*وكذلك بصمة صوت… وخط… وضحكة… وطباع… وشخصية.. *فكن أنت كما أنت… ولا تحاول أن تكون سوى أنت.. *وكثير من أنصار الترابي – بالسودان – سعوا إلى تقليده في كل شيء.. *ومن هذه الأشياء ميلان الرأس لجهة اليمين عند الحديث.. *والله لو أن رأسك (تدلدل) بجوار كتفك فلن تكون حسن الترابي… أبداً.. *فليس في هذه الدنيا سوى ترابي واحد… وكذلك أنت.. *فكن أنت لا غيرك… واعتز بهذه (الأنا) في مواجهة أي (آخر).. *وفي حزب الأمة أيضاً لاحظت محاولة العديد من (الأحباب) تقليد إمامهم.. *في كلامه… في سلامه… في ضحكته… وحتى في مشيته.. *ثم لا أحد منهم – بالغلط – يشبه الصادق المهدي ؛ مهما أحسن التقليد.. *ولا يعني هذا أنه أحسن منهم… ولكن لكلٍّ منا بصمته.. *وفي مجال الغناء – ببلادنا – مقلدون كثرٌ لكبار المطربين… وصغارهم.. *وإلى أن يترك أحدهم الغناء – أو يتركه – يبقى مقلداً.. *ومن غرائب هذا التقليد أنه قد يبلغ حد المحاكاة حتى في الحركات نفسها.. *وكذلك هنالك مقلدون في دنيا الأدب ؛ بضروبه المختلفة.. *وأسوأ أنواع هذا التقليد الأدبي الذي يتجاوز حدود المحلية إلى العالمية.. *ثم يكون أعمى ؛ تتلاشى فيه تماماً بصمة المقلد.. *وأعطاني شابٌ مرةً مسودة لباكورة انتاجه الروائي لإبداء رأيي فيها.. *فأرجعتها بعد فصل واحد وقلت له : كن أنت… لا تولستوي.. *وكان (هو) في الرواية الثانية… وكانت (هي) بنكهة سودانية خالصة.. *أما في مجال الإعلام الآن فالتقليد بات ظاهرةً لا تُحتمل.. *سواء المرئي…أو المسموع… أو المقروء ؛ وتحديداً تقليد اللبنانيين.. *صحيح أنهم غزوا وسائط العرب الإعلامية… وتمددوا فيها.. *ولكن ما من شعب عربي تأثر بهم – إعلامياً – إلى حد التقليد سوانا.. *وهذا لا ينم إلا عن شعور بعقدة نقص… وقابلية للاستلاب.. *فنحن تتبعنا سنن مدرستهم الإعلامية حذو القُذة بالقُذة.. *حتى إذا دخلوا جحر (هكذا) خرب دخلناه ورددنا معهم بدعة (هكذا أمر).. *علماً بأن مدرستهم هذه تقلق سيبويه في قبره.. *ثم عطَّشنا الجيم مثلهم… وأبدلنا مفردة رئيسي برئيس ؛ ولم يبق إلا القليل.. *ومن هذا القليل (أعتذر منك)… و(بدِّي أتشكَّرك).. *ولا أدري لماذا ترك مقلدوهم منا عبارتيهم هاتين ولم تجر بهما ألسنتهم.. *فإن فعلوا لاستحقوا أن نقول لكلٍّ منهم (إنت مو إنت).. *وإلى ذلك الحين – وأتمنى ألا يأتي – نكتفي بنصيحة (كن أنت مو غيرك).. *فالإنسان الذي يتخلى عن بصمته الخاصة يصير مسخاً شائهاً.. *فإن أجاد التقليد يكون (مسخاً رائعاً !!!).