*لكل منا أشياءٌ يحبها وأخرى يكرهها.. *وكذلك أشخاص يحبهم وآخرون يكرههم ؛ دونما أسباب واضحة بالضرورة.. *ومن الأشياء الغذائية التي كرهتها (عمى) الثوم.. *وبلغ هذا الكره – يوماً – حد أن تطور إلى عقدة نفسية… ذات أعراض فسيولوجية.. *وكان ذلك أثناء صلاةٍ للتراويح في أحد أشهر رمضان.. *وكانت تؤدى بباحة المسجد ؛ وتجشأ الذي على يميني رطل ثومٍ في وجهي.. *وقد كان الهواء – لسوء حظي – يهب عنيفاً من جهة الجنوب.. *فأحسست بدوار لم أستطع معه إكمال ما تبقى من الصلاة… فخرجت فوراً.. *ولم أصل التراويح بمسجد مذ ذلك اليوم وإلى يومنا هذا.. *وعندما كبرت – وكبرت مداركي الدينية – عرفت أنها أصلاً لا تؤدى جماعياً.. *لا بالمسجد ولا في الشارع ؛ فهي سنة (بيتية) إن جاز التعبير.. *ورسولنا – عليه صلاة وتسليم – كان يكره الثوم… ويكره أن يأتي آكله إلى المسجد.. *فكل ما يسبب أذى للمصلين على صاحبه أن ليزم بيته.. *ومن أنواع هذا الأذى أمراض البرد التي تنشر العدوى عن طريق العطس.. *فإن كان بسطاء الناس لا يعلمون فعلى الأئمة توعيتهم.. *وكذلك الخليفة عمر كره الثوم إلى درجة الجهر بكراهيته هذه من على المنبر.. *قال (ما أظنهما إلا شجرتين خبيثتين)… ويعني الثوم والبصل.. *وأمر – كما النبي – من يصب منهما ألا يقربن المسجد حتى لا يتأذى منه المصلون.. *ولكن لا أحد من أئمة مساجدنا الآن يفعل ذلك.. *مع إنه من أبسط التوجيه الذي يُفترض أن يسمعه الناس في مثل يومنا هذا ؛ الجمعة.. *وذلك بدلاً من تحذيرات (الخروج على الحاكم)… المتكررة.. *وجراء مقتي للثوم هذا كرهت أطعمة أحبها خارج دائرة التي (تُصنع على عيني).. *أي بعيداً عن التي تُعمل على مزاجي ؛ وفي محيطي الخاص.. *ومنها الفتة… وسلطة الروب… وسلطة الباذنجان ؛ فلا أقربها أبداً في المناسبات.. *وفي يوم دعاني زملاء دراسة إلى (كرامة) بمسجد العقدة.. *ففوجئت بصحون ضخمة مُلئت جميعها فتة… وتفوح منها رائحة (قدحة الثوم).. *فاضُطررت إلى ابتلاع بضع لقيمات… وكأنني ابتلع دواءً.. *ثم أفرغتها من جوفي ما أن غادرت الجامع ؛ ومعها بقايا كل طعام آخر… وشراب.. *ومن أهازيج الطفولة التي كرهتها (الفتة أم توم حمتني النوم).. *وصديق مصري سألني ذات مرة : لماذا تعشق أغاني حليم وتكره أغاني (الست).. *فلم أجد جواباً أنسب من الذي خطر على ذهني…عفوياً.. *وهو : ربما لأن اسم الدلع الخاص بها (ثومة !!!).