بدون حجاب خالد عز الدين مجرد مباراة ودية ! أنتمي للاعلام الرياضي لذلك فأنا ادافع عنه في كثير من الاحيان ولدي قناعة بظلم الاعلام الرياضي في معظم المواقف ولكن هذا لا يمنع ابدا من الحديث عن سلبيات الاعلام الرياضي ومن بينها الاهتمام الزائد بفترة الاعداد والتهيئة غير الصحيحة للجماهير بشكل متكرر .. قد لا يكون الخطا في هذه الناحية خطأ الاعلام وحده فالكرة السودانية تقوم اصلا علي خطأ كبير وهو تقسيمها بين الهلال والمريخ (جماهيريا واعلاميا) وبالتالي فان الصراع الحزبي يبقي مستمرا بين الحزبين الكبييرين مما خلق الكثير من الاخطاء ومنها هذا الاهتمام الكبير بامور صغيرة والذي يحول مباراة ودية اعدادية عادية مثل مباراة قورماهيا الي مباراة بطولة كادت ان تطيح برأس المدرب في الجانب الازرق وحولت احزان المريخ الي افراح انست اهل القبيلة الحمراء المشاكل الكبيرة والكثيرة المحيطة بهم ! لقد تجنبت الحديث عن فترة الاعداد بالهلال لاسباب كثيرة من بينها الاهتمام بالملف المالي باتحاد الكرة بجانب عدم تواجدي بمعسكر تونس لمعرفة التفاصيل ولكن المؤكد بان السبب الرئيسي هو الخبرة التي تولدت لدي من خلال متابعتي للعديد من معسكرات الاعداد بان الامر لا يستحق كل هذه المتابعة الاعلامية وقد كتبت هذا الرأي قبل ايام وتوقعت عدم الظهور الجيد للهلال في مباراتي هلال كادوقلي وهلال الابيض ومن حسن حظ الهلال انه أدي مباراة كبيرة وقوية امام ند قوي هو (قورماهيا) ومن حسن حظ الهلال انه انهزم في هذه المباراة ولكن من سؤ حظ الكرة السودانية اننا ننظر لهزيمة في مباراة اعدادية وكأنها نهاية الدنيا. الصبر هو اساس كرة القدم .. ولا يمكن ان تحقق نتائج ما بين عشية وضحاها .. ولا يمكن ان يظهر فريق بمظهر ممتاز بعد فترة اعداد استمرت لحوالي شهر بها مدرب جديد ومدرب لياقة جديد ومساعد مدرب جديد وثلاثة لاعبين اجانب جدد بجانب عدد كبير من اللاعبين الوطنيين .. اذا كان دفاع الهلال الذي يلعب بثلاثة لاعبين جدد وبرباعي يشارك سويا لاول مرة امام الجمهور السوداني سيظهر بمستوي جيد فان هذا امر ضد الفكرة الاساسية لكرة القدم .. فالتجانس بين لاعبي الدفاع علي وجه التحديد يحتاج الي وقت اطول خصوصا في (التسلل) والتحرك لتغطية الزميل فما بالك بدفاع يقوده مدافع اجنبي جديد لا يجيد اللغة العربية ! الذين انتظروا فوزا باهرا للهلال او اداء ممتعا عاشوا علي احلام وردية نسجها لهم الاعلام من ناحية ويريدون هم انفسهم تصديقها .. فاحيانا يلوم الاعلام من يطالب الاعلاميين بكتابة الجميل عن فريقهم حتي ولو كان عكس الواقع .. هلال .. قورماهيا في واقعها عباراة عن مباراة اعدادية بين الهلال صاحب الاسم الكبير وقورماهيا الفريق الجيد ولكنه اقل قامة من الهلال .. قورماهيا في قمة اعداده البدني والنفسي لانه يواصل في دوري بلاده ولانه يحس بان الفوز علي الهلال يعني الفوز علي فريق اكبر منه .. ومعظم المباريات الودية التي تجري بين نادي كبير ونادي اقل منه تنتهي بخسارة النادي الكبير او اداء جيد للنادي الاخر .. والامثلة كثيرة منها هزيمة ريال مدريد امام الاهلي القاهري .. نعود للمباراة نفسها لنتحدث عنها في اطارها المعقول لنقول ان شكل الاداء في الشوط الاول كان مقبولا وكانت بصمة المدرب واضحة في الاصرار علي اللعب الارضي وفتح اللعب علي اطرف الملعب وتكرار شكل الهجمة بسرقة اللعب عن طريق بشه والتفاهم بين ثلاثي الهجوم كاريكا وبشه وموكورو بجانب الاداء الدفاعي الجيد لهم وكسب لاعبي الهلال لكل الكرات الملعوبة من ضربة الزاوية دون اجادة لتوجيه الكرة بالرأس.. في وسط الملعب لم يكن (ايشيا) جيدا ولكنه ايضا امر متوقع فهو لاعب صغير السن ولم ينسجم بعد مع المجموعة ولكنني اعتقد انه سيفيد الهلال كثيرا .. ثنائي الارتكاز الشغيل ونيلسون اديا بشكل جيد وقطعا معظم الكرات من الخصم وساهما في بناء الهجمة .. هناك من يعيب عليهما البطء ولكنهما الافضل في الارتكاز طالما ان المدرب اختار تحويل ابوعاقلة للطرف الايمن وأعتقد ان هذا هو القرار الذي يستحق ان نقف عنده في هذه المباراة فهو يؤكد علي رؤية مختلفة للمدرب وبداية معرفة بتفاصيل اداء اللاعبين .. فعندما يختار مدرب جديد لاعبا جديدا ليكون اساسيا في الطرف الايمن علي حساب لاعب مثل سيسي شارك اساسيا في البطولة الافريقية ولاعب مثل اطهر الطاهر يشارك مع المنتخبين الاولمبي والاول فان بصمة المدرب تكون واضحة هنا .. لقد عرف المدرب مبكرا بقدرات ابوعاقلة الكبيرة في اللعب في كل خانات الملعب كما عرف بضعف الاداء الدفاعي عند سيسي وقد ظهر ذلك جليا في خروج ابوعاقلة ومشاركة سيسي الذي تسبب في الهدف بعد ان فشل في قطع الكرة لتصل للاعب قورماهيا الذي قام بعكسها .. ابوعاقلة الذي قدم مستويات عالية مع المنتخب وامبده اعطي انطباعا جيدا بقدرته علي تقديم الكثير للهلال .. خروج ابوعاقلة ونيلسون ومشاركة سيسي ونزار حامد في الجهة اليمني اعطي فرصة اكبر لقورماهيا لاستغلال هذه الجبهة وتحقيق المراد واحراز هدف كان يبحث عنه مدرب الفريق بذكاء منذ الدقائق الاولي للمباراة حيث عمد الي قتل اللعب وعدم مجاراة الهلال والتركيز علي اغلاق المنافذ امام نجومه ثم الانطلاق بهجمات مرتدة وهو يعرف فوارق الاعداد بينه والهلال وعندما احرز الهدف عاد ليغلق المنافذ ويقتل المباراة بقيادة حارسه نجم المباراة الاول .. هدف المباراة درس كبير للمدرب كافالي .. ولنزار حامد ايضا .. فنزار المتعطش للكرة اصر علي ان تكون الكرة في المنطقة المتواجد فيها لذلك عندما مرر لسيسيه طلب الكرة مرة اخري وكان من المفترض ان تتحول الكرة للجهة اليسري .. ونزار لاعب موهوب ولكنه غير منضبط تكتيكيا ونفس الشئ ينطبق علي سيسيه .. كما ظهر من الهدف عدم التغطية الجيد عند المدافع ابيكو الذي تميز في الضربات الرأسية والكرات المشتركة .. عمار الدمازين ادي بهدوء ورزانة وثقة رغم انه يشارك لاول مرة امام جمهور الهلال .. طريقة لعب الشاب القادم من الامل عطبرة وطوله وقوامه الرائع ذكرتنا ببداية مساوي وان شاء الله يكون خير خلف لخير سلف .. يمكن ان نكتب الكثير عن المباراة ولكننا نود ان نقول في النهاية انها مباراة ودية اعطت دروسها للفريق الازرق وقصرت له الطريق نحو الوصول للجاهزية وهذا هو الاهم .