عماد الدين عمر الحسن كلمة بين يدي الخريف..اداره الكهرباء تبشركم بعذاب شديد من المشاهد الطريفه والتي لا تنسي في مسرحيه المتزوجون الشهيره تقف نفيسه وفي يدها طبق مملوء بالبيض وأمامها حنفي زوجها مغلوبا علي أمره وهي تحشوه بالبيض حشوا غير مهتمه بتوسلاته لها ان تتوقف ، وكانت كل ما يفتح فمه محاولا الحديث أو الإعتراض تزرد بيضه في جوفه ، حتي صاح فيها ( كرهتيني في النعمه بتاعت ربنا ) . وكثيرون في هذه الحياه يأخذون مكان نفيسه هذه ويقومون بأدوار تجعلك تكره نعم الله عليك ، ومن هؤلاء الكثيرون دون شك – اداره الكهرباء مع فارق أن نفيسه كانت تعطي مما عندها بينما هؤلاء ياخذون الذي عندك . أمطار متوسطه الي شديده في بعض المناطق كما يقول أهل الارصاد هطلت علي الخرطوم الاسبوع الماضي وهي تبشر بخريف مبكر وغزير ربما ينتظره بشده أهل الزراعه والرعي ، بينما يخافه جدا سكان الخرطوم ، فبخلاف مشاكل سوء التصريف التي تخلف البرك في الأحياء وتوفر المناخات الملائمه جدا لتوالد الباعوض وانتشار الملاريا بعد ذلك ، كما تعقّد حركه السير في الشوارع وتقفل العديد من الطرق بالمياه الراكده ، بالاضافه الي تلك المشاكل فإن الخريف أصبح يمثل سببا وجيها عند اداره الكهرباء للتعذر عن مواصله الامداد الكهربائي بشكل منتظم ، مره بسبب توخي الحذر ومره اخري بسبب أعطال تتسبب فيها الامطار أو أن أسلاكا قد تقطعت وأطاحت بها الرياح . وهم يقنعونك علي كل حال اذا ذهبت اليهم مشتكيا من قطع جزئي قد أصاب منزلك منفردا أو مع بعض من هم حولك من الجيران بأنهم ليسو سبب هطول الأمطار بطبيعه الحال، وأنهم يعملون طوال الوقت دون كلل ، فالبلاغات كثيره جدا وأن عليك ان تنتظر دورك ريثما يأتي اليك الفرج علي ظهر العربه البوكس المعروفه بالسلم الظاهر علي اخرها ، ويفيدك الموظف قليل التدريب الذي لايجيد اداب التحدث مع العملاء من مخبأه خلف خلف زجاج عليه فتحه تم تصميمها علي افتراض أن كل الذين يأتون الي البلاغات هم عمالقه في نفس طول الراحل مانوت بول – أنا قد دونت بلاغك فاذهب وانتظر ، وهو البلاغ الذي يشابه كثيرا من حيث المصير بلاغ الاستاذه روضه الحاج عندما سقط منها النصيف . هذا يحدث اذا ذهبت بنفسك لمكتب البلاغات ، ولكن الويل كل الويل ينتظرك اذا قررت أن تتصل علي الرقم الشهير 4848 ، والذي صدعت رؤسنا الاعلانات عنه ، فسيستفرد بك حينها الرد الالي – وسينفذ رصيدك قبل صبرك – وهو يطلب منك كل مره ادخال معلومه جديده ثم يخبرك بعدها برقم مكالمتك وأنك رقم خمسين في الجدول وعليك الانتظار حتي يأتي دورك ثم يبشرك بعد قليل انك انتقلت الي الرقم اربعين وهكذا حتي يصلك الدور لينفد الرصيد قبل ان تسرد مشكلتك ، أو قد تسردها ليأتيك نفس الرد الذي أجابوا به علي من ذهب لمكتب البلاغات بنفسه وعاني من فتحه الزجاج – تلك التي لم تناسب مخرج حديثه . والسؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا كل هذا العدد من البلاغات والأعطال نتيجه هطول أمطار لليله واحده فقط وليست بالمستوي الذي يؤدي الي كل هذا العدد المهول من الأعطال ما لم تكون هناك مشاكل قائمه أصلا ، وأن معظم الاليات والمحولات كانت مهيأه أساسا لأن تتعطل ولأقلّ الأسباب ، وماذا يمكن أن يحدث عند البدايه الحقيقيه للخريف وهطول الأمطار الغزيره المتوقعه . الشواهد تقول أن الاداره العامه للكهرباء عندما شهدت الطفره الكبيره في الدخل وعندما انهالت عليها السيوله الضخمه التي توافرت عندها بسبب تدشين خدمه الدفع المقدم والتي يطلق عليها الناس في تشبيه بليغ الجمره الخبيثه في منتصف التسعينات ، لم تستفد من تلك الأموال إلا في بنود تجديد المباني وتغيير الأثاث وشراء السيارات وغير ذلك ، ولكن الذي اتضح أنها لم تنفق الكثير علي مدخلات الانتاج ولم تحدّث في الياتها التي تحسّن تقديم واستمراريه الخدمه للجمهور ، أو قل للزبون الذي يدفع مرغما نظير خدمه لايتمتع بجودتها ولا باستمراريتها . وهذا الزبون حقيقه أصبح في حيره من أمره وهو لا يعرف الوقت المناسب أو المناخ الذي يصلح لأن تعيش فيه الكهرباء وتستمر بدون قطوعات ، ففي الصيف كثره الإستهلاك والضغط الشديد يسبب النقص في الامداد ، وفي الشتاء تتم إجراء الصيانه ، وفي الخريف يتسبب الطمي في إعطاب التوربينات وخراب المولدات وقد تتسبب الأمطار في قطع الأسلاك التي باتت تختار باطن الارض في كثير من المدن الكبيره في العالم بدلا من التمدد في الهواء ، وهو مشروع كان بأمكان الهيئه العامه للكهرباء أن تقوم به بنجاح لولا التكلفه العاليه لتحديث المباني وتجديد الأثاثات وارتفاع فواتير دهان تغيير ألوان المكاتب ، ونحن نستطيع ان نقدر ذلك فالمسأله لا تعدو أن تكون ترتيبا للأولويات حسب مفهوم القائمين علي الأمر بالهيئه . الزبون أيضا يحتاج أن يعرف ما هو الدور الذي قام به خزان مروي وأشقائه الصغار من السدود والخزانات التي نسمع باسماء كثيره لها حتي أننا لا نكاد نحفظها ، ولكنها لم تقدر حتي الان إلا علي تهجير بعض الأهالي من مساكنهم ، كما أنها نجحت في أن تسبب الإزعاج للنيل وتعيق جريانه وتغير مساراته ولكن دون المساهمه في تحسين الخدمه للناس وإمدادهم بالكهرباء بشكل منتظم ، فما زالت المشاكل هي نفس المشاكل والقطوعات مستمره بعضها بإعلان وأكثرها بغيره . نقول ..الخريف نعمه كبيره من نعم المولي عز وجل ، ولكن قطوعات الكهرباء والتي أصبحت تمثل أهميه كبري في حياه الناس في هذا الزمان يقلل حقيقه من فرحتهم بقدومه بل أن البعض قد يصرخ كما صرخ حنفي ( كرّهتونا في نعمه ربنا ) ..