عبد العليم مخاوي التخطيط الإستراتيجي ..وفاءٌ نادر للحبيب الغالي "السر"
*قلت في مساحة سابقة من ضوء القمر عندما تحدثت عن لاعب الهلال المعتزل نصر الدين الشغيل، إن الوفاء سمة محمودة لها آثار إيجابية كبيرة على حياة الفرد والمجتمع، فعند معاملة الناس بخلق حسن يكسب الإنسان ودّهم ويأمن شرّهم، فتزيد المحبّة في قلوب المحبّين، ويُنزَع الغلّ من قلوب المبغضين، الأمر الذي يجعل العلاقات بين الناس متزنة، كما أن الشخص الذي يتصف بالوفاء يكون قدوة لغيره.. إذ يتعلّم الطلاب من معلّميهم، والأبناء من والديهم، كما يتعلّم الصغار من الكبار فيكونوا بمثابة ملهمين للآخرين بحسن خلقهم. * ما قادني للحديث عن الوفاء هو تلكم اللفتة البارعة التي قام بها القائمون على الأمر في المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي عندما قاموا بإطلاق اسم شقيقي الراحل "السر" على قاعة المؤتمرات الصحافية الملحقة بالمبنى الكبير بالمجلس وهو يؤكد فعلاً وقولاً أن شقيقي كان محل تقدير واحترام من كل مكونات المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي. * بالصدفة تفاجأنا بأن شقيقنا الراحل اسمه لا يزال موجوداً في قلوب رفاقه وزملائه في المجلس وهم يضربون أروع الأمثال في الوفاء لمن اجزل العطاء. * السر الذي كان حريصاً على اداء واجبه المهني وهو تحت ويلات الفشل الكلوي يستحق أن يطلق اسمه على هذه القاعة لانه قدم افضل ما عنده لهذه المؤسسة المحترمة التي برهنت للجميع بأنها ليست مجرد مصلحة حكومية تنتهي علاقتها بمنسوبيها إما بالنقل او المعاش او الوفاة. *فبعد ثلاث سنوات بالتمام والكمال من رحيله يجد السر التكريم والوفاء من زملائه وزميلاته.. فكم كان وقع هذا الخبر علينا، بعد ان اختلطت مشاعرنا ما بين الفخر والسعادة والبكاء، فهؤلاء الكرام جعلونا نصدق بأن عطاء السر وتعبه ووفائه وإخلاصه لعمله لم يضع سدىً لأن هناك من يقدّر عطاء الرجال وان رحلوا عن هذه الفانية. *قبل وفاته بنحو عام تقريباً تم تكريم السر بجائزة الموظف المثالي من هذه المؤسسة العملاقة لانه كان مجتهداً في أداء واجبه المهني بعد ان ظل حريصاً على العمل حتى وهو في ماكينة الغسيل الدموي.. فأي جسارةٍ وتفانٍ واخلاص وقوة عزيمة كان يمتلكها السر. *علاقاته الاجتماعية مع زملائه في العمل كانت متميزة للغاية بدليل التدافع الكبير من رفاقه ورفيقاته لسرادق العزاء ولا ولن ننسى وقفتهم القوية والمشرفة والصادقة معنا في هذا الحدث المأساوي الكبير والفقد الموجع، وتكفي كلمات دكتور أمير الرئيس المباشر للسر في سرادق العزاء وهو يقول بأنه لم يفقد السر كموظف وذراع ايمن بالنسبة له في العمل بل فقده كإنسان وأخ كان يلجأ إليه ويستشيره في بعض الامور التي تتطلب اصدار قرارات مهمة. *شهادتي في السر مجروحة لاننا خرجنا من رحمٍ واحد بل واسهم في تربيتي واشقائي مأمون وعبد العظيم ورشا فأحسن تربيتنا وكان بمثابة الاب بالنسبة لنا وهو قدوتنا ، فالسر علمنا الصلاة عندما كنا صغاراً، وعلمنا صيام رمضان وصيام التطوع والست من شوال ، تعلمنا منه "الصاح والغلط" ، فكان نِعم المربي ونعم الأخ والشقيق الاكبر ، وهو قدوة حسنة بالنسبة لنا ، حاولنا واجتهدنا على ان نمضي في طريقه لاننا التمسنا منه كل الصفات الحسنة والجميلة. *والسر إمتاز في حياته التي كانت حافلة بجلائل اعمال الخير بحسن الخلق والتربية والعلاقات الممتدة والمتميزة مع رفاقه من ابناء وبنات جيله وزملائه في كل المراحل التعليمية وصولاً الى جامعة القاهرة فرع الخرطوم "النيلين" . *وكنا نلتمس "شطارته" وذكائه وهو يقوم بتقديم الدروس ويراجع المحاضرات مع زملائه بل وكان يستقطع وقتاً طويلاً من زمنه لمراجعة الدروس ايضاً لابناء الحي من الذين كانوا يتأهبون للجلوس لامتحانات الشهادة السودانية لسنوات وسنوات. *السر كان حمامة المسجد وكل مسجد ، فعندما كان يبلغ من العمر فقط 14 عاماً ومن خلال مواظبته على صلاة الجماعة تم تسليمه مفاتيح مسجد الشيخ العركي بالقوز مربع 4 ليقوم بترتيب المسجد وتهيئته للمصلين لاداء الصلوات. *قال شقيقي مأمون عبر اتصال هاتفي جمعني به امس إن ماقام به المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي يدل على الوفاء والتقدير والاحترام بتسمية قاعة المؤتمرات باسم حبيبنا السر ،يدل على المكانة الكبيرة في قلوبهم وهم فقدوه قبل أن نفقده نحن ..السر عنوان للمحبة والتسامح والعطاء فالشكر اجزله وانتم تخلدون ذكراه بتسمية قاعة المؤتمرات باسمة ليظل اسمه يتردد بينكم فجزاكم الله خير الجزاء. *ثلاث سنوات مرت على ذكراه وظل اسمه يتردد في كبرى قاعات المؤتمرات الصحافية بالمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي ، أي وفاءٍ واي جمالٍ هذا ايها القائمون على الامر بالمجلس..لكم التحية فرداً فرداً على هذه اللفتة البارعة التي أكدت اصالة معدنكم. *ختاماً اؤكد ان ما قام به المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي من لمسة وفاء تجد مني ومن اسرتي التقدير والاحترام وهم يخلدون ذكرى كبيرنا وتاج راسنا الراحل "السر" بتسمية قاعة المؤتمرات الصحافية بإسمه ..شكراً لكل منتسبي التخطيط الاستراتيجي كبيرهم وصغيرهم على هذه اللفتة البارعة ..والله ليس لانه شقيقي لكن اقسم بالله العظيم السر يستحق الاحتفاء لانه كان عبارة عن "ادب وتقدير واحترام" بمشي بين الناس ..نسأل الله ان يتغمده بواسع رحمته وان يلهمنا وعارفي فضله الصبر وحسن العزاء ولا نقول إلا ما يرضي الله ..إنا لله وإنا إليه راجعون . *اللهم ارحم أمي عشة والسر واغفر لهما واجعلهما من اصحاب اليمين.