يواجه قانون الصحافة الجديد معارضة كبيرة من قبل الإعلاميين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، حيث أعلنت أكثر من جهة رفضها ومناهضتها له، على اعتبار أنه يكرس كبت حرية الصحافة ويضع المزيد من العراقيل امام حرية التعبير في البلاد. ويضم القانون عقوبات وغرامات مالية فضلا عن إمكانية التوقيف والحظر وسحب السجل الصحفي ووقف أو إلغاء الترخيص وعقوبات أخرى، رأى معارضو القانون أنها تمثل خطرا على مستقبل الصحافة في البلاد. وقد أعلنت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات مناهضتها لمسودة القانون الجديد والسعي لإسقاطه بكافة الوسائل السلمية واصفة إياه بأنه خطر على حرية التعبير والصحافة والهدف منه تقييد حرية الصحافة وتشديد القيود على الوصول إلى المعلومات. وقال رئيس الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات الدكتور فاروق محمد إبراهيم ان مسودة القانون الجديد تؤكد ان الصحافة السودانية مقبلة على مرحلة جديدة من التضييق وبشكل سافر، مضيفا: نقف مع الصحفيين في خندق واحد من أجل بسط الحريات ومناهضة هذا القانون، فالصحافة السودانية تعاني اليوم من الرقابة القبلية والبلاغات الكيدية وتشريد الصحفيين ومنعهم من الكتابة فضلا عن حجب الإعلانات. وكانت رئيس لجنة الإعلام بالمجلس الوطني عفاف تاور قالت إن العقوبات التي وردت في المسودة الجديدة، وافق عليها رئيس البرلمان، وتجوّز للمحكمة توقيع عقوبة الغرامة وإيقاف الصحيفة وتعليق المطبعة وإيقاف رئيس التحرير والناشر والصحفي وسحب السجل الصحفي، وإيقاف أوإلغاء ترخيص المطبعة، أو الصحيفة أو مركز المعلومات. وقد رفض القطاع السياسي للمؤتمر الوطني مسودة القانون الجديد، التي ترتب لجنة الإعلام بالبرلمان لمناقشتها مع القيادات الصحفية. وكشف مصدر رفيع بالمؤتمر الوطني لصحيفة “المجهر” السودانية، عن اتجاه القطاع السياسي إلى سحب المسودة من اللجنة بعد أن تفاجأ بأنه تم تمريرها إلى البرلمان عبر أمانة الإعلام قبل اعتمادها من الحزب. وكان أول قانون للصحافة في السودان قد صدر في العام 1930 إبان الاحتلال الإنجليزي، واستمر سارياً حتى تم تعديله بعد الحرب العالمية الثانية، حيث قامت السلطات الإنجليزية الحاكمة آنذاك بتعديل القانون في العام 1947، ثم عُدِّل مرة أخرى في العام الذي تلاه، واستمر قانون الصحافة سارياً في السودان حتى بعد رحيل الإنجليز، ليتم تعديله مرة أخرى في العام 1959 إبان حكم الفريق إبراهيم عبود، أما أول قانون سوداني للصحافة فصدر في العام 1973، ووصلت قوانين الصحافة بالقانون الجديد إلى “11″ قانوناً، وكان أول قانون للصحافة في عهد الإنقاذ قد صدر في العام 1993. قانون الصحافة الجديد للعام 2012 وردت في الفصل السابع منه مواد متعلقة بالجزاءات والعقوبات، فبالنسبة للجزاءات نصت الفقرة “ه” من القانون على العقوبة ب”الإيقاف أو الإلغاء لترخيص المطبعة أو الصحيفة أو مركز الخدمات الصحفية في حال مخالفة شروط الترخيص” ، أما الفقرة “و” فقالت “إيقاف الصحفي لمدة لا تتجاوز الشهرين”. وقال حقوقيون إن قانون الصحافة للعام 2009 كرّس الرقابة على الصحف، والقانون الجديد سيكرّس تقييد الحريات الصحفية. وأضافوا: المشكلة ليست في القوانين، إنما في العقلية الحاكمة. واعتبر محامون أن “أخطر ما ورد في قانون الصحافة الجديد تلك المواد المتعلقة بتجريم الصحفي وحبسه”، بالإضافة لذلك فإن القانون الجديد تحدث عن معايير الأمن القومي، التي يفترض أن يحددها ميثاق شرف صحفي بدلاً عن ما هو موجود..والمواد في هذه المسألة “مطاطة”، فحتى مسائل الفساد يمكن أن تعدّ من قضايا الأمن القومي. من جهته، دعا (نقيب الصحفيين) دكتور محيي الدين تيتاوي إلى رفض القانون الجديد. ووصفه بأنه لا يوجد الأسوأ منذ العام 1990، وذلك لأن كل القوانين كانت تأتي عبر صحفيين، يؤخذ برأيهم، إلا أن القانون الجديد لا علاقة له بالصحافة، “وضعه أناس لا علاقة لهم بالصحافة”، واصفاً إياه بأنه قانون “فاقد الأبوين”. وقال: نحن كاتحاد صحفيين سنقدم مقترحاتنا لتعديل هذا القانون في كل مواده، وما يتعلق بتكوين مجلس الصحافة وطريقة عمله، ومسألة الحريات الصحفية وغيرها.