محمد كامل لقي حديث النائب الاول لرئيس الجمهورية الاخير ردود افعال واسعة وسط المهتمين بالعمل الطوعي في السودان، فقد لوحظ ان حديث النائب حمل اتهامات لمنظمات لم يذكر اسمها بأنها تتلقي اموالاً من المخابرات المركزية الاميركية بهدف العمل علي إسقاط النظام في الخرطوم، وهي تهمة خطيرة متى ما قورنت بحديث المسؤول في السفارة الاميركية بالخرطوم والذي قاله في ندوة نظمها اتحاد الصحافيين عن العلاقات الاميركية السودانية، فقد ذكر الدبلوماسي ستافورد إن حكومته لا تعمل لإسقاط نظام البشير، وغاية مرادها ان ينصلح هذا النظام ويصلح شعبه، ولكن وبعد تصريحات النائب الأول فإن الحكومة تكون دمغت تصريحات الدبلوماسي الاميركي بالكذب، لأنها اكتشفت ان المخابرات الاميركية تدعم منظمات مجتمع مدني سودانية لإسقاط النظام القائم. ومن ردود الافعال التي أثارها حديث نائب الرئيس، انه فتح الباب لمراجعة مسيرة وكتاب العمل الطوعي والانساني في السودان، بحيث تقلب كافة صفحاته خصوصاً تلك المتعلقة بالمنظمات المسجلة لدى مفوضية الشؤون الإنسانية واجهزتها المتعددة، ويشرف عليها أشخاص محسوبون على النظام ويسمح لهم بتلقي الاموال من الداخل والخارج، بل والسفر على حساب الخزانة العامة للمشاركة باسم المجتمع المدني السوداني في المحافل الدولية دون ادني اعتبار لشروط ومطلوبات المشاركة، الامر الذي احدث ربكة ملحوظة لدى نشطاء العمل الطوعي والانساني، بحيث اخذوا في التساؤل اكثر من مرة هل هذه المنظمات تمثل الحكومة أم تمثل المجتمع المدني السوداني؟ وفي هذا الخصوص لدينا توثيقات للعديد من المؤتمرات الدولية التي أُدينت فيها الحكومة شر إدانة بسبب انتهاج وفودها الرسمية وشبه الرسمية لأساليب منافية لمبادئ العمل الطوعي والانساني الدولي. وبالنظر الى أحقية منظمات المجتمع المدني السودانية من كافة المدارس والمناهج، فإنه من المستغرب أن تعامل السلطة المنظمات الوطنية على اساس الخيار والفقوس، وتقوم بتمويل بعضها من المال العام وتهمل البعض الآخر، ثم تطلب الحمد من المنظمات ومن المجتمع الدولي وتطلب التمويلات الدولية باسم المجتمع المدني، وهي تعلم ان بينها وبين ذلك فراغاً عريضاً، ان اتهام منظمات سودانية بالتعامل مع المخابرات الاجنبية يفتح الباب واسعاً لتوسيع الاتهام لبعض المنظمات المتسربلة بلباس الحكومة، فهي ايضاً تتلقى اموالاً، وهي أيضاً وبحسب انشطتها المتابعة قامت بخدمة اهداف سياسية لدول خارجية، فهل الخيانة نوعان احداهما بنت الحكومة والاخرى بنت المعارضة؟ وهل الأموال المستخرجة من وزارة المالية الاتحادية لدعم منظمات بعينها والاموال المستلمة من المانحين الأجانب والمجيرة لصالح منظمات بعينها وشخصيات معروفة بقربها من السلطة، هل هذه الأموال حلال أم حرام؟ أم أن مجلس الإفتاء أصدر فتوى بأنها من اللمم؟ كل هذه الاسئلة وغيرها ستكون نقطة النقاش حول عمالة المنظمات وما اذا كانت هذه التهمة صحيحة ام لا. إن العمل الطوعي السوداني تعرض خلال العقدين الماضيين الى تشويه بائن اقعد السودان عن المشاركة بفعالية في المؤتمرات الدولية النافعة، ومن الواضح أن الممسكين بملف العمل الطوعي في السودان لا يفقهون عنه الكثير، ويكفي أن كرسي السودان ظل شاغراً في آخر مؤتمر دولي أُقيم في قطر عن التغير المناخي، ولو ان المجتمع الدولي دعا لمؤتمر عن تحويل الأموال لرأيت هؤلاء يشدون عصا الترحال اليه ولو في الصين او مدينة جنيف السويسرية، ويتراكضون لضمان استلام البريديم والعملات الحرة، ثم يعودون بخفي حنين، والامثلة على ذلك موجودة وبكثرة، فهل نطمع في أن يدعو داع الى اقامة مؤتمر جامع لإعادة الحياة للعمل الطوعي الانساني في السودان، بعد أن اصبحت العديد من المنظمات المسجلة وفق القانون الساري الشائه مشروعات تنمية للعاملين عليها واصحاب الحظوة والمحاسيب والقطط السمان؟!