يوما بعد يوم تترايد طلبات المساعدة بسبب اضطرابات النوم، إذ يفعل بعض الناس أشياء بالغة الغرابة أثناء الليل، وارتفعت أعداد المترددين على العيادات المتخصصة في اضطرابات النوم أكثر من أي وقت مضى. وهذه ليست مفاجأة، فأكثر من 30 بالمئة من تعداد سكان المملكة المتحدة يعانون من الأرق أو اضطرابات النوم الأخرى وذلك حسب جمعية الصحة العقلية، خاصة وأن اضطرابات النوم لها نتائج عقلية وجسدية. تقول عيادات اضطرابات النوم أنها تتلقى أسبوعيا أكثر من 50 إحالة لحالات جديدة، وهو مايعد زيادة لخمسة أضعاف العدد خلال عقد واحد، وجائت هذه الزيادة الكبيرة بسبب ارتفاع الوعي باضطرابات النوم، مع تزايد حالات الإبلاغ عنها. كما تعاملت عيادة اضطرابات النوم أيضا مع سلوكيات جديدة أثناء النوم، كما أن اضطرابات شاذة أصبحت أكثر شيوعا، فما هي الغرائب التي يفعلها الناس أمام نومهم؟ تلعب التكنولوجيا دورا ضخما في حياتنا ولهذا فليس من الغريب أن يكتشف خبراء النوم نوعا جديدا من السلوكيات المرتبطة بها. فحسب الدكتورة كريستي آندرسون التي تدير جهاز بحث الإشارات العصبية أثناء النوم، فإن الكثير من الناس يرسلون رسائل نصية خلال نومهم، حيث يحمل الكثير من الناس هواتفهم المحمولة في فراشهم وفقا لإحصائيات هيئة تنظيم الاتصالات بالمملكة المتحدة (أوفكوم). تقول الدكتورة آندرسون “من الشائع جدا أن يفعل الناس أثناء نومهم مايفعلونه في يقظتهم خلال اليوم، وهذا مايطلق عليه باراسومياس وهو أحد أكبر اضطرابات النوم ويسبب سلوكيات غير مرغوبة أثناء النوم، فهم يتصرفون وكأن عيونهم مفتوحة. فما يحدث في عقولنا يشبه المتاهة، وهو لايزال لغزا غامضا. وبالتالي فإن الأشخاص الذين يرسلون رسائل نصية أثناء نومهم يفعلون هذا لاشعوريا، وهو نفس الشيء الذي يفعلونه نهارا ولكن بشكل غير دقيق.” في حين يقول الدكتور كريس أيدزيكوسكي مدير وحدة علاج اضطرابات النوم بأدنبرة “المشكلة أن الناس نادرا ما يقومون بمثل هذه التصرفات عندما يكونون تحت المراقبة العيادة خلال النوم بها، ولكنني أتوقع أنه سيحدث تقدم خلال السنوات المقبلة في هذه النقطة البحثية بسبب توافر الإمكانيات التي تمكن الأطباء من تصوير المرضى في منازلهم.” يفاجأ المرضى بالسير أثناء النوم بعبوات الطعام الفارغة أو الفوضى في المطبخ بعد استيقاظهم. في العادة ليست مشكلة كبيرة أن يتناول شخص ما وجبة صغيرة في الليل، ولكن المشكلة تصبح أكبر إذا كانت الحالة تندرج ضمن متلازمة الأكل الليلي، والتي تزايد رصد حالاتها بسبب تزايد الوعي بين الناس بالاضطرابات أثناء النوم والتي تدفعهم للذهاب إلى العيادة. وتقول الدكتورة آندرسون “السائرون أثناء النوم يفعلون أشياء بسيطة تشابه الاحساس الذي يمارسونه خلال اليوم، مثل تناول الطعام خاصة إذا خلد إلى النوم وهو جائع، أو كان يمارس نظاما لتخفيض الوزن خلال النهار.” في حين يقول جيم هورني الأستاذ بمركز أبحاث النوم بإحدى الجامعات البريطانية “في حالات أكثر تعقيدا فإن الشخص عندما يقوم بطهو وجبة ما فإن يتسلل أثناء نومة ويأكلها دون ان يشعر أنه فعل، وهو نوع من أنواع الأرق، ومثل هذه الحالات المعقدة لايمكنك أن تعزو المشكلة للنوم في حد ذاته، فهو غالبا حالة من الضغط العصبي الذي يؤثر على النوم مثلا.” “سيكسومنيا” هي حالة يمارس الناس خلالها الجنس أثناء نومهم، وجذبت الانتباه الجماهيري خلال السنوات القليلة الماضية. وحسب الخبراء المهتمين بالنوم فإن القليل من الباحثين فقط هم من تصدوا لهذه الحالة، رغم تسجيل العديد من الحالات. وتأتي هذه الحالة تحت تأثير الضغط العصبي، أو تحت تأثير الكحول أو المخدرات، وتتفاوت درجاتها حتى عملية الجماع الكامل، وهو ماحدث مع حالات بعواقب وخيمة. ويقول الدكتور أيدزيكوسكي “إنها حالة تحدث خلال النوم العميق عندما يكون عقل الإنسان معطلا عدا الجزء المسؤول عن ممارسة الغرائز الأساسية مثل ممارسة الجنس مثلا، إنه سلوك غريزي يحدث عندما لايكون العقل واعيا، وهذا النوع من مشكلات النوم يعد مفاجئا بالنسبة للمريض الذي يمكن أن يتعايش معه لسنوات دون أن يدرك أنه يحتاج المساعدة.” عندما يتوقف النائم عن التنفس فإنها حالة يطلق عليها (Obstructive Sleep Apnoea) وهي ليست حالة جديدة من اضطرابات النوم، وتتزايد أعداد المترددين على العيادات بسببها، وتعد البدانة عاملا رئيسيا بها، ويتوقع أن تتزايد أعداد المصابين بها من البدناء. وفي برنامج “صباح الخير يا بريطانيا” تم إجراء اختبارات مستمرة على شخص يدعى باول آسبري من كينجز لين، وتبين أنه يتوقف عن التنفس أثناء نومه لفترات تجاوزت 26 ثانية في إحدى المرات. قال آسبري “لقد شعرت بالرعب عندما أخبرت بهذا، وذعرت من تصور احتمال أن يستمر توقفي عن التنفس لفترة أطول من هذا، تصورت أنها مجرد استمرار لعملية الشخير، ولكنها كانت مشكلة أكبر.” هذا التوقف أيقظ الرجل ذي السبعة والأربعين عاما والذي يعمل سائق شاحنة أكثر من خمسين مرة خلال ساعة واحدة، ويؤكد الدكتور أيدزيكوسكي أن هذا يمكن أن يحدث أكثر من 80 مرة. ويقول “هذه المعاناة لايذكرها المريض وهو مستيقظ، وسببه أن العقل لايكون على اتصال جيد بباقي أعضاء الجسم، وبالتالي فإن المريض يكون مستيقظا ولكنه لايشعر بهذا، ويمكن أن يستغرق دقيقة كاملة حتى يستعيد العقل السيطرة على الجسم، ونتيجة لهذا يفقد المريض القدرة على النوم العميق، مما يسبب الإحساس المستمر بالتعب والإرهاق.” عندما تبدأ في الخلود للنوم ثم تشعر فجأة بقنبلة تنفجر بالقرب من رأسك، فهي متلازمة الإحساس بالإنفجار عند الرأس، ويكون بصوت مرتفع جدا داخل الرأس مثل قصف الرعد أو الصاعقة أو طلقة الرصاص، حسب وصف من يعانون هذه الحالة، الذين أفاد بعضهم أنهم ركضوا باتجاه النافذة لمشاهدة ماسبب هذا الصوت. ورغم أن بعض الخبراء يؤكد أن هذا الحالة نادرة، إلا أن الدكتورة آندرسون أن حالات كثيرة أحيلت إليها تعاني من هذه المتلازمة، وتقول :”الناس يسمعون صوت الانفجار وهم يدخلون في حالة النوم، ثم يفاجؤون أن أحدا غيرهم لم يسمع هذا الصوت، إنه شعور داخلي، وفي بعض الأحيان يستخدم العلاج الدوائي مع المرضى، ولكن هذا شيء مقلق.”
