نورالدين مدني.. [email protected] *نعلم أن السوق في السودان لاتتحكم فيه المبادئ والقوانين الاقتصادية التي يحكمها واقع العرض والطلب ، ونعرف أن السوق في السودان غلاب، وقد إعترف الإمام الصادق المهدي عندما كان رئيسا للوزراء أن السوق غلبهم. *لم يختلف الأمر في العهد المايوي الذي بدأ يساريا وإنتهى يمينيا بعد أن جرت مياه كثيره تحت جسره عقب( المصالحة الوطنية) فقد كان السوق حاضرا وغالبا ايضا. *اذكر في أواخر العهد المايوي أن المجلس الاقتصادي الذي كان يرأسه الرئيس الاسبق نميري أصدر بيانا أعلن فيه أن زيادات الاسعار على السلع طفيفة ، وكانت بالفعل كذلك لأنها كانت زيادة قروش وليس زيادة جنيهات التي هي آلاف الجنيهات في أيامنا هذه. *وقتها كتبت في كلام الناس بصحيفة( الصحافة) أنه ليس بالضرورة أن نفهم في الاقتصاد حتى نحس بحجم زيادة الأسعار التي كانت عمليا كبيرة بحسابات ذلك الزمان، وأن التعامل المباشر مع أي دكان في السوق يكشف لنا دون أن نحتاج الى درس عصر اقتصادي حجم الزيادة التي حدثت في الاسعار. *نقول هذا بعد ان غرقنا في دوامة زيادات الأسعار بلا رابط منذ أن طبق وزير المالية الأول في حكومة الانقاذ عبد الرحيم حمدي سياسة التحرير الاقتصادي باسلوب الصدمة ، لكن السوق هذه الأيام تجاوز حالة الزيادة في الأسعار الى إنفلات وسَعََر اذا صح التعبير خاصة بعد إنفصال الجنوب. *أصبح مؤشر المفاوضات مع دولة جنوب السودان يؤثر على االسوق وأية زيادة مهما كانت طفيفة على أجور (الغلابة) من العاملين في الدولة تؤثر في السوق ، ولم نعد نعرف من الذي يتحكم في الدولار. *قبل يومين كنت في احدى بقالات ال (سوبر ماركت) التي انتشرت على طول الخرطوم الكبرى وعرضهاعندما علقت على الزيادة التي فاجأتني في اسعار الألبان قائلا: الله يكون في عون الناس، فاجأتني شابة منقبة – وضعوا الف خط تحت منقبة – عندما قالت بصوت عال : الله يسهل مخارجتنا من هذا البلد. *حزنت بالطبع ..لكن هذا هو واقع الحال في بلادنا الامر الذي دفع بعض شبابنا الى الخروج من السودان وبعضهم لجأ الى اسرائيل وأدى ببعضهم والعياذ بالله الى الخروج من الملة. *وبعد.. ألا يستوجب ذلك الإسراع بالتنادي الى كلمة سواء بين كبارنا في الحكومة والذين خرجوا من تحت عباءتها وفي المعارضة في الداخل والخارج للإتفاق على المعالجة الشاملة لاختناقاتنا السياسية والاقتصادية والامنية بدلا من التنابز بالألقاب وفاحش القول.