حسن فاروق اصل الحكاية وردي .. انت استثناء رحل وردي ، وبقي وردي ، وسيظل وردي فنانا استثنائيا لن يتكرر في خارطة الاغنية السودانية ، واكرر علي انه لن يتكرر في خارطة الاغنية السودانية ،وإلا حدثوني عن اي فنان مر في مسيرة الاغنية السودانية قديمها وحديثها يمكن ان نشير ونقول هذا الفنان يمكن مقارنته بالعملاق الراحل محمد وردي ، عندي لايوجد سوي وردي الذي يستطيع منافسة وردي ، اليوم تمر الذكري الثالثة لرحيله ، يوم قررت فيه الانحياز كتابة لذكري فنان ساهم بقدر لايختلف عليه اثنان في تشكيل وجدان الشعب السوداني ، وسيتواصل هذا التشكيل الوجداني لاجيال واجيال قادمة ، اليوم قررت التوقف عن الكتابة في الشأن الرياضي ، يوم واحد اريد التعبير فيه عن حزني لرحيل فنان عشقته كثيرا ، واحترمته اكثر ، وتعلمت منه دون يدرسني بالطباشيرة علي السبورة ، فوردي (معلم) علم اجيالا في المدارس بحكم المهنة (الاستاذ محمد وردي) ، وعلم اجيالا في الغناء والموسيقي (الاستاذ محمد وردي) ، وعلم ملايين في الحياة دون ان يدري انه (الاستاذ محمد وردي) ، قد تختلف مع المعلم ، وقد تتحفظ في مواقف تخرج من المعلم ، ولكنه يبقي المعلم . وردي فنان تاريخ ، إن كان للمصريين كاتب بقامة اسامة انور عكاشة ، كتب ووثق للتاريخ المصري دراميا بعدد من الاعمال الشهيرة (مسلسلات) مرت علي فترات مهمه في التاريخ السياسي المصري حكت عن تاثيرها المباشر علي حياة المواطن المصري ، دراما كان (الشعب) فيها هو البطل الحقيقي ، فقد وثق العملاق محمد وردي لتاريخنا السياسي بغناء حقيقي عبر بشكل مباشر عن واقعنا في مختلف فتراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولن تسقط ذاكرة التاريخ شعراء عظام كتبوا الكلمات (محجوب شريف ، اسماعيل حسن الي آخر القائمة ) ، فغناها وردي وشكل بها وجدان الشعب السوداني ، مساهما بشكل مباشرة في قراءة مختلفة للتاريخ ومعبرا عن احلام وآمال وإحباطات وآلآم الملايين من ابناء هذا الوطن ( حانبنيهو البنحلم بيهو يوماتي وطن شامخ وطن عاتي وطن خير ديمقراطي) . وغني (اقابلك في زمن ماشي وزمن جاي وزمن لسه) ، وغني (جميلة ومستحيلة) وواصل مع (الطير المهاجر) ، وظل الشعب حاضرا ( ياشعبا لهبك ثوريتك تلقي مرادك والفي نيتك) ، ولم يتوقف لحظة عن البحث والغناء ، فهو فنان باحث ، مثقف له التزام وموقف ، يلحن ويوزع ، فنان استثناء بكل ماتحمل هذه الكلمة من معني ، اليوم تمر ذكري رحيله الثالثة ، والساحة الفنية تحكي عن حجم الهبوط والضحالة ، فترة كان شاهدا عليها وعبر عن رؤيته لها بجرأته المعهودة . اليوم تمر ذاكراه الثالثة وكلنا امل أن تستعيد الاغنية السودانية عافيتها ، فإن كنا نبحث في السنوات الماضية عن عالميتها فقد تراجعنا عن هذا البحث الآن ، وسمحة العافية كما يقال إن نجحنا في انتشالها من واقعها المرير ، رحل وردي ، وبقي وردي ، وسيظل وردي فنانا استثنائيا لن يتكرر في خارطة الاغنية السودانية.