زفة ألوان يس علي يس الصدى.. ما دام عريق العشق حي..!! . وكانت الحروف مثل دائرة الضوء التي تتسرب من سقف الغرفة، كلما تحاول أن تمسكها في باطن يدك تجدها تقفز على ظاهرها، في جدلية لا تنتهي أبداً، وتلك هي قسوة الطبيعة التي قادتنا من حلاقيمنا لنقف في هذا الموقف، ونكتب هذه السطور على أعتاب مغادرة الصدى إلى الغراء قوون في تجربة جديدة كلياً نتمنى أن نوفق فيها وأن نكون بقامة الاختيار والثقة التي منحنا إليها كل الزملاء..!! . وللصدى حكايا ناضرات في ذاكرتنا، منذ أن كانت طفلة في بداياتها، وكم جربنا معاناة أن ترعى طفلة عملاقة يحبها كل الناس، تعبر كل الطرق، وتشخبط على كل الجدران وتقرع كل الأبواب، ثم تبتسم للناس في الصباح زاهية وناضرة وأنيقة، لتبدأ يوماً جديداً من الألق لها والأرق اللذيذ لرعاتها الذين يرونها "تقدل" بالنجاحات التي تحققت، وهو لعمري غرس اجتهدت فيه كل الأيادي لتكون الصدى كما ترونها الآن، منبراً للرأي سوقاً للبيان ومربدا..!! . ما أقسى أن تكتب عن غيمة مثل الأستاذ مزمل أبو القاسم، مزمل الأخ والصديق والأب والمعلم والمربي، وفوق ذلك كله الأستاذ الذي لا يمر عليك يوم في حضرته إلا وقد أضفت لنفسك الكثير من غزير ما لديه من خبرة وعلم ومعرفة، مزمل البسيط الذي يدخل "ليناقر" الأهلة بلسانه اللاذع الساخر، ويحفظ للكيان الهلالي هيبته، وللكتاب الهلالاب مكانتهم، لا يحجر على رأي ولا يتدخل في وجهة نظر كاتب وهو ما سنظل نحفظه له جميلاً لا ننساه ولا تغيره الأزمنة والأمكنة..!! . إن كانت زفة ألوان صناعة فقد صنعتها الصدى وهي تمنحها منبراً كبيراً كهذا، وإن كانت إبداعاً فقد ساهمت الصدى في تهيئة المناخ والجو لهذا الإبداع أن يتفجر، وإن كانت مطراً فغيمات الصدى مثقلات تهمي عشقاً لهذه الأرض وهذه الوجوه النيرات التي عاشرناها لسنوات طويلة فكانوا نعم الإخوة والأصدقاء والاهل والأحباب، فاحتلوا مكانتهم في القلب وغرسوا فينا هذا العشق الذي لا ينتهي..!! . هأنذا الآن أشد الرحال إلى مكان جديد، وقبل هذا كنت أطوف في مدائن هذه المدينة الحبيبة إلى نفسي، شارعاً شارعاً، ففي كل ركن ذكرى، وفي كل جدار ذاكرة، وفي كل ذاكرة ألف حكاية وحكاية، ومن توفيق داك إلى مكتب رئيس التحرير اتنسجت عشرة امتدت لأعوام عشر بالتمام والكمال، لم يكن وداعها هيناً على القلب، ولم يكن المضي في الطريق سهلاً ولكنها سنة الحياة وتقلباتها وعشمنا كبيراً في أن الاحترام والإخاء الموجود بيننا سيغذي هذه الشجرة الكبيرة، وأن الظل الحميم سيبقى داراً وملجأً للجميع وهو ما عهدناه في الجميلة الصدى..!! . شكراً أستاذي ومعلمي مزمل أبو القاسم على كل لحظة قضيتها في حضرتك تلميذاً أتعلم من هذه الحياة الصحافية القاسية، شكراً لك وأنت تنير الدرب أمامنا ونمضي على هدي خطاك في بلاط صاحبة الجلالة، تسقينا علم الصحافة، وتنأى بانتمائك عن التأثير، شكراً لك وأنت تمسك بيدنا في البدايات، وتصبر على أخطائنا حيناً، وحيناً تثور لتعلمنا الهمزة على الألف والنبرة والياء المقصورة والمنقوصة، والمبتدأ والخبر، والتقديم والتأخير والبلاغة والرسم بالكلمات..!! . شكراً لكل هذا أستاذي الجميل وأنت تفتح أبوابك لتتلقى ضيقنا بابتسامتك، ووجعتنا باحتوائك، وضحكتنا بمشاركتك، وعشمنا بفيضك، لتكون كلمة السر في نجاح الصدى هو هذا الحبل الممدود من الود بيننا وبينك، ويكون لك القدح المعلى في كل ما أنجزناه وسننجزه..!! . شكراً إخوتي في الصدى على سنوات من الجمال بينكم، عشناها بتوتراتنا معاً، بقسوتنا عليكم في أحايين متفرقة بلا حقد أو حسد أو ضغينة، وحين يقودنا ضغط العمل إلى مراحل الانفجار ثم هنيهات وتعود البسمة إلى الجميع لأن الأسرة لا تغضب من بعضها، ولا تحتفظ في قلبها إلا بكل جميل، وإنا لنطلب العفو من الجميع إن كنا صارمين أكثر مما ينبغي في بعض الأحيان..!! . شكرا الصدى.. مرحباً قوون..!! . أقم صلاتك تستقم حياتك..!! . صلّ قبل أن يصلى عليك..!! . ولا شيء سوى اللون الأزرق..!!