اعلنت جبهة الانقاذ الوطني المصرية المعارضة الاثنين رفضها دعوة الرئيس محمد مرسي لحوار وطني وصفته بانه حوار “شكلي” وطالبته بضمانات ل”الجدية” على رأسها تشكيل حكومة وحدة وطنية وتعديل الدستور واقالة النائب العام داعية في الوقت نفسه الى تظاهرات جديدة في مختلف انحاء البلاد يوم الجمعة المقبل. ومع تصاعد الازمة واستمرار الاشتباكات في القاهرة وعدد من المحافظات بين مجموعات من المتظاهرين والشرطة، اقرت الحكومة المصرية مشروع قانون يتيح لمرسي نشر الجيش للمساعدة في حفظ الامن كلما ارتأى ضرورة لذلك. وغداة اعلان الرئيس حالة الطوارئ في محافظات القناة الثلاث، بورسعيد والسويسوالاسماعيلية، حيث سقط 42 قتيلا خلال الايام الاربعة الاخيرة معظمهم في بور سعيد، اعلن قادة جبهة الانقاذ الوطني الثلاث، محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى، في مؤتمر صحفي رفضهم دعوة الرئيس الى الحوار معتبرين انه “لا ضمانات لجديته” وانهم لن يشاركوا في جلسات “فارغة من المضمون” وجددوا شروطهم الاربعة للمشاركة. وكان مرسي دعا في خطاب القاه مساء الاحد “قادة القوى السياسية” الى “حوار وطني” الاثنين. وقال البرادعي، مؤسس حزب الدستور، “لن نشارك في حوار شكلي وخال من المضمون ولن نذهب لكي تكون هناك (مجرد) صورة” تنشر حول حوار وطني، بينما اكد مؤسس تيار الشعب حمدين صباحي “نرفض الحوار احتراما لشعبنا ووطننا ومن موقع الجدية والمسؤولية الوطنية، واذا وافق الرئيس على الضمانات والشروط اللازمة لضمان جدية الحوار” فسنذهب اليه. واضاف صباحي ان الشروط اللازمة للمشاركة في الحوار وهي ان “يعلن رئيس الجمهورية مسؤوليته السياسية عن الدم المصري المراق في الشوارع” وان “يعلن بطريقة واضحة ومؤكدة انه مقتنع بمطالب الشعب ويحترم تظاهراته السلمية وان يقر بتشكيل حكومة وحدة وطنية”. واكد ان بين ضمانات الجدية التي تطالب بها الجبهة “اخضاع جماعة الاخوان المسلمين للقانون”. وترفض جماعة الاخوان المسلمين، التي ينتمي اليها الرئيس المصري والتي ظلت محظورة رسميا لمدة تزيد عن خمسين عاما، هذا الامر رغم ان المعارضة تطالب باستمرار بذلك منذ ثورة 2011 التي اسقطت الرئيس السابق حسني مبارك. ودعت الجبهة في بيان الى تظاهرات في “كافة ميادين التحرير (في مختلف المحافظات) يوم الجمعة المقبل للتأكيد على حرمة دماء الشهداء، وتحقيق أهداف الثورة”. من جهتها اقرت الحكومة مشروع قانون يقضي ب”زيادة فترة مشاركة القوات المسلحة مع الشرطة المدنية في مهام حفظ الامن التي كانت تنتهي (بموجب مرسوم سابق من رئاسة الجمهورية) باعلان نتيجة الاستفتاء (على الدستور) حتى انتهاء الانتخابات التشريعية القادمة وكلما طلب رئيس الجمهورية منها ذلك”. واقر مجلس الشورى، الذي يتولى السلطة التشريعية في البلاد حاليا مساء الاثنين هذا القانون كما افادت وكالة انباء الشرق الاوسط. وكان الرئيس المصري هدد مساء الاحد باتخاذ مزيد من الاجراءات الاستئنائية في البلاد اذا اقتضت الضرورة. وقال في كلمة بثها التلفزيون الرسمي “اكدت انني ضد اي اجراءات استثنائية ولكني اكدت انني لو اضطررت سأفعل حقنا للدماء وحماية للمواطنين وها انا افعل”، مضيفا “اذا رايت ان ابناء الوطن او مؤسساته او الممتلكات العامة والخاصة يتعرضون لخطر ساضطر لاكثر من ذلك”، مكررا “سأضطر لفعل اكثر من ذلك، لمصلحة مصر سأفعل، هذا واجبي ولن اتردد فيه لحظة”. ميدانيا، تواصلت الاشتباكات في منطقة كورنيش النيل وكوبري قصر النيل قرب ميدان التحرير بالقاهرة طوال يوم الاثنين. وسقط جرحى جراء هذه المواجهات ابرزهم الناشط السياسي احمد حرارة عضو حزب الدستور المصري المعارض الذي سبق ان فقد عينيه الاثنين في احداث الثورة، بحسب شهود عيان. وقال الناشط السياسي احمد دومة “وزارة الداخلية او ميليشيات الاخوان المسلمين جلبوا اشخاصا يرتدون ملابس ‘بلاك بلوك' ويطلقون الخرطوش على المتظاهرين من فوق الفنادق”. واضاف دومة، الذي تحدث اثناء تواجده في منطقة الاحداث، “هناك اصابات كثيرة بطلقات الخرطوش التي تنهمر علينا من اتجاه الداخلية”. وقال مصدر امني اخر ان هذه المواجهات اسفرت عن اصابه ضابطين وتسعة مجندين بجروح. وقام متظاهرون مساء الاثنين باشعال النار في سيارة مدرعة للامن المركزي في محيط ميدان التحرير، كما استولوا على مدرعة اخرى وقادوها الى الميدان التحرير حيث تم اشعال النيران بها هي الاخرى. وقتل شخص اثناء مواجهات وقعت صباح الاثنين بالقرب من ميدان التحرير. وبلغت حصيلة اعمال العنف التي تشهدها مناطق متفرقة من مصر منذ يوم الجمعة الماضي 52 قتيلا على الاقل بينهم 42 في مدينة بور سعيد وحدها بعد مقتل شخص اخر امام احد مراكز الشرطة في المدينة مساء الاثنين. وفي تحد لقرار الرئيس فرض حالة الطوارئ وحظر التجول ليلا في مدن القناة الثلاث الواقعة شرق البلاد نزل الالاف الى الشوارع بعد التاسعة، موعد بدء سريان حظر التجول للتنديد بهذا القرار. وفي بور سعيد هتف المتظاهرون “بالروح بالدم نفديكي يا بورسعيد” و”يسقط يسقط حكم المرشد” في اشارة الى محمد بديع مرشد جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي. وفي الاسماعيلية، خرج الالاف من المتظاهرين للتعبير عن رفضهم للقرار. وقال شهود عيان ان الاهالي قرروا اقامة دورات لكرة القدم امعانا في كسر الحظر. ونقل التلفزيون الرسمي خروج مئات المتظاهرين في مدينة السويس مساء. وكان الرئيس المصري اعلن مساء الاحد فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال في المدن الثلاثة اثر المواجهات العنيفة التي شهدتها. على الصعيد الخارجي ادان البيت الابيض الاثنين “بقوة” اعمال العنف الدامية في مصر. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني “ندين بقوة اعمال العنف الاخيرة التي تجرى في عدة مدن مصرية”. واضاف كارني في لقائه اليومي مع الصحافيين “ننتظر من جميع المصريين التعبير عن انفسهم سلميا، كما ننتظر من القادة المصريين التاكيد بوضوح على ان العنف غير مقبول”. كما طالبت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية بوقف استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين. ودعت المنظمة في بيان السلطات المصرية إلى وضع حد لاستخدام القوة المفرطة من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين، وحثت الامن على الامتناع عن استخدام القوة القاتلة إلا إذا كان لا مفر منه لحماية الحياة. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسيبة حاج شعراوي، “يجب ان تعطي السلطات المصرية اوامر واضحة للشرطة لاحترام الحق في التجمع السلمي وتجنب القوة المفرطة او غير الضرورية” واضافت “يجب أن توضح السلطات تماما أن من يستخدم القوة المفرطة او التعسفية سيقدم للعدالة”.