شدد الرئيس التونسي منصف المرزوقي على أن الديمقراطية الفعلية “لا تعني شيئا” دون “تنمية حقيقية” تساهم في “إخراج حوالي مليوني تونسي يعيشون تحت عتبة الفقر”، في إشارة واضحة إلى أن خطاب حكومة النهضة حول الانتقال الديمقراطي لا يعني التونسيين الشيء الكثير طالما تواصل فشلها في حل المعضلات الحقيقية للفقراء والعاطلين. وأعرب المرزوقي، الذي كان يتحدث الاثنين في افتتاح أشغال المنتدى المفتوح حول “ثورة ضد الفقر” الذي تنظمه رئاسة الجمهورية على امتداد ثلاثة أيام، عن خشيته من أن تتحول الديمقراطية في بلاده إلى “لعبة نخب وأحزاب ولعبة مؤسسات فوق وخارج مشاغل المواطن” على غرار ما حصل في عديد البلدان. وأحرج المرزوقي حكومة حركة النهضة حين طالبها بإيجاد حلول لظاهرة الفقر التي قال إنها أصبحت “تنخر المجتمع”. وقال إن التحدي الذي يتعين رفعه اليوم هو “إخراج مليوني تونسي والمناطق المهمشة لعقود من الزمن، من الفقر، وتثبيت ديمقراطية فعلية وحقيقية تتماشى فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مع الحقوق السياسية، والربط بين الديمقراطية الاجتماعية والسياسية”. وتأتي مطالبة المرزوقي بالربط بين الديمقراطية وتقديم حلول عملية للفئات المحرومة والفقراء في ظل تنامي غضب الرأي العام التونسي تجاه فشل الحكومة في توفير الحياة الكريمة لحوالي ربع التونسيين مقابل خطاب سياسي ما انفك يطمئن على أن الحكام الجدد ملتزمون بالمسار الديمقراطي. ويقول الفاعلون السياسيون والنشطاء إن “ديمقراطية” حكومة حركة النهضة التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم منذ أكثر من سنة لا تعني شيئا للتونسيين في ظل غياب برامج تنموية واضحة قادرة على معالجة المشاغل الحقيقية للمواطن التونسي”. وأظهرت إحصائيات حديثة أن نسبة الفقر في تونس تبلغ 25 بالمائة. وترتفع هذه النسبة في الجهات الداخلية المحرومة إذ تصل إلى 28 بالمائة. ويقول الخبراء إن حكومة النهضة “لم تقدم أنموذجا تنمويا يتماشى مع تطلعات التونسيين بل اكتفت ب”ترقيع” سياسات نظام الرئيس بن علي الذي أطاحت به ثورة 14 جانفي/يناير عام 2010″. ويضيف المراقبون إن اعتماد الحكومة على “سياسة الاقتراض” الأجنبي و”الترفيع في الأسعار” و”عدم انتهاجها لخطة تنموية تلائم بين الانفتاح الاقتصادي والعناية بالمجالات الاجتماعي” زاد في تعميق الأزمة التي يتخبط فيها المجتمع التونسي. ومن جانبه، كشف ممثل برنامج الأممالمتحدة للتنمية، محمد بلحسين عن أن تقرير برنامج الأممالمتحدة للتنمية لسنة 2011 المتعلق بتحديات التنمية العربية أظهر”عدم المساواة والفوارق الكبيرة على مستوى توزيع الثروات بين الجهات” في البلاد التونسية. وقال بلحسين “هناك جملة من المحاذير يتوجب الأخذ بها للتوقي من عدوى الأزمة المالية حيث ان الأنظمة الضريبية يجب أن تكون تدريجية، والمصاريف العمومية يجب ان تكون لفائدة الفقراء على غرار المصاريف على التغطية الاجتماعية، وإحداث مواطن شغل والصحة والتربية”. يذكر أن هذا المنتدى الذي يشارك في تنظيمه عدد من هياكل منظمة الأممالمتحدة مثل برنامج الأممالمتحدة للتنمية، ومنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة، واليونسيف، ومنظمة العمل الدولية، سيتولى اقتراح إصلاحات اقتصادية تهدف إلى وضع استراتيجية للقضاء على الفقر في تونس. ويدرس المشاركون في المنتدى بسبل القضاءعلى الفقر، ومقاومة اللاعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للموارد، وتقييم الوضع الحالي في تونس.