خواطر رياضية د. صلاح الدين محمد عثمان [email protected] الرياضة دبلوماسية وسلام
الألعاب الرياضية من أكثر النشاطات الاجتماعية انتشاراً ورسوخاً في المجتمعات المعاصرة، ولذلك نجد أن العلاقة بين الرياضة والدولة علاقة وطيدة وموغلة في القدم وتدل على عمق التفاعل بين المؤسسات الاجتماعية داخل الدولة، وهي احدي الظواهر التي لا يخلو منها مجتمع معاصر، لذلك تلعب الرياضة دوراً كبيراً في المنظومة السياسية والدبلوماسية حيث أصبحت من أقوى وأميز أدوات الدبلوماسية الشعبية في السنوات الأخيرة ولها الدور الأكبر في إصلاح الكثير بين الدول وبعضها البعض. في هذا السياق فإن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في وقت سابق أطلق اسم الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا الذي كان رمزاً للوحدة والنضال الأفريقي في ذلك الوقت حيث أطلق اسمه على كأس مسابقة الكؤوس الأفريقية والتي حصل عليها نادي المريخ السوداني في سنة 1989م. وهنا يمكننا القول بأن الألعاب الرياضية والسياسة توأمان لا ينفصلان، ويظهر ذلك جلياً من واقع المنافسات الدولية والتي يفسر فيها الفوز على أنه انعكاس لقوة الدولة ومتانة اقتصادها وقوتها العسكرية، وتظهر العلاقة بين الألعاب الرياضية والسياسة أيضاً من خلال تدخل الحكومات وذلك بفرض إرادتها من خلال القوانين والأنظمة والممارسات السياسية التي تسعي من خلالها للمشاركة في الألعاب الرياضية الدولية من أجل اكتساب شرعية دولية وتحويل الانتصار الرياضي إلى انتصار سياسي، حتى أصبح المشاركون في الألعاب الرياضية أبطالاً قوميين يسهمون في دعم المكانة السياسية للدولة، وتقدم لهم الحكومات كل دعم ممكن لتمكينهم من الفوز في اللقاءات الدولية، إن مسألة تدخل الساسة في الرياضة أصبحت مسألة مألوفة خصوصاً في رياضة كرة القدم والتي يستخدموها لتلميع شخصياتهم وكسب شعبية وسط صفوف القاعدة الرياضية، إن مسألة تدخل قمة الهرم السياسي في أي دولة من الدول من أجل قضية لاعب بعينه لها دلالة واضحة وبعيدة عن المغذي السياسي فهي تدل على مكانة هذا اللاعب وشعبيته، الأمر الذي أدى إلى تدخل السلطة السياسية، وعلى سبيل المثال نذكر عودة اللاعب الشهير في الملاعب العالمية مارادونا الذي عاد للعب للمنتخب الأرجنتيني بأمر من رئيس الدولة وذلك عندما أصبحت الأرجنتين في مهب الريح في التمثيل بالمونديال الذي أقيم في أمريكا في العام 1994م وأصبحت أمالها معلقة في مباراة فاصلة تلعبها مع منتخب استراليا وذلك بعد أن خسرت أمام كولومبيا في ذات التصفيات، فكان أن أصدر الرئيس الأرجنتيني كارلوس قراراً جمهورياً بضرورة عودة النجم الأسطورة مارادونا لصفوف المنتخب والتي كان من شأنها المساهمة في صعود المنتخب لنهائيات كأس العالم، وكان بالفعل أن لعب مارادونا دوراً حاسماً في ذلك بصناعته لهدف المباراة الوحيد في مرمي استراليا الذي سجله باتستوتا وهكذا أسهم القرار السياسي في صعود المنتخب أكثر من القرار الفني للمنتخب. وللرياضة كذلك دورها الكبير والهام في تزكية الروح الوطنية، فنجد الأفراد شيباً وشباباً وكهولاً يشجعون بحماس منقطع النظير فرقهم التي ينتمون إليها مثل ما شاهدنا في بطولات كأس العالم المختلفة لكرة القدم وغيرها من الألعاب الأخرى، وكيف أن جمهور كل دولة يقوم بأداء الرقصات الشعبية ورفع العلم وترديد الأناشيد والأغنيات الوطنية. لاشك في أن الرياضة ستبقى من أهم دعامات السلام المنشود وترسيخه وذلك بنشر وتنشيط المناشط الشبابية والرياضية في شتي ضروب الرياضة المختلفة إلى كافة أنحاء العالم.