محمد وداعة الله [email protected] اخيرآ فطنت الحكومة الى ان انكار وجود الفساد لن يزيد الامور الا سوءآ ، وبناءآ على ذلك كلفت عدد من الخبراء بوضع أستراتيجية لمحاربة الفساد و كونت لاجل ذلك لجنة لوضع دراسة حول الفساد فى أجهزة الدولة ، اوكلت بروفسير بخارى الجعلى رئاسة اللجنة، وعضوية وزير المالية الأسبق سيد على زكى ، بروفسير بركات موسى الحواتى،د. الكندي يوسف ، د. يوسف الكودة ، عثمان ميرغنى ، غنى عن القول ان هذه خطوة فى الاتجاه الصحيح و بداية حل المشكلة هو بالاعتراف بوجودها ، كما ان البداية الصحيحة تستوجب اعتبارها مشكلة قومية تهم كافة الشرائح الاجتماعية ،ولا نبالغ ان تمنينا وضع قانون لمحاربة الفساد و انشاء محكمة خاصة به و ان تبدآ الحكومة بمنسوبيها فكل المساحات التى يتفشى فيها الفساد و يتطاول هى فى جرفها ، جاء فى الاخبارأن اللجنة عقدت اكثر من( 25) أجتماعا استمعت فيها لشخصيات عامة ، ومن مسؤولى المصالح الحكومية و الخدمة المدنية والأمن الاقتصادى والمباحث الجنائية ومسجل الشركات ، وأوصت اللجنة فى دراستها بتكوين مفوضية لمناهضة الفساد تتكون من القضاء الواقف والجالس وكبار رجالات الخدمة المدنية ، و انه لمن المفيد ان تكون هذه المفوضية مستقلة وكاملة الصلاحية وذات سلطات قضائية و ان تعلن اعمالها للرأى العام ، واننا اذ نخشى عليها من مصير لجنة ابو قناية التى حاصرها الفساد فماتت و لم تنجح فى ضبط حالة فساد واحدة ، وقد اصبح الفساد ظاهرة و( ظاهرآ) ، لذلك فمحاربته و كشفه واجب على الجميع ، وهذا واجب على الاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدنى و النقابات و الاعلام و الافراد ، ويجب ان تكون معايير القبول المجتمعى و السياسى مرتبطة بالموقف من قضية مناهضة الفساد ، عليه يمكن اختبارمدى جدية الحكومة فى الالتزام بعمل حزمة من الاجراءات القانونية لمكافحة الفساد و تضمين هذه الاجراءات لكل مشروع او اجراء مالى على حدة ، و التزام المزيد من الشفافية حيال الانفاق العام و تنفيذ تعاقدات الدولة العامة ، وان تمنع هذه المفوضية اجهزة الدولة من التصرف فى المال مالم تنص مستنديآ على الاجراءات المتبعة لتجنب الفساد ، (Cpi) مؤشر مراقبة الفساد تصدره منظمة الشفافية الدولية سنويا لحوالى 180 دولة. ولعدة اعوام متتالية يتصدر السودان قائمة الدول الأكثر فسادا ، ففى العام 2012م جاء ترتيب السودان 176 من 180 دولة شملها التقرير وعرف التقرير الفساد بأنه اساءة استغلال السلطة ( المؤتمنة) للسياسين والموظفين من أجل تحقيق المصلحة الشخصية ، وهو العائق الرئيسى أمام جهود التنمية وتقليل معدلات الفقر و يعكس الفشل فى تعزيز الشفافية والنزاهة بفعل تفشى المحسوبية وأستغلال النفوذ مما يهدد كيان الدولة الأقتصادى و بنيانها الأجتماعى ويتسبب فى انهيارها فى نهاية المطاف.