ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو والفوز بهدفين لهدف    "حكومة الأمل المدنية" رئيس الوزراء يحدد ملامح حكومة الأمل المدنية المرتقبة    الفوز بهدفين.. ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    لما سقطت طهران... صرخت بورسودان وأبواقها    "الأمة القومي": كامل ادريس امتداد لانقلاب 25 أكتوبر    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    الحكم بسجن مرتكبي جريمة شنق فينيسيوس    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    هل سمعت عن مباراة كرة قدم انتهت نتيجتها ب 149 هدفاً مقابل لا شيء؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    تقرير رسمي حديث للسودان بشأن الحرب    يوفنتوس يفوز على العين بخماسية في كأس العالم للأندية    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    التغيير الكاذب… وتكديس الصفقات!    السودان والحرب    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يعود لإثارة الجدل: (بحب البنات يا ناس لأنهم ما بظلموا وما عندهم الغيرة والحقد بتاع الرجال)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    شاهد بالفيديو.. ظهر بحالة يرثى لها.. الفنان المثير للجدل سجاد بحري يؤكد خروجه من السجن وعودته للسودان عبر بورتسودان    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معلم جان جاك روسو البيعة (العلمانية)..وعقيدة أبن تيمية الجديدة
نشر في الراكوبة يوم 04 - 07 - 2011


فرحان أبو زيد Firmin Abauzit
معلم جان جاك روسو البيعة (العلمانية)..
وعقيدة أبن تيمية الجديدة
شوقي إبراهيم عثمان
كاتب ومحلل سياسي
[email protected]
1-2
دعما لمقالتي: العلمانية في مواجهة تأله الدولة الإسلامية - شبرا بشبر وذراعا بذراع، أجد أن أهم نقطة في مقالتي هذه هي النقطة التي تتعلق بالفيلسوف أبي زيد الذي علم الفلاسفة الفرنسيين البيعة الدنيويةsecular contract التي تؤسس لدولة لشعب nation-state (جان جاك روسو، مؤاف كتاب: العقد الإجتماعي Social Contract)، في مواجهة تأله الكنيسة وإعتقالها للدولة وتأسيس دولة الكنيسة church-state. والبيعة الدنيوية secular contract في جوهر أمرها هي ليست سوى (العلمانية) التي ضج بها شيوخ نجد وصدعوا بها العالم العربي فقسموه إلى إسلاميين وعلمانيين ملحدين منذ أكثر من نصف قرن – لمحاصرة جمال عبد الناصر وشعار الوحدة الذي رفعه.
بالله عليك كيف يمكنك أن تترجم البيعة الإسلامية المعروفة لدينا إلى الإنجليزية أو الفرنسية سوى بأنهاsocial contract . وعليه يجب أن يفهم القارئ الكريم أن كلمةcontract هي بمعنى البيعة.
إذن يجب على جانب الإسلاميين الحقيقيين، الذين يغلبون إعمال العقل ويؤمنون بالبحوث العلمية الحقيقية الجادة على أنها السبيل الوحيد كمنهج لتبيين الحق وإزهاق الباطل، وكذلك على جانب القوى الديموقراطية الحديثة التي دمغت ظلما بمصطلح العلمانية الهلامي الفارغ المحتوى، وحشرت بفضله في زاوية ضيقة، كلا من الجانبين عليهما أن يبطلا إستعمال مفردة العلمانية التي أستخدمت في غير محلها كرديف للإلحاد وفصل الدين عن الدولة. فالإسلام علماني (دنيوي secular) في سياق مشروعية الحاكمية المستمدة من بيعة الشعب، وحقيقة الإيمان في الإسلام إنه حالة فردانية رغم أن للجماعة وللعقل الجمعي دورا وظيفيا، كذلك الإسلام (القرآن) هو عقلاني لأنه خاطب ويخاطب العقل الإنساني ويطالبه بالترقي العلمي بكلياته دون تجزئة – إذ كل شيء في الكون يدخل في سنن الله ولا يخرج من سلطان الله.
تمشكلت مشكلة الإسلام قديما وحديثا فور رحيل صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم، ونجملها في التالي: لم ترغب السلطة السياسية في تطبيق البيعة ولم ترغب في الترقي العقلي – أعتقلت السلطة السياسية الدين. كلاهما –أي البيعة والترقي العقلي- يشكلان خطرا على نظام الحكم الإسلامي عند مبتدأه (لم تقم خلافة الخلفاء الثلاثة الأوائل على بيعة المسلمين بإستثناء خلافة الأمام علي عليه السلام)، وتعاظم ذلك الشعور بالخطر في نظام الحكم العائلي مع بدأية الحكم الأموي وإنتهاءا بعوائل دول الخليج. ولم يكذب الشيخ حسن الترابي حين قال: المسلمون (العرب) يعيشون في ضلالة سياسية عمرها أربعة عشر قرنا.
النقطة االتي أسمح لنفسي بذكرها وقد تغضب البعض، هي أن المعارضة السياسية في السودان بكل ألوانها قد استغرقت طاقتها ونفسها في دائرة مغلقة بلا طائل - دارفور والمؤتمر الوطني. نعم دارفور مشكلة سياسية وحزب المؤتمر الوطني نفسه مشكلة سياسية، ولكن أدوات المعارضة الأدبية والفكرية وخطابها السياسي هي أبعد من أن تحل أو أن تعالج هاتين المشكلتين.
لم ينتبه الجميع أن هنالك إختراق أيديولوجي سلفي تم تصديره من المملكة السعودية إلى السودان، وهذا الإختراق ليس لديه لافتات وعناوين بارزة حتى تراه قوى المعارضة السياسية وتتحصن ضده، بل تم الإختراق سرا عبر كتب أبن تيمية وتلاميذه التي تسربت بخفية وبنعومة إلى أيدي الإسلاميين داخل دائرة المؤتمر الوطني – وحتى في دائرة الشيخ الترابي الشعبيين، الذين آمنوا بغفلة وجهل بعقيدة ابن تيمية السعودية – وابن تيمية هو السلاح الإيديولوجي والتكتيكي والإستراتيجي (السياسي) للمملكة السعودية ودول الخليج. هذا الإختراق السعودي هو المتسبب في رفع بعض ضحايا ابن تيمية شعار الشريعة وتطبيقها بهيستيرية شبيهة الهوس العقلي.
لعبة المملكة السعودية السياسية الماكرة لإفتراس الجيران من الدول العربية هي اللعب على \"وتر العقيدة\"\" – يشككون أولا في \"عقيدة المسلم الموحد\" لله بنفس أسلوب اللعب اللفظي لمفهوم العلمانية، وقد شرحنا لفظة العلمانية بمقالة مستقلة كيف أنهم أستخدموها بمكر وأستفادوا منه سياسيا. وبالمثل إذا آمنت أنت بما كتبه ابن تيمية وتلاميذه من عقائد ومعتقدات لفظية صرت رجلهم أي وهابيا. ومن أشهر تلاميذ ابن تيمية: ابن القيم الجوزية، وابن كثير، والذهبي، المزي، ابن أبي العز، ابن مفلح، وابن عبد الهادي ثم جنوده من ابن باز، ومحمد صالح العثيمين، ومقبل الوادعي، وسفر الحوالي، وسلمان العودة وعصام أحمد البشير الخ وحينها لن تركب مركبهم السياسي فحسب، بل ستصبح معتنقا لعقيدة جديدة a new belief يطلقون عليها زورا تصحيح العقيدة، أو تنزيه أو توحيد الخالق، وليس هنالك أقوى من العقيدة كدافع للسلوك في الإنسان، وعبر هذه العقيدة الجديدة سترى كل المسلمين من حولك غير موحدين – وإذا كنت أرعنا ستكفرهم.
وقبل أن أسترسل لتبيين هذه العقيدة الجديدة أحب أن أذكر نقطة مهمة جدا وهي أن الفتنة الإلهية في السياق الرباني لأمة محمد هي بلا شك متمثلة في ابن تيمية الحراني (661-728ه) – يقول الله تعالى: (الم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت، آية 1-3. هذه الفتنة هي ملزمة للناس ..لا فرار منها، وهي بمعنى الإمتحان أو الإختبار –حتى يقيم الله عليك الحجة. وكان الإمام علي عليه السلام يعلم شيعته قائلا: لا تقولوا نعوذ بالله من الفتنة، قولوا نعوذ بالله من مضلات الفتنة!! لأن الفتنة بمعنى الإختبار هي قدر مقدور وقضاء مسطور – لا إنفكاك منها وهي جزء من الإيمان.
حين تدرس سيرة محمد عبد الوهاب، ستجد أن جده سليمان (شلومان) القرقوزي وهو في الأصل من يهود الدونم تركي، لذا ينسبون أنفسهم ليس إلى جدهم بل إلى أل الشيخ للتعتيم على الأصول. ولإضطهاد السلاطين العثمانيين لليهود هاجر سليمان القرقوزي لسوريا وأستوطن مدينة دوما، وكان يستخدم التقية بأنه مسلم، وحين كشف الأهالي خدعته فر بعائلته لمصر، ثم أيضا هرب من مصر فأستوطن الجزيرة العربية. الرجل سليمان القرقوزي أسلم، ثم أنجب أبناء منهم عبد الوهاب وبدوره هذا أسلم وحسن إسلامه حتى صار قاضيا شرعيا على مذهب الحنابلة. وبما أن بيت القاضي عبد الوهاب ابن سليمان ملئ بالكتب والمصادر الإسلامية خاصة لإبن تيمية وتلاميذه، ترعرع ابنه محمد في حضن كتب ابن تيمية وتلاميذه – ومن هنا أنطلقت الشرارة، أو خرج قرن الشيطان. تنبأ الأب سليمان بزيغ أبنه محمد ومنعه من التحدث في الدين، وكذلك أخيه سليمان كان يعلم بزيغ أخيه وكتب فيه كتابا: الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية. إذ هو في سن العشرين كان ابن عبد الوهاب يرى في زيارة البقيع والأضرحة كفر – وساح أرض العراق طلبا للعلم في البصرة ثم نحو كربلاء والنجف فطردوه أهل العراق الشيعة. وفي العراق لقطه الجاسوس الأنجليزي همفري 1710م الموكل من التاج البريطاني بفتح الطريق لتجارة الفلفل لشركة الهند الشرقية البريطانية ضد المنافسة الهولندية. ولكي يطمسوا هذه الحادثة التاريخية غيروا من تاريخ مولد ابن عبد الوهاب. لماذا لقطه همفري؟ البريطانيون ذاقوا الأمرين على يد الهنود المسلمين في الهند، فوجدوا ضالتهم في ابن عبد الوهاب لكي ترتفع سيوف المسلمين وتضرب بقوة على رقاب بعضهم البعض – قوى همفري من ظاهرة محمد ابن عبد الوهاب التكفيرية ودعمها – فكانت الوهابية.
تاريخ الوهابية له ثلاثة مراحل وفترات، يستحسن دراستها – ولكن الأهم هنالك كثير من الخلق لا يفهمون الصلة ما بين ابن تيمية ومحمد عبد الوهاب، الوهابية هي مجموعة كتب وتعاليم ومعتقدات ابن تيمية وتلاميذه لا غير، ونضيف شيئا آخر – ابن تيمية وتلاميذه بمجموعهم شاميون دمشقيون منحرفون عن آل البيت وينافحون ويبررون لمعاوية وأبنه وللأمويين قاطبة فسقهم وفسادهم – أي منحازون لبني أمية.
فما هي هذه العقيدة الجديدة!؟ نقول: يدور محورها في دائرة المحكم والمتشابه من آيات القرأن الحكيم. المتشابه لا يقصد به أن الآيات متشابهة - هذا إعتقاد سطحي لدى الكثير من الناس، وأنما التشابه المقصود هو ما بين اللفظ ومعناه المتجسد في الواقع. إذا سمعت او قرأت الكلمتين يد زيد، ستتكون في ذهنك صورة اليد التي تعرفها، وأذا سمعت أو قرأت مفردة بقرة، سترى في ذهنك صورة البقرة المتجسدة في الواقع. كيف بك إذن إذا قرأت في القرآن قوله تعالى: يد الله فوق أيديهم!! فماذا يمكن أن تتخيل؟ هل تستطيع أن تتخيل أن لله تعالى يد مثل ايدينا المحددة؟ إذا تخيلت ذلك فقد حددت الله تعالى وجعلته جسما. هذه هي الإشكالية. ولكن إذا علمت أن الاية (يد الله فوق أيديهم) من الآيات المتشابهة، وأن المتشابه من الايات يتبع المحكم من الايات مثل: (ليس كمثله شيء) أنحل الإشكال، وفهمت إستحالة أن يكون لله يدا مثل مخلوقاته.
ولكن ابن تيمية وتلاميذه صنعوا عقيدة جديدة، وهي: إذا انكرت أن لله يدا فقد (عطلت) في رأيهم احد صفات الله وانكرت آية من القرآن وهي في مثالنا الآية (يد الله فوق ايديهم)، وإذا كنتم جماعة تنكر هذه اليد يطلقون عليكم لفظة (المعطلة) لصفات الله، وإذا (عطلتها) فأنت أو انتم في نظرهم غير موحدين بل كفرة. هذه اللعبة اللفظية تفوت على عامة المسلمين لأنهم لا يعرفون المحكم والمتشابه من آيات القرآن الكريم. وقد تفوت حتى على المتعلمين لأنهم ايضا لا يعلمون المحكم والمتشابه من آيات القرآن الكريم، فضلا عن ان هذه الأمر لا يناقش لا سرا ولا علنا، وتوزع كتب ابن تيمية وتلاميذه في خفية للخاصة وللمتنفذين في مفاصل الدولة السودانية. ولا يخفى على الحصيف أن التناقض الظاهري بانكارك مدلول آية قرآنية إذا انكرت أن لله يدا كأنك انكرت القرآن كله، هو الذي يسقط الضحايا في شرك ابن تيمية وتلاميذه. ومعنى ذلك بالجملة ان ابن تيمية وتلاميذه لا يعملون بالمحكم والمتشابه في القرآن الكريم ولا يعترفون به – واترك جانبا ان لفظة المعطلة ليست مصطلحا شرعيا وهي من إختراع المتفقهة في علم الكلام.
هذه المقاربة التشبيهية، يد الله فوق ايديهم – هي مقاربة لفهمنا البشري، حتى نفهم مراد الله.
إذن السعودية تبني عقيدة جديدة بالإسلوب الخفي الذي تعودت عليه الماسونية، بل تمارس نفس طقوسها أي السرية، إذا اصبحت عضوا في دائرة ابن تيمية لن تعدم ان تفتح لك كل الأبواب من دعم مالي وتوظيف في السودان او في السعودية الخ. أخطر ما في هذا الأمر هو أن تعتقد الضحية أن المسلمين الموحدين غير موحدين، وإذا كنت احد ضحايا معتقد ابن تيمية قد يصل بك ابن تيمية وتلاميذه وجنوده إلى درجة تكفير المسلمين الموحدين قاطبة.
ونقول للمعارضة السياسية، أن هذه العقيدة الجديدة قد تسربت إلى العديد من الشخصيات التي لها موقع في الدولة السودانية والحياة العامة، فمثلا الطيب مصطفى صاحب صحيفة الإنتباهة أعتقلته متلبسا بالكتابة في عموده بعنوان كبير وصريح عن: درر ابن تيمية – ويشيد صاحب الإنتباهة بشيخ التكفيريين. نفس هؤلاء الضحايا يتحالفون مع الخط السلفي الوهابي الصريح الذي يقوده عبد الحي يوسف واضرابه وانصار السنة ويحثون بحماسة لرفع راية الشريعة – ولكنها شريعة ابن تيمية. وهذه الحماسة من قبل هؤلاء مردها الوهم بأن عقيدة كل السودانيين غير صحيحة في نظرهم وإنهم غير موحدين – إذن هنالك ثورة إنقاذ ثانية متدثرة بثورة الإنقاذ الأولى ولا تمت لها بصلة. وما مشروع اهل القبلة، ودمج التعليم الأصيل بالتعليم الحديث الخ ليست سوى مؤامرات محبوكة لتذويب الطرق الصوفية وشيوخها بسلاح ابن تيمية.
لماذا يمارسون أسلوب السرية لدعوتهم العقيدية الجديدة؟ أولا لأن ابن تيمية وتلاميذه من ضعف الحال والهزال الفكري بما لا يقاس – إذا اصبحت أفكار ابن تيمية موضوعا للبحث على الصعيد العام انكشف حال الرجل، ولتغطية هذا الضعف والتوهيم على ضعاف العقول يفخمون ابن تيمية ويلقيونه بشيخ الإسلام، وثانيا أن قضية تعطيل الصفات هذه قضية قديمة، وهذا الجدل حولها لا يستحق ان يكفر من أجلها المسلمون الموحدون، ولكن أسألوا أهل نجد او آل سعود فلديهم مآرب اخرى كأن يوحدوا المسلمين تحت راية ابن تيمية، ليس أقل من أن يضمنوا إستمرارية عروشهم. الأن دول الخليج تعمل على اللعب باسماء الله الحسنى بإخراج إسم وإدخال آخر، وهي اسماء توقيفية لا يمكن تغييرها بالزيادة أو النقصان، وبالرغم من ذلك لم نرى احدا في السودان من أدعياء الدين يمتلك حمية الرجال في دمه لكي يقول لا لدول الخليج.
وإن لم يكن هنالك من يقول لا لدول الخليج من رجال الدين السودانيين، فما هو دور المعارضة السياسية؟
في تقديري أن قيادة سياسية للمعارضة لا تفهم ما يتم تفعيله بخفية وما يعد للسودان من سيناريوهات خارجية خليجية، هي قيادة ليست جديرة كأن تقود المعارضة السياسية.
خاصة إذا فهمنا أن ظاهرة الدين هي أس الصراع ما بين الفئة القليلة المتسعودة وعموم الشعب السوداني الغافل، فليس أقل من فتح هذا الملف من قبل المعارضة السياسية، أي ملف أبن تيمية وتلاميذه، وفتح الأسئلة مثل إلى أين يقودنا المتسعودون ودول الخليج دينيا وسياسيا؟ ولا شك أن تفكيك المؤامرة السعودية وتفكيك طابورها الخامس وتحييدهما يبدأ من فتح ملف ابن تيمية والسؤال عن ماذا يكون هذا الرجل، وماذا يمثل في سياق الدين الحنيف، وهل تمثل عقائده الباطلة التوحيد الصحيح؟ وماذا هو موقفه من آل البيت وخاصة طعنه وبغضه لإمام المتقين أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليهم السلام؟ وماذا كان رأي معاصريه من العلماء في شخصه وتعاليمه وأفكاره - حتى لقبوه بالمنافق لقول النبي (ص) في علي: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق!! وسخريته من إستشهاد سبط النبي (ص) الحسين عليه السلام؟ وهرطقاته أو سفاهته المتطاولة على الذات الإلهية: ابن تيمية يثبت في كتبه استقرار الله على العرش ويجوز استقراره على ظهر بعوضة – هذا هذا هو معتقده التوحيدي في رب العالمين، وينزل ابن تيمية درجتين على منبر مسجد دمشق ويقول للمصلين: هكذا ينزل الله من السماء العليا إلى السماء الدنيا – رجل هكذا معتقداته في تنزيه الخالق فكيف صار شيخا للإسلام في السودان في ليلة وضحاها؟!
أنبه بشدة على قيادات المعارضة السياسية أن تفتح ملف ابن تيمية وتلاميذه – ولا يجوز أبدا تجاهل هذا الأمر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.