وصف راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس الاعلام ب”الحزب المعارض” للحكومة واتهم الإعلاميين ب”أنهم لا يقومون بدورهم” كإعلاميين وإنما كمعارضين. وقال الغنوشي الذي كان يتحدث لإذاعة شمس أف أم الخاصة “إن الإعلام لا يقوم بدوره الإعلامي بل هو يقوم بدور سياسي” مضيفا قوله ان “الإعلام حزب معارض”. واعتبر ذلك “حقيقة وأمرا واقعا ومن افرازات الثورة”. وأشار الغنوشي إلى أنه “لا أحد يريد العودة إلى سياسة التمجيد الإعلامي للسلطة لكن يجب إيجاد توازن”. وجاءت تصريحات الغنوشي على خلفية تغطية وسائل الإعلام للأحداث الدامية التي شهدتها محافظة سليانة خلال الأسبوع الماضي التي أصيب فيها أكثر من 300 متظاهر بالرش (طلقات الخرطوش). كما جاءت تلك التصريحات على خلفية تغطية وسائل الإعلام للهجمة الشرسة التي شنها يوم الجمعة الماضي حوالي 300 عنصر من ميليشيات النهضة على مقر الإتحاد العام التونسي للشغل. ويرى الغنوشي أن الإعلام التونسي حاليا “عدو للثورة” فيما يؤكد الفاعلون السياسيون والإعلاميون أن وسائل الإعلام “تعيش عهدها الذهبي نتيجة ما تتمتع به من هامش كبير من الحريات”. وأستفز الغنوشي الإعلاميين حين ظهر في شريط فيديو مسرب خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي في اجتماع مع أمراء الجماعات السلفية وهو يحرضهم على أن “الإعلام يهيمن عليه العلمانيون شأنه شأن الإدارة والجيش”. وخلال سبتمبر/أيلول الماضي اختار الغنوشي دولة قطر ليبعث برسالة تهديد للصحفيين والإعلاميين التونسيين ملوحا باتخاذ “إجراءات راديكالية” من شأنها “تطهير الإعلام” عبر خصخصة وسائل الإعلام العمومية بذريعة أنها كانت بوقا لنظام الرئيس زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة 14 يناير 2010. ومنذ ثورة 14 يناير ما انفكت وسائل الإعلام تنتقد حركة النهضة وحكومتها محذرة التونسيين من ازدواجية الخطاب وفرض نمط مجتمعي سلفي على المجتمع التونسي المتأصل في الحداثة. وتميزت تغطية وسائل الإعلام لتلك الأحداث بكثير من الجرأة والحيادية وهو أمر أثار حفيظة النهضة بعد أن اكتشفت أنها عاجزة عن تضليل الرأي العام. ومنذ تشكيلها إثر انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الاول 2011 أجرت حكومة حمادي الجبالي تغييرات على رأس عدد من وسائل الإعلام عينت بمقتضاها صحفيين وإعلاميين موالين لحركة النهضة. وأثارت تلك التعيينات غضب الصحفيين والإعلاميين الذين نظموا العديد من الوقفات الاحتجاجية والإعتصامات منددين بسعي الحكومة إلى “تركيع الإعلام والإعلاميين”. ويرى الغنوشي أن حرية وسائل الاعلام تهدد مشروعه السلفي لأن غالبية الصحفيين والإعلاميين التونسيين غير مقتنعين لا بفكر النهضة ولا بخطابها السياسي ولا بأداء حكومتها التي خيبت آمال التونسيين. ويرى زياد الهاني عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين أنه منذ استلام “حركة النهضة” الحكم، هناك مساعٍ لوضع اليد على الإعلام، تجسدت في تعطيل النصوص القانونية التي تم إصدارها لتنظيم العملية الإعلامية، وفي انشاء هيئات تعديلية تتولى تعيين المسؤولين والمشرفين على هذا القطاع. وبرأي الهاني فإن “حركة النهضة تبحث عن الولاء وليس عن الكفاءات في الإعلام”. وكان وزير الخارجية رفيق عبد السلام، صهر راشد الغنوشي، أعلن أن الحكومة لا تسعى إلى السيطرة على الإعلام، لكنها تريد “تطهيره” لكي لا تتحول وسائل الإعلام إلى “منابر معادية” للحكومة وللنهضة. وتسعى نجيبة الحمروني رئيسة النقابة الوطنية للصحفيين إلى إعادة هيكلة النقابة وبنائها على أسس جديدة بما يجعلها جسدا متضامنا قادرا على حماية الصحفيين من “بطش السلطة” الذي يقول عنه الإعلاميون أنه “قادم لا محالة”.