عاد المشير عمر حسن البشير إلى الظهور العلني إلى المسرح العام برقصة جديدة وتلويح بالعصا بعد غياب استمر أكثر من نصف العام منذ خضوعه لعمليتين جراحيتين وألقى البشير خطبة قصيرة على غير عادته، ودعا فيه إلى حل الصراعات الداخلية في إشارة إلى خلافات الإسلاميين بالحوار. ودشن المشير عمر البشير أمس الخميس 27 ديسمبر، إنتاج حقل حديده بولاية جنوب كردفان، وسيبدأ الحقل في ضخ (10) آلاف برميل من النفط الخام يومياً ، ويتوقع أن ترتفع إلى ستين ألف برميل يومياً- حسب المصادر الحكومية. ودعا عمر البشير خلال مخاطبته اللقاء الجماهيري بمناسبة الافتتاح بولاية جنوب كردفان، كل أبناء السودان إلى نبذ مظاهر الصراع الداخلي، والإحتكام إلى نهج الحوار السلمي لحل المشاكل الداخلية. لكنه لم يقدم أي مقترحات حول الحوار وطبيعته، وما سيقدمه من تنازلات حول التحول الديمقراطي والتوصل إلى تسويات سلمية حول دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان التي يجري فيها النفط الذي احتفل به البشير ، وأعتبر مراقب سياسي ” حديث البشير مع أنه يحمل مرونة ظاهرية لأول مرة منذ سنوات ، إلا أنه لا يخرج عن باب الاستهلاك السياسي والحديث على الهواء بعد خروجه من المرض” واحساسه بضرورة تغيير سلوكه، وفسر المراقب السياسي ” أن الحديث الذي ذكره بالحوار يقصد به رفاقه في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية والمنشقين عنه خوفاً من التحالف مع المعارضة وتغييره ” وجاء حديث عمر البشير لأول مرة منذ أن أعلن حلفاؤه داخل حزبه وحركته وحكومته عن محاولة انقلابية قادها مسؤول الأمن والمخابرات السابق صلاح قوش وضباط عسكريين مقربين منه ، وكان أحدهم يعمل في تأمينه الشخصي، وهو ما يشير إلى أن الخلافات دخلت البيت الرئاسي في ظل أزمة خانقة وقرب شبح الحرب مع الجنوب وهو يخيم على الحدود المشتركة “. وزاد : ( الصراعات الداخلية تضعف البلاد وتهيئ الجو للأعداء والمتربصين بنا). واللافت أن عمر البشير ألقى خطابا لحوالى عشر دقايق ، وهو خطاب قصير له في المناسبات الجماهيرية مما يؤكد انه لا يزال في مرحلة من مراحل مرضه، وقال (نقول لأعداء السودان الذين قالوا إن السودان بعد فقدان بترول الجنوب سيضيع.. نقول لهم الأرزاق ليست من أمريكا ولا عند إسرائيل ولا من أوروبا ولكن الأرزاق من عند الله.) . ولم ينسى عادته في الرقص ، ولوحظ البطء في رقصته حيث أخذ يرقص ويلوح بعصاه ببطء في أول تجمع جماهيري يحضره منذ خضوعه لعملية جراحية في السعودية وأخرى في قطر ، وثارت تكهنات من دبلوماسيين ومدونين سودانيين بشأن الحالة الصحية للبشير (68 عاما) بعد أن قل ظهوره في المناسبات العامة خلال الأشهر الماضية. ولم يحضر البشير مؤتمرا اقتصاديا في الخرطوم يوم 27 نوفمبر تشرين الثاني وهو من الأحداث التي اعتاد في الماضي استغلالها لمهاجمة حظر تجاري تفرضه الولاياتالمتحدة على بلاده. وقال ديبلوماسي غربي في الخرطوم لصحيفة (الحياة) إن البشير أراد بظهوره أمس الرد على من يروجون أن حالته الصحية غير طبيعية وأن الحزب الحاكم ينبغي أن يطرح ملف خلافته، ما فتح الباب لتكنهات ومعلومات تتحدث عن خلاف وسط قيادات الحزب في شأن تسمية مرشح للحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2015. وتصاعدت المطالب وسط الإسلاميين الذين يسيطرون على الحكم منذ أكثر من 23 عاماً بإصلاحات وتغيير القيادات والمسؤولين الذين ظلوا يتقلبون في المناصب الحكومية أكثر من عقدين ومحاربة الفساد واتاحة الحريات وتحقيق العدالة. لكن البشير قلل من مذكرة شباب الإسلاميين التي تدعو إلى الإصلاح. ويواجه نظام عمر البشير متاعب من إسلاميين غاضبين على اداء حزبهم الحاكم وتهميشهم من قلة ظلت تستأثر باتخاذ القرار، إلى جانب قطاع واسع من المواطنين الناقمين على تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية المتأزمة، إضافة إلى نشاط المعارضة المسلحة في دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق وتبني المعارضة السياسية خيار تغيير النظام.