(أحمد يوسف التاي- الانتباهة) الفساد..!!.. أحمد يوسف التاي للفساد وجوه كثيرة، أجلها فساد كبار المسؤولين وموت الضمير وقلة الحياء… الفساد الحقيقي هو فساد السياسات الكلية وفساد المقاصد، واستغلال النفوذ، وجعل المنصب العام وسيلة للتكسب غير المشروع… فساد السياسات هو التربة الخصبة لنمو المحسوبية وتفريخ الظلم وإسناد الأمر لغير أهله بإقصاء المؤهلين وتقريب الفاشلين، وهو السُّلَّمْ لتسلق الانتهازيين والموتورين والمهووسين، والمفسدين… فساد السياسات هو أيضًا الجسر الذي يعبر به ضعاف النفوس للوصول إلى أهدافهم غير المشروعة ومن تحته «ترسو» سفن العطاءات المليارية لتصل إلى أهل الحظوة متسللة تحت جنح الليل لتجعل منهم إمبراطوريات استثمارية محمية بالنفوذ والصلاحيات الاستثنائية، وهي أيضًا الطاولة التي «يتم تحتها» توقيع العقودات المشبوهة، واستلام «الكوميشنات» على مستوى رفيع… كبار اللصوص في مثل هذه العمليات الكبرى لا يتركون أثراً لاكتشاف فوادح الجرائم التي اغترفتها أيديهم الآثمة فهم من الذكاء بمكان… فساد السياسات هو تلك الجرثومة الخطيرة التي تفتك بجسد البلاد أي بلاد وبمقدورها الإفلات من عقاقير المراجع العام وآليات الفساد ولجان فحص الإقرارات… حالات الاعتداء على المال العام التي «يحجينا» بها المراجع العام في كل عام لنضع أيدينا على رؤوسنا وسرعان ما نستفيق من هول الصدمة بقليل من المداد ندلقه على ورق الجرائد، هذه الحالات ليست هي الفساد الذي نستهدف محاربته، ما هي إلا الظاهر من جبل الجليد، وما هي إلا نتائج لفساد السياسات، أو هي أعراض الداء العضال الذي يستوجب البتر… أن يسرق موظف أو يرتشي أو يخون الأمانة ماهذا إلا نتائج الفساد الكبير وأن القوانين باستطاعتها أن تحاكم مثل هؤلاء النشالين الصغار، وبإمكانها أن تسترد المال المسروق أو بعضًا منه وبمقدورها أن تضع المختلس والمرتشي في الحبس، لكن هل بإمكانها أن تفعل شيئًا تجاه فساد السياسات وكبار اللصوص، وإلا فأروني واحدًا ممن تطاولوا في البنيان وأقاموا المشروعات الاستثمارية العملاقة والشركات من لا شيء مستغلين مناصبهم الحكومية ونفوذهم السياسي تم تقديمه لمحاكمة فهل كل هؤلاء شرفاء؟!! وهل من فساد أكبر من هذا؟!!