زين العابدين صالح عبد الرحمن [email protected] في تطورات مثيرة عقب توقيع ميثاق كمبالا ” الفجر الجديد” من قبل الجبهة الثورية و أحزاب الإجماع الوطني, و الذي وجد ردا عنيفا من قبل الحكومة و توعدت فيه الذين وقعوا الميثاق, بدأت أحزاب الإجماع الوطني تتراجع عن الميثاق باعتبار أنه ميثاق يحمل الكثير من الخلافات حول بعض بنوده المتعلقة ب ” علمانية الدولة – توزيع الأقاليم – الرئاسة- و أخيرا وسيلة التغيير و غيرها من القضايا” و اعتقدت بعض أحزاب المعارضة إن الميثاق يحتاج إلي حوار بين موقعيه من أجل الوصول إلي برنامج سياسي يكون مقبولا للكل, و إن كانت أغلبية قوي المعارضة قد أكدت أنها سوف تناضل عبر الطرق السلمية لإسقاط النظام, ما عدي الحركات المسلحة المنضوية في ” الجبهة الثورية” قد تبنت الكفاح المسلح أداة لإسقاط النظام, و قد كشف الميثاق إن هناك بونا شاسعا بين القوي المعارضة, رغم اتفاقها جميعا في السعي لإسقاط النظام, و لكنها اختلفت في الوسيلة, و بالتالي يكون الميثاق قد باعد الهوة بين قوي المعارضة و خلق العديد من الخلافات. و في الجانب الأخر بدأ حزب المؤتمر الوطني يصعد من نبرة التحدي و الوعيد, حيث قال الرئيس السوداني؛ عمر البشير، يوم الجمعة، لدي مخاطبته حشدا جماهيريا في مدينة طابت بمحلية الحصاحيصا بالجزيرة, إن المعارضين والخونة والعملاء الموجودين بكمبالا وأوروبا باعوا أنفسهم للشيطان، ووصفهم بأعداء الدين والوطن، هدفهم تغيير النظام في السودان، قائلاً إن طريق حكم السودان ليس عبر كمبالا بل عبر الشعب. وأكد البشير عزم الحكومة التصدي لأي محاولة تهدف للنيل من استقرار البلاد. إن حديث الرئيس الذي يحمل لغة التهديد سوف تعطل كل إجراءات الحوار التي كان قد دعا إليها في خطابه في يوم الاستقلال, و هذه ليست المرة الأولي إن تكون هناك دعوة للحوار ثم يكون هناك حدثا و تتغير لغة الخطاب 100 درجة مما يؤكد إن المؤتمر الوطني غير جاد في قضية الحوار أنما هي مناورات لكسب الوقت, و أيضا المعارضة نفسها هي غير جادة في الوصول إلي مشروع سياسي تتفق عليه و يقنع الجماهير للوقوف معه. و أيضا, حرَّض والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر أئمة المساجد على التصدي عبر منابرهم لميثاق “الفجر الجديد” الذي وقعته أحزاب وحركات مسلحة بكمبالا، قائلاً إن الوثيقة تهدف إلى طمس الهوية وفرض الفجور والمجاهرة بالمعصية، التي ترفضها الفطرة السوية. و السيد الوالي جنح نحو استخدام الإيديولوجية في عملية الصراع السياسي و استخدام هذه اللغة هو تصعيد القضية, و هي نفس اللغة التي كانت تستخدم في بدايات الإنقاذ و التي دفعت الآخرين من أجل حمل السلاح. كما أكدت في مقالات سابقة إن التلويح بالسلاح لا يحل مشاكل السودان, و لا يقيم نظاما ديمقراطيا, و لا اعتقد في كل تاريخ الإنسانية هناك قوي سياسية انتصرت بالكفاح المسلح قد أقامت نظاما ديمقراطيا, أنما تتعلل بشتى الأسباب للهروب من الديمقراطية, و أمامنا ثلاثة قوي سياسية حملت السلاح ” الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا و التي ملأت السجون بالمعارضين و أيضا الجبهة الشعبية في أثيوبيا التي ترفض قيام نظام ديمقراطي, و أخيرا الحركة الشعبية في دولة جنوب السودان. و لكن هذه ليست مشكلة المعارضة في عدم تحديد خياراتها, أيضا الحكومة التي لم تقتنع قياداتها السياسية أن تحل المشاكل عبر الحوار, و تتنازل عن دولة الحزب إلي دولة التعددية السياسية و الغريب في الأمر كلما تحدث الرئيس عن حوار مع المعارضة لم يتعدى حديثه أيام يأتي حدث تتغير لغة الحديث مما يؤكد أن دعوة الحوار ما هي إلا تكتيكا يحاول المؤتمر الوطني يغازل بها المعارضة فقط و لكنه لا يمثل مبدئية. القضية الأخرى إن القيادات السياسية التاريخية التي تقود المعارضة هي نفسها تشكل حالة نفسية للجماهير في أن تتبني برنامجها السياسي الذي تتعثر في الوصول إليه, و هي تقدم علي خطوة سرعان ما تتراجع عنها مما يؤكد أنها هي نفسها لا تدري ماذا تفعل. إذن القضية السودان تتعقد كل يوم حيث فشلت المعارضة للوصول لبرنامج سياسي تتفق عليه, و في نفس الوقت إن المؤتمر الوطني يراهن علي خلافات المعارضة و لا يسعي للحل من أجل السلام و الاستقرار, حقيقة هناك قوي في كلا الجانبين تستفيد من الحروب و الصراعات و النزاعات التي تنتشر في كل أقاليم السودان, و هي قوي لا تستطيع أن تعيش و تحقق مصالحها إلا عبر الأزمات و الخاسر الوحيد هي جماهير الشعب التي قتلها الفقر و المرض و الفاقة و نسال الله إنقاذهم من هذا الوضع المذري.