تجربة عبد الله محمد الحسن مديراً لنادي المريخ.. سوابق وأحداث تؤكد أن ثورة التغييرات الإدارية تدور في فلك خمسة أسماء فقط جمال الوالي قال له: ماعندي زمن أقرأ ليك الورق ده كلو.. متوكل أحمد علي: نحن رفدناك خلاص..! أبوعاقله أماسا عندما تعاقد المريخ مع الأستاذ عبد الله محمد الحسن ليكون مديراً عاماً للنادي، إستبشرنا خيراً، وتوقعنا أن يقفز المريخ قفزات كبيرة نحو الإحترافية روحاً وتطبيقاً.. وكان سبب ذلك التفاؤل أن هذا الرجل سبق له أن عمل في عدة أندية خليجية كبيرة على رأسها العين والوصل وترك سجلاً ناصعاً هناك بعد أن هيكل تك الأندية وشق قنوات إنساب فيها العمل الإداري بلا صعوبات، وكان من المساهمين الذين مهدوا للتحول الكبير الذي شهده الدوري الإماراتي من دوري هواة أنيق، إلى دوري محترفين بكامل الدسم، يضم لاعبين بملايين الدولارات، مع تنظيم وتعامل مؤطر بثقافة وإحترام كبيرين.. وفي نهاية المطاف سمعة كبيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة في العالم والمنطقة العربية وآسيا، وكثيراً ما خلصنا في نقاشاتنا إلى أن الرياضة السودانية بصورة عامة وأندية القمة عندنا على الوجه الأخص بحاجة إلى مثل هذه الكوادر المميزة فهماً وتنظيماً لكي تسهم في إعادة بناء المفاهيم الأساسية لتنطلق نحو آفاق أرحب، فما زلنا نمارس رياضة عشوائية تعتمد على المظاهر وتهمل الجواهر والأصول. لم يمكث عبد الله أكثر من شهور قبل أن يلفظه مجتمع المريخ، ولأننا نخنق أنفسنا بلامبالاة غريبة فإننا لم نقيم حتى الآن تجربة هذا الرجل مع نادي المريخ ونحدد فشله أو نجاحه، وفي حالة فشله نطرح السؤال الضروري: (لماذا فشل؟).. فقطعاً نحن بحاجة إلى قدرات مثل قدرات عبد الله محمد الحسن وخبراته الطويلة في مجال تنظيم وهيكلة الأندية الكبيرة، ونقل العملية الإدارية من تلقائية تقليدية إلى احترافية مشرفة على كافة المستويات، ولكن ما حدث حقيقة يأتي من ضمن الأسباب الرئيسة التي تجعلنا أكثر قناعة من غيرنا بأن المريخ لن يتقدم على مستوى المنهجي الإداري في ظل رئاسة جمال الوالي، وهذا ليس تعدياً على الرجل بقدر ماهي محاولات لقراءة طريقته في إدارة شؤون هذا النادي.. فقد نقل جمال نادي المريخ من حيث كان يعاني الفقر في كل شيء إلا العقول والحنكة في إدارة شئون الأفراد.. بمعنى أن كل مشكلات المريخ كانت تتمحور في شح الموارد، وفي عهد الوالي تحولت المشكلة إلى النقيض تماماً وأصبح المال والترف والمظاهر هي المشكلة الأساسية، لدرجة أنهم يحاولون التغلب على بعض المشكلات الخاصة بالجوانب المعنوية والروحية أيضاً بالمال، وقليلاً ما تجد الرئيس مشاركاً في إجتماع مع مجلسه للتفاكر والتشاور حول أوضاع تخص النواحي الإدارية والتنظيمية اليومية، وكثيراً ما يتلقى أخبار المشكلات الخاصة بهذه النواحي من وسطاء يضخمون أو يقللون من شأنها، ومع ذلك، لا يتدخل إلا عندما تتحول المشكلة إلى أزمة معقدة.. وكل التفاصيل الصغيرة كان النادي ليتجاوزها بالهيكلة التي تقدم بها الأستاذ عبد الله إبان فترته مديراً عاماً للنادي، واحتوت على كل صغيرة وكبيرة تخص المريخ في سبيل أن يكون نادٍ محترف بمعنى الفهم والكلمة، تقدم بها للرئيس جمال الوالي، ولكن رد الأخير كان محبطاً.. فقد قال الرجل للمدير: (ليس لدي وقت لقراءة كل هذا.. لخصه لي في بضع ورقات لا تتجاوز العشرة..).. هذا الرد كان محبطاً لرجل في قامة عبد الله.. ولكنه رفض الإستسلام من أجل عيون محبي وعشاق المريخ، ومن أجل أن تأتي الأجيال القادمة وتجد مريخاً يناطح الكبار ويهزمهم ولا يقارعهم إلا بلغة البطولات، لذلك ثابر ولخص الهيكلة في تسع وريقات فقط قدمها مجدداً، ومع أنها قد تقلصت إلى ما دون ال(7%) إلا أن الوالي لم يقرأها وأراد ملخصاً منها حتى ينسجم مع طريقة (الإكسبريس) التي يتعامل بها، وأسلوب الإختصار الذي أرى أنه كان كل العيب في أسلوب إدارته، لأن بعض القضايا لا يفيد معها إلا أسلوب القتل والحسم، أما الإختصار فإنه يؤدي إلى تفاقم ومضاعفات لكل الأزمات والمشكلات وهو ما يحدث منذ سنوات في المريخ. المهم في تجربة عبد الله محمد الحسن مع المريخ مديراً عاماً ومغامراً إنتحارياً أنه فوجيء بمحادثة من متوكل أحمد علي ذات صباح يبلغه فيه بأنهم قد استغنوا عنه وبطريقة أقل إحتراماً: (نحن رفدناك من الشغل).. وهذه الطريقة بطبيعة الحال لم يكن من بينها خطاب محترم يمنح المريخ الكبير مكانته وهيبته، ويؤكد إحترام هذه المؤسسة للقامات الرياضية، فمن الطبيعي أن يكون هنالك خطاب شكر يحتوي على مستحقات الموظف المالية من أجل إنهاء العلاقة بشكل قانوني محترم، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وحتى الآن لم يسلم النادي هذا الرجل استحقاقاته المالية وبذلك يكون حصاده من هذه التجربة إذلال وهضم حقوق. إستناداً إلى ذلك.. أؤكد أن التعديلات الإدارية التي أعلن عنها مجلس المريخ قبل ثلاثة أيام ليست أكثر من تعديلات يصحبها ضجيج كبير وصوت ثوري مزيف، وهي في الأصل ليست سوى قرار من عشرات القرارات التي أعلنت في العشر سنوات الأخيرة، والتي تهتم بتغيير الوجوه والمقاعد في نطاق لا يتسع لأكثر من ستة أسماء فقط.. يذهب إبراهومه ويعود صديق.. تتم إقالة الجنرال ويتم تعيين حاتم.. قبل أن يتكتمل عمليات الحفر حوله ليسقط ويأتي عبد الصمد وهكذا بدون برنامج معلن وهيكل.. والبعض منا يتحدث عن (الروح) في أداء الفريق في الملعب، وكأن هذه الروح هي من تلك المواد المعبأة في قنينات صغيرة وتباع في البقالات كمنكهات.. وكأن الأمر لا يتعلق بجملة ممارسات وتنظيمات يكون حاصل أداءها المنظم والمرتب (روح أداء قتالي وغيرة).. فجميع من يعمل في الحقل المريخي هذه الأيام يعرف تماماً أن الروح الوحيدة السائدة بين الناس هي روح التنافس على المكاسب الخاصة، ليس من بينهم إثنان يتفقان على رأي واحد وهدف واحد، وكلهم إبتداءً من نائب الرئيس وحتى عمال المعدات وعمال النادي يتملكهم إحساس بأنهم يعملون في مؤسسة تتبع لجمال الوالي، أو بالأحرى يعملون مع جمال الوالي شخصياً وليس في نادي المريخ، لذلك تجدهم جميعاً يتصلون به شخصياً لإبلاغه أمر ما عن الآخرين، والوالي بدوره يسمع من هذا وذاك ولا يستطيع التفريق بين ما ينفع الناس وما يصلح حال أولئك الأفراد. حتى الطريقة التي يفكرون بها غير واضحة وفيها تنوع وتلون مخل، فمن غير المعقول أن يستعين المجلس بالكابتن إبراهومه أكثر من عشر مرات وبعض أعضاءه يدرك تمام الإدراك أنه لن ينجح، وهنالك عوامل كثيرة جداً تتناوشه وتستهدف وجوده كمساعد للمريخ لأسباب كثيرة جداً، أولها طريقته العامة في الحياة، وثانيها أنه غير متفرغ للعمل كمدرب.. تجده في الكرين مع السيارات.. ومدير إعلانات في صحيفة الزعيم.. وصاحب شركة تورد كراسي الإجلاس للإستادات وآخر أعمالها في إستادات الدمازين وسنجه والأبيض وكادقلي.. ومع ذلك تمسكوا به حتى خرج المريخ من البطولة الأفريقية وتتابعت ردود الأفعال أبعدوه.. بعد خراب مالطا وسوبا معاً.. وكذلك ظهر الإشتباك المخل بمفاهيم ومعاني كلمة محترف، عندما اكتشف النادي أن هنالك عدد كبير من لاعبيه الموقعين على عقودات إنماهم جنود في قوات نظامية يبحثون عن إذن وتفرغ للمشاركة في أنشطة تلك الوحدات، وإن لم يجدوا إذنا بالتي هي أحسن تستخدم ضدهم القوانين العسكرية الرادعة من الحبس وحتى (الصلعة).. لذلك كان الصحيح أن يختار اللاعب واحد من إثنين، فإما هو محترف متفرغ للنادي أو عسكري يلتزم بالضوابط العسكرية بعيداً عن إحترافية كرة القدم إلا في الجوانب الخاصة بالخدمة الوطنية.. ولكن أن يعمل في وحدات الجيش أو الشرطة ويتقاضى راتباً جنباً إلى جنب مع عقده الإحترافي في كرة القدم ففي الأمر إشتباك لابد من وضع حد له..!