سيد محمود الحاج [email protected] مافي شك في ذلك فهو فوق فهم وإدراك كل لبيب و ذي عقل لكنه في ذات الوقت وللذين تذوقوا طعمه يظل أحلى من الزبيب و ألذ ّ من ضرب الحبيب لأنه مال يأتيك دون مشقة ودون ان تتكبد أي جهد يُذكر .. يعني بالعربي بتاعنا ما ضاربك فيه حجر دغش … ليس مهماً ان أفهم أنا او تفهم أنت طالما ان أصحاب الأمر يفهمون انها فلوس تأتيهم بموجب القانون وتقسّم بين أفراد العصابة وفق ضوابط معينة و حسب الحاجة !! كلما أفكر في أمرها أتخيل شوال من نوع (جامبو) مختوت وراء كرسي كل وزير ومدفوس رُبط من كل الفئات ابوعشرة..ابوعشرين ..ابو خمسين وبعدين إنت وشطارتك او إنت وقرابتك او علاقتك مع الوزير وإنت وحاجتك كمان .. عاوز تبني عمارة..عاوز تعرس لي روحك مرة تانية او تالتة..عاوز تعرس للولد والا البنت.. عاوز تدرسهم او تعالجهم في الخارج.. عاوز تشتري عربية للولد او البنت كهدية نجاح او أحفظ مالك للمدام بمناسبة رأس السنة .. المهم إنو مال مجنّب !! وبالمناسبة هنالك فرق بين المال المجنّب والمال السائب الذي يعلّم السرقة.. فالمال المجنّب ليس كذلك لأن مصدره معروف وكمان محسوب ومسموح بتجنيبه بنص ما ورد في نصوص فقه السترة دون أي حق لمراجع بمراجعته او تقصيه ويجوز للوزير او القائم على الأمر أخذ مايريد منه وكذلك الأتباع كل حسب مركزه وحسب حاجته كما يجوز التبرع بجزء منه لأي جهة حتى لو كانت وهمية طالما كان المتقدم بالطلب من أفراد العشيرة وليس غريباً فهو مال مستخلص من عرق الشعب ومن دمائه والشعب وعرقه ودمه وحتى ملابسه التي عليه ملك خالص لكل كوز مهما كان شكله او مركزه. أما المال السائب فهو مال غير معروف او أنه مهمل من قبل صاحبه فلا يحاسب ولا يراجع الطرف القائم على أمره وفي ظل هذا الإهمال تمتد يد الوصي لتأخذ شيئاً منه عن طريق التلاعب في الحسابات او إبراز فواتير وهمية او بغير قيمتها الحقيقية فهو إذن يدخل في باب الحرام ويعاقب عليه القانون بعكس مال التجنيب الذي لا تحوم حوله شبهة الحرام فالقانون هو من يسرقه لك ويأتي به إليك وأنت في مكتبك وإلا لما ورد ذكر هذا المصطلح في تقارير المراجعين وفي الميزانية على ألسن الوزراء و وكلاء الوزارات وغيرهم بكل جرأة فهو ليس عورة ينبغي سترها بالتالي فهو حلال خالص لأهل السلطة و لا يكتسب صفة الحرام إلا ّ إذا دنت منه يد من هو ليس من أهل البيت ! . ومال التجنيب ظاهرة حديثة من ظواهر الإنقاذ التي تتجدد يوماً بعد يوم وحسب الظروف والمناخ السائد .. مثلها مثل التوجه الحضاري وعرس الشهيد وزاد المجاهد والدبّابين ودمغة الجريح والسائحين والذكر والذاكرين وغيرها مما لم ينزل الله به من سلطان.. أما الآن وقد ساد موسم الجفاف بفقدان مال البترول الذي كان يغطي على الكثير من الممارسات الخفية كان لابد من إيجاد بند مأكلة جديد يحول دون تذمّر كوادر النظام وضيق ذات يدهم فكان ان جاءت بدعة مال التجنيب التى هي أحلى من الزبيب وألذّ من ضرب الحبيب و فوق فهم اللبيب كما يردد كل فرد منهم مغنيّا في سرّه او أثناء إستحمامه بالماء البارد . عموما ً فإنه بإستمرار ظاهرة التصحّر وجفاف كل موارد اللغف (بالحجم العائلي ) كما هو واقع اليوم فتوقعاتي للعام الذي على الأبواب ان تقوم مافيا الإنقاذ بإصدار صكوك غفران إسلامية تماماً كما فعل البابا ( لاون العاشر ) في العصور الوسطى .. صكوك تباع قسراً للشعب المغلوب على أمره ويصبح أمر شرائها ملزم لكل فرد لتُغفر بموجبها ذنوبه وتُمسح آثامه فالظروف في الحالين تتشابه إلى حد كبير .. ولكن هل بقيت لهذا الشعب المسكين آثام حتى يضطر لشراء صكوك غفران بعد ان ظل في الجحيم لما يناهز ربع قرن من الزمان !؟؟.