريعة الإسلامية, دار سعاد الصباح, ط1992,3, ص29.
(2) الشافعي, الرسالة, تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر, القاهرة, مكتبة الحلبي, ط1940,1, ص13.
(3) ابن رشد, فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال, الجزائر.
(4) ابن تيمية, درء تعارض العقل والنقل, القاهرة, مركز الأهرام للترجمة والنشر:92,1988 126
(5)HansKing,Infallible,London,Collions,1971,P.9.
(6)MuradWahba(ed),CulturesinConflictorindialogue,.1991p..14
(7)Becker(ed).Germanhumanism(NewYork,continuum,1982,pp.57-.58
(8) ثيودور هرتسل, الدولة اليهودية, ط2, ترجمة عادل غنيم ومحمد عدس مركز نصوص من القاهرة,(2006, ص144 145.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.