ضد التيار هيثم كابو "غرق الشوام" في اليابسة ! * خلخلت صورة الطفل السوري الغريق (عيلان كردي) ابن الثلاث سنوات أوتاد ثبات الرأي العام العالمي.. هبت بعض الضمائر من غفوتها عندما شاهدت بالشواطئ التركية جثة طفل بريء قذفت به أمواج الهروب من نيران الحرب وهو ملقى على وجهه ميتاً بلا حراك وكأنه (رسم كاريكاتيري) نسي صاحب الريشة مهر اسمه أسفل اللوحة التي يظهر فيها ظلال الجبهة ورغوة الأمواج ومأساة الملايين ممن ماتوا تحت القصف بسوريا، أو هلكوا في رحلات الفرار من الجحيم، أو يموتون في اليوم آلاف المرات بعد وصولهم لدول عربية وأوروبية تحولوا فيها من أناس أعزاء شرفاء إلى متسولين يتعطف عليهم المارة أحياناً ويغلقون زجاج سياراتهم في وجوههم أحايين أخرى، بينما تعاني (حسناوات الشام) في بلدان النزوح من عيون لا تبصِر إلا بغرائزها وشباب متقد الأنياب يرى أن الحاجة ستجعلهن صيداً سهلاً لتتحول (إشراقة الصبايا) من حِسان يأسرن القلوب إلى (بضاعة وسبايا)..! * التعاطف الذي أحدثته صورة (عيلان) الذي لقي حتفه مع خمسة عشر شخصاً من بينهم أمه وشقيقه مع قضية اللاجئين السوريين لن يستمر طويلاً، سيبكي الحقوقيون وناشطو منظمات المجتمع المدني على صفحات التواصل الاجتماعي اليوم، وسيتم جمع التبرعات لمعسكرات اللاجئين ومد يد العون للنازحين، ولكن ستظل المشكلة باقية طالما أن مدينة كوباني تطرد أهلها في ظل حصار (الدواعش)، والمدن السورية المختلفة ترسل أبناءها لعرض البحر فإما أن يموتوا غرقاً بشهقة واحدة، أو يصلوا اليونان ليروا كيف كان البحر رحيماً بهم حينما حاول ابتلاعهم كي لا تلتقطهم مدن تقتلهم يومياً بلا رحمة دون أن تفارق الأرواح الأجساد، و(ما هزت صرخة رضيع شعرة في رأس جلاد)..! * ما يحدث للاجئين السوريين في كل مكان أمر لا يمكن وصفه.. رأيتهم قبل عامين ونصف في معسكراتهم بعمان.. طفت على الغرف التي يحشرون فيها والفضاء المسموح لهم بالحركة فيه لا يتجاوز مساحة المعسكر الذي تجد عند بواباته حراسة مشددة.. عمان تستضيفهم نعم، ولكنها لا تسمح لهم بالخروج إلى شوارعها واستنشاق الهواء الأردني النقي.. أسر لا حصر لها بتلك المعسكرات تشكو سوء الحال، وكل ما تفعله أنها تأخذ معونات منظمة الإغاثة الإنسانية؛ وتلعن بشار؛ وترفع الأكف للسماء أملاً في فرج قريب ولا تزال ترقد على جمر الانتظار..! * لاحظت في معسكرات النازحين السوريين بعمان أن منظمة الإغاثة الإنسانية برئاسة مديرها الإقليمي د. صلاح الدعاك تبذل جهداً مقدراً وتفعل كل ما في وسعها، ولكن ما سمعته عند زياراتي الميدانية وما خرجت به من أحاديثي مع (أهل الوجعة) أن النازحين يريدون فرصاً للعمل لا منحات يجمعها لهم الناس ويتعطفون بها عليهم فما هكذا يعيش الكرماء، إنهم يريدون (حياة) لا (معتقلاً)، و(مجتمعاً) لا (معسكراً)، وما ينقصهم عمل به أسرهم تقتات فالموت جوعاً أكرم من ركض صبيتهم للوقوف صفوفاً في انتظار المعونات..! نفس أخير * كلهم (يغرقون) يا عيلان !