أتفاءل كثيراً بالمعسكر الإعدادي الذي يتعرض فيه المريخ للهزائم من فرق كبيرة أكثر من ذلك المعسكر الذي يخوض فيه الفريق مباريات مع فرق غير معروفة ويفوز عليها بالخمسة والستة، والفرق بين النموذجين واضح هنا، ولكن ما يصاحب برنامج الإعداد الجاري هذه الأيام في الدوحة أمر مختلف تماماً عن كل تلك النماذج التي يمكن أن نستدعيها واحدة تلو الأخرى منذ أن كان الفريق يبحث عن الإعداد البدني في رمال توتي وحتى بعد إنضمامه لنادي الأثرياء وسفره للإعداد في إثيوبيا وكينيا وتونس ومصر والخليج . ومن هنا جاء إختلافي مع ما كتبه الزميل الأستاذ مزمل أبوالقاسم قبل يومين أن إعداد المريخ الحالي يعتبر الأفضل لنادٍ سوداني على مر التأريخ، وأشير هنا إلى أن تلك الأفضلية التي قصدها الأخ مزمل إنما هي من الناحية الإعلامية والمظهرية، حيث لعب مع بطل أندية العالم والدوري الألماني بايرن ميونيخ، والفريق الروسي زينيت الذي يعتبر من القوى الحديثة والصاعدة المرعبة في كرة القدم الأوربية وكذلك مع الوحدات الأردني وهو أقل الفرق التي لعب المريخ أمامها حتى الآن، وتأكيداً على أن المسألة قد ذهبت ناحية التفاخر أكتر من كونه مشروع جاد نرجو منه الكثير، أن الإعلام المريخي نفسه قد تعامل مع المناسبة بشكل مختلف ومغاير وضار، وطفق يطلق الألقاب الغريبة على فريقه على نحو (العالمي) وغيرها من بعض المبالغات التي أتوقع أن تكون هي المشكلة الكبرى التي تواجه الفريق في بقية الموسم، وإن كان البعض من أساتذتي يرى أن معسكر المريخ الحالي هو الأفضل لنادٍ سوداني على مر العصور، فإنه المعسكر الأكثر كلفة مالية في تأريخ الكرة السودانية والشيء بالشيء يذكر أيضاً، وليس من العقل أن أنفق بهذا الشكل على إعداد فريق لم أحصل منه بعد على مؤشرات ثقة في قدرات لاعبيه وهل هم قادرون على بلوغ أدوار حاسمة في البطولات الأفريقية أم سيكون كل ما يبذل الآن هشيماً تذروه الرياح. نحن نعيش في عالم لا يغفل شيئاً في كرة القدم الحديثة وحسابات صناعة فريق يفرض نفسه كفريق بطولات، ولكن أكثر ما يخيفنا من كل ذلك أن الدور الإعلامي قد أصبح سالباً بالدرجة التي انشغل فيها الكتاب والصحافيين عن جادة الأمور بالتفاخر والمغايظات وحملات من التبخيس كل ضد الآخر لدرجة أفقدت التنافس الشريف معناه، وأصبحت تحفز المشجعين العاقلين للنكسات أكثر من حشدهم بموضوعية لمساندة فرقهم، وقد انشغل الإعلام المريخي في الفترة الأخيرة على سبيل المثال بتأكيد عالمية فريقه ولكن (على الصحف) طبعاً.. فمن الناحية المنطقية ما زال هلالنا ومريخنا تائهين في برزخ تحديد الهوية ما بين الإحتراف والهواية الفوضوية وليس من العقل في هذه المرحلة أن نتحدث عن عالمية، وكذلك رمت الصحف الزرقاء بكل ثقلها في حرب التبخيس لتأكيد وصافة المريخ وأنه أقل منهم.. وغيرها من مجهودات التبخيس التي أرى أنها لو كرست لطرح الآراء والأفكار والتزمت الموضوعية ستكون نواة لبنيان سليم.. غير أن الواضح جلياً في واقع وحاضر الصحافة أن الطرح الجاد قد تعارض مع الإنتشار والتوزيع.. حسب المفاهيم السائدة، وأنه لابد من السطحية لتوزيع هذه الصحف حتى لو كانت النتيجة أن الرياضة السودانية لم تتطور ولم تتقدم.. وهي بالفعل كذلك..! الزخم الذي يصاحب إعداد القطبين في الدوحة من وجهة نظري أكبر عائق لإستفادتهما فنياً، وما يفعله أنصارهما بقيادة معسكري الإعلام صنع (داحس والغبراء) ومعارك أخرى في غير معترك جعل أنصار المريخ مثلاً ينقلبون على الفريق وجهازه الفني مبكراً بسبب أنهم فشلوا في إحراز هدف وحيد في ثلاث مباريات إعداداية تباينت في وقتها، ودون أن يحقق أي انتصار بينما كان كروجر يركز فقط على إعداد الفريق لمباريات أهم. بقلم / أبو عاقلة اماسا