كرة القدم السودانية يحتكرها خصمان جاهلان مفرطان في العداء لبعضهما البعض ويفتقدان كل المقومات التي ترفع من قدرها ادارياً وفنياً وجماهيرياً واعلامياً ويخضعان لاتحاد غير مؤهل شكلاً وموضوعاً حيث انه من حيث التنظيم والهيكل يفتقد مواكبة العصر ويقوم على هيكل لا شبيه له في اي دولة فهو تحكمه المصالح الخاصة بسبب ضعف الشكل الذي يحاسبه كما اننا في دولة ظلت سالبة ومغيبة لا دور لها لأنها لا تولي كرة االقدم أي أهمية باعتبارها (لعب عيال) أو لأن السلطة تريد ان تلهي بها المجتمع بعيداً عن قضاياها والدليل على ذلك ان كرة القدم تشكل الاهتمام الاول والأكبر لغالبية الشعب السوداني رغم فشلها وانحرافها على كافة المستويات وانهيار قيمها تسيطر على الاهتمام في صراع يفتقد كل القيم والمثل. لهذا لم يكن غريباً ولن يكون غريباً ان يبقى الحال على ما هو عليه وكرة القدم السودانية التي شارفت قرناً كاملاً مدمنة للفشل مقارنة بدول لم يبلغ عمرها ربع قرن منذ ان عرفت اندية كرة القدم. هي الحقيقة المرة ان كرة القدم احتكرها منذ نصف قرن خصمان جا هلان مفرطان في العداء وشرسين في الحرب التى ظلت تتصاعد بينهما وتدفع بهما من سيئ لاسوأ حتى افتقدا التنافس الشريف الذي يصب في النهاية لمصلحة قيم كرة القدم وطهارة تنافسها الشريف بما يحقق للسودان موقعاً في خارطة الكرة القارية او العالمية بل أصبحت سوقاً للسماسرة لنهب المال السائب الذي يتدفق من جهات لا يدفعها تطور اللعبة وانما تحقيق المصالح الخاصة أيا كان نوعها من باحث عن الاضواء ومن راغب في تقوية علاقته بالسلطة ليحقق منها اضعاف ما يصرفه على الاندية حتى لم يعد التنافش الشريف الحر في الملعب هو الدافع لتطوير المستوى حتى سادت الاساليب غير المشروعة التي تحقق المكاسب خارج الملعب وأصبحت محور الاهتمام الذي يحكم التنافس الذي افتقد قيم الرياضة فغابت الحيادية والنزاهة والامانة في التنافس الذي لم يعد رياضياً. لهذا ليس غريباً ان ينقسم القطاع الكروي الذي يمثل غالبية الشعب بين خميس وجمعة بل وان يكون لكل منهما فروعاً في كل مدن السودان وان يحتكرا ولاء الاداريين وولاء المسئولين على كل المستويات وولاء الاعلاميين وولاء الحكام وقيادات الاتحاد وكافة الجهات ذات الصلة او صاحبة المصلحة مما غيب مُثل وقيم التنافس الشريف والارتقاء بالمستوى في الملعب فهذا لم يعد مصدر الاهتمام او دافعاً له بعد انهيار كل قيم الرياضة حتى يحققوا للسودان انجازات كروية قارية وعالمية ترفع من شأنه وانما انحصر التنافس بينهما بأن يتوج بطلاً من كان اقل سوءاً وتدنيا من خصمه في النتائج فالمهم عند خميس وعند جمعة ان يكون أي منهما أفضل من غريمه مهما كان فاشلاً فالفشل لم يعد عيباً في شرعهما وانما العيب ان يكون واحد منهما أفضل من الآخر وأقل منه اخفاقاً منه حتى ينظم كرنفالات الفرح والتتويج ببطولة من الوهم . عفواً لا أظنني بحاجة لأن أقدم دليلاً على هذا الواقع المحزن والمحبط ولكني أطلب من كل الحادبين والحريصين على كرة القدم السودانية ان يسترجعوا ما ظلت تنشره الصحف منذ ان تأهل السودان بفريقين لربع النهائي لتروا كيف كانت الحرب بين الفريقين والاستعراض والتباهي وكل يبخس من الآخر مسبقاً ويتوج نفسه بطلاً وكلاهما أكثر حرصاً على الا يكون اسوأ من غريمه حتى يشفي غليله ليس باحراز البطولة بل لو جاء هو ثاني الطيش المهم ان يكون غريمه الطيش فالمهم ان يكون افضل من غريمه فكانت الحرب بينهما نيران مشتعلة ولكن انظروا كيف انقلب الحال عندما تعادلا في الفشل والفضيحة وكلاهما خذل السودان ولم يعد لأي منهما بما يفاخر به الاخر فانظروا كيف انقلب الحال وصمت الجانبان لأن أيا منهما لم يعد له ما يعاير به الآخر مع ان كلاهما فشل في تحقيق البطولة فليحترق السودان فهذا لن يزعجهم طالما ان كلاهما سواء في الفشل دون تميز أحد منهما ولتحرق روما فهنا ليس القضية. (يلا بلا قمة ياغمة ولماذا هذه اللمة)..؟