خطر إيقاف التجنيس والتلفزة * الجميع يعرف إن الكرة السودانية اليوم تعتبر ضعيفة مقارنة مع الكرة في دول غرب وشمال أفريقيا، بل أصبحت كرة شرق ووسط أفريقيا تتفوق على كرتنا في العصر الحديث. * ونتائج منتخباتنا الوطنية التعبانة تؤكد ذلك، ويعود تخلف الكرة السودانية أمام نظيرتها في الكثير من دول القارة الأفريقية لأسباب كثيرة منها: * بنية اللاعب السوداني ضعيفة مقارنة مع بنيات الأفارقة خاصة في غرب أفريقيا.. هذا بجانب بنيات لعيبة شمال أفريقيا العربي الذين يتميزون بأبدان قوية ومناكب عريضة ولا تنقصهم الموهبة خاصة التوانسة والجزائريين. * وقد سبق أن قال الدكتور كمال شداد إن اللاعب السوداني جيناته الوراثية ضعيفة، وعليه لن يتفوق على لعيبة أفريقيا أصحاب الأجسام العضلية القوية بالفطرة الجينية.. إلا بضربة حظ!! * نفتقر في السودان لوسائل الرعاية وصناعة لاعب الكرة من الصغر، ونعني بذلك أكاديميات ومدارس تعليم الكرة للصغار.. والتي نجدها في الكثير من دول القارة الأفريقية.. * ففي تلك الدول هناك أطفال يدخلون مدارس الكرة منذ الصغر ليصبحوا في المستقبل لاعبين محترفين.. مثلما يتعلم الصغار عندنا في المدارس الأكاديمية ليتخرجوا في المستقبل كمهنيين؛ أطباء ومهندسين وإقتصاديين وفنيين ومعلمين ..إلخ. * في السودان لا يوجد لدي الناس مفهوم وطموح إعتبار كرة القدم مهنة وحرفة في المستقبل، وبالتالي لا توجد مدارس متخصصة في تعليم كرة القدم بجانب التعليم الأكاديمي.. * ومدارس الكرة التي يسمع بها الناس في السودان ليست بالمدارس المتخصصة الحقيقية.. بل هي تجمعات للصغار في فترة الفراغ.. أي إن هذه المدارس تضم صغاراً هم في الأصل تلاميذ وطلاب في المدارس الأكاديمية وغير متفرغين إلا في الإجازات المدرسية.. * في الكثير من الدول المتطورة كروياً توجد فرق سنية بالأندية (ناشئون.. شباب.. رديف) وتخوض هذه الفرق منافسات دورية منتظمة وعادة يشرف عليها خبراء في التدريب.. * في السودان بدأ تنفيذ فكرة الفرق السنية بأندية الدرجة الممتازة والأولى.. ولكن للأسف لا توجد دوريات منتظمة لهذه الفرق بين الأندية لعدم إهتمام الاتحاد السوداني وعدم حرصه على انتظام نشاط هذه الفرق وعدم توفر الملاعب وعجز الكثير من الأندية عن الصرف على الفرق السنية في ظل عدم الدعم من الدولة.. * حتى دوري الرديف عانى من العقليات الإدارية الضعيفة.. فهناك إداريون في الاتحادات مجرد مشجعين متعصبين لأندية بعينها فبدلاً من حرصهم على تنظيم دوريات جادة ومنتظمة لجميع الفرق السنية، نجدهم ينظمون منافسة الرديف من أجل أن يفوز بها الفريق الذي يشجعونه، فإذا لم يحدث ذلك وشعروا بأن البطولة في طريقها لنادٍ منافس لعشقهم، يعملون على قتل وتقويض المنافسة!! مثلما حدث هذا العام بعدم إكمال منافسة دوري الرديف (من دورة واحدة) بعد أن تأكد إن المريخ توج ببطولتها قبل نهايتها!! * بذمتكم هل هذا بلد تتطور فيه كرة القدم مع وجود هذه العقليات الإدارية المتخلفة في الاتحادات التي تدير اللعبة؟! * وحتى فرق الرديف التي تم تكوينها قبل عامين تعامل بطريقة متخلفة في الأندية واتحاد الكرة، حيث تتخذ هذه الفرق كمخازن للاعبين الشباب بالأندية الذين لا تتوفر لهم خانات مع الفريق الأول، ولا تجد فرق الرديف أي اهتمام ورعاية من الأندية بتخصيص خبراء للتدريب والتغذية والرعاية البدنية.. هذا بجانب إهمال اتحاد الكرة وعدم تنظيمه لدوريات جادة ومنتظمة لهذه الفرق.. * نخلص القول إن الإهتمام بالشباب والصغار.. وبناء لاعب الكرة منذ سن مبكرة، أمور غير متوفرة في السودان.. والتجربة التي نعيشها الآن مع الصغار تتم بأسلوب فوضوي وعشوائي ومتخلف.. * وأيضاً لا يوجد إهتمام من قبل الدولة بالملاعب والبنيات الأساسية لرياضة كرة القدم.. فملاعبنا شحيحة وقليلة وتعاني من ضغط شديد.. وقد ضاعت الكثير من ملاعب الناشئين في العقود الأخيرة بسبب الزحف العمراني وحرص الدولة على بيع أراضي الملاعب بأسعار باهظة للسكن الفاخر وتوسع مباني الجامعات والكليات الخاصة وإنشاءات لشركات أجنبية.. وقلة وندرة الملاعب تصعب عملية تنظيم دوريات الفرق السنية بشكل ثابت. * كل ما نذكره أعلاه ساهم في تدهور وتخلف الكرة السودانية.. * في العقد الأخير لجأت أنديتنا الكبيرة للاستعانة بالمحترفين الأجانب حتى تقوى على التنافس الأفريقي.. وبالفعل حدثت طفرة لأنديتنا الكبيرة في البطولات الأفريقية.. وأصبحت تقطع أشواطاً بعيدة في التنافس الأفريقي لدرجة إننا أصبحنا مع الدول المتميزة في الكرة على مستوى الأندية بالقارة الأفريقية بدليل تمثيلنا السنوى بأربعة أندية في البطولات الأفريقية جنباً إلى جنب مع مصر وتونس والجزائر والمغرب وساحل العاج وغانا والكاميرون ومالي ونيجيريا والكنغو وغيرها من دول التميز في كرة القدم.. * ولأن وجود ثلاثة أجانب فقط في أي نادٍ كبير لا يكفي لمقارعة الأندية الأفريقية القوية، لذلك لجأت أنديتنا الكبيرة لزيادة عدد المحترفين الأجانب عبر التجنيس مما زاد طموحات أنديتنا الكبيرة في خطف ألقاب أفريقية.. * اليوم بدأ اتحاد الكرة في محاربة استقدام أنديتنا الكبيرة للمحترفين الأجانب فقرر الاجتماع مع رئاسة الجمهورية لإيقاف التجنيس.. ونؤكد لكم إن هذا القرار إذا تم تنفيذه لتقليص عدد الأجانب إلى ثلاثة فقط سيجهض الطفرة التي حققتها الأندية الكبيرة في التنافس الأفريقي.. وسنعود مرة أخرى لعهود الخروج الأفريقي المبكر في كل عام.. وستتقلص مشاركات أنديتنا في البطولات الأفريقية إلى ناديين فقط هما في الغالب فريقا (المريخ والهلال).. وهذا سيضعف التنافس في منافسة الدوري الممتاز بموت طموح فرق الوسط الكبيرة مثل الأهلي شندي والخرطوم الوطني والأهلي الخرطوم ومريخ الفاشر والرابطة كوستي في اقتناص بطاقات التمثيل الأفريقي بعد تقلص البطاقات إلى اثنتين فقط، غالباً تكونان من نصيب فريقي العرضة!! * وموت طموح فرق الوسط الكبيرة في خطف بطاقات التمثيل الأفريقي سيقتنل المنافسة بينها في الدوري وسيشجع هذه الفرق على التواطؤ مع الفرق المهددة بالهبوط، بعد اتساع دائرة الهبوط لعدد كبير من فرق الوسط الصغيرة. * وأيضاً الفشل في بث منافسة الدوري الممتاز سيغلق هذه المنافسة عن القطاع العريض من الشعب السوداني داخل وخارج البلاد.. وبعدها لن تكون مباريات الكرة موضوعاً أساسياً لحديث وونسة الناس والفئة العريضة من الشعب في التجمعات والمناسبات العائلية (شيوخ وشباب وصغار ونساء).. وهذا سيقتل اهتمام المجتمع السوداني بالمنافسة.. وسينحصر الإهتمام بها وسط الفئة القليلة التي تهوي دخول الاستادات والتي تقلصت كثيراً بسبب الظروف الإقتصادية الطاحنة في البلد. * إذا كان اتحاد الكرة ذكياً لعمل على الاستفادة من الأجانب المجنسين الذين يقضون سنوات طويلة في السودان بضمهم للمنتخبات الوطنية.. * لا بأس أن يتم تقليص المجنسين إلى ثلاثة فقط كما كان في السابق.. على أن يمنع تجنيس أكثر من حارس مرمى واحد لكل نادٍ. * حرمان فرق القمة من المحترفين الأجانب سيبعدها عن التنافس في المراحل المتقدمة من البطولات الأفريقية.. وسيقتل طموحها في خطف الألقاب القارية نهائياً.. * إيقاف بث منافسة الممتاز سيحرمها من الترويج وسط قطاعات الشعب العريضة مما يعني موت المنافسة مستقبلاً.. * اتحاد الكرة ليس له بعد نظر ولا يفكر بعمق وذكاء.. وفي طريقه لقتل التنافس الكروي وبعدها سنجد أنفسنا في مؤخرة الدول الأفريقية مع جيبوتي والصومال وجزر القمر.. وخموا وصروا!!