وضع الموسيقار بشير عباس بصمة بالغة الخصوصية والتميز في مسيرة الأغنية السودانية حتى أصبح ظاهرة في عالم التلحين والتأليف والموسيقى. ومن يصغي السمع لأغنيات مثل "نور بيتنا"، "البيسأل ما بتوه"، "كنوز محبة" و"بلادي يا سنا الفجر" يدرك الفرق الشاسع بين الأسلوب النوعي في اللحن والتأليف وبين موسيقى "الهرجلة" وما إليها. وبرحيل عباس فقد السودان أحد أبرز رموز الموسيقى في البلاد، كما أنه الوحيد الذي تقدم الاوركسترا خلال النغمات الشجية التي ألفها قبل دخوله الإذاعة حيث قدم مقطوعتي" أمي" و"نهر الجور" اللتين ثبتتا أقدامه منذ البداية. عوّاد من طراز رفيع ولأن العود آلة موسيقية لا تستجيب لأي ريشة كي تداعبها فتفيض عليها بألحانها، فإن بشير عباس وضع بصمته على لحون متنوعة حتى استسلمت الأوتار لأنامله الرقيقة. موهبته الفذة في مداعبة العود جعلته من أشهر من داعبوا تلك الآلة الوترية ولو أنها كانت تنطق لنطقت بفضل ريشته التي تداعبها بموهبة يحسد عليها. ويُصنف بشير عباس وبرعي محمد دفع الله ومحمد الأمين من أفضل من عزفوا العود في السودان. ثنائية مع البلابل ارتبط اسم بشير عباس بالبلابل ويرجع ذلك لما قدمه لهن من ألحان شجية كانت سبباً في شهرتهن ولازالت الأعمال التي جمعت عباس بالبلابل راسخة في وجدان السودانيين. ألحان خالدة قدم بشير عباس ألحاناً خالدة وتعاون مع عدد من الفنانين، لكنه منح البلابل أجمل الألحان لأغنيات "نحييك، مشوار، نور بيتنا، الأسمراني، ود القبائل، زهر الريحان، لون المنقة، مشينا مشينا، عشة صغيرة، البنريدو تائه، رجعنالك، حبايبنا، البيسأل مابتوه، طير الجنة، قطار الشوق، حلوين حلاوة، موجة، تتبارك، نسيتني أنا وخلاص يعني، على نياتنا، نجوم الليل، سكة مدرستنا، رياح الشوق، حب وأمل، الليلة مسافر للدار مغادر، سلافة الفن، أب عاج أخوي، متعالي علينا". .. كما قدم للراحل عبد العزيز محمد داؤود" أشوفك في عيني و بلادي ياسنا الفجر". تأليف موسيقى ألف عباس عدداً من المقطوعات الموسيقية التي طبقت شهرتها الآفاق داخل وخارج السودان مثل" أحاسيس، دموع الفرح، نهر الجور، ليالي مدني، القاش، أمسيات، وداد، ليالي واشنطن، آسيا، أيام في أنزارا، فارس النيل، مريدي، شروق، ليالي عطبرة وأفراح السودان". جائزة رفيعة نال بشير عباس الجائزة الثالثة في مهرجان أقامته الإذاعة الألمانية وذلك بعزفه أغنية أحمد المصطفى "عشت يا سوداني" وهي جائزة عالمية طبعت في "c.d" مع ألحان عالمية فازت في ذلك المهرجان. رحيل خياط الحروف يقول الكاتب الصحفي محمد الطيب الأمين :" مثلما كان في مدينة بابنوسة مصنعاً (لتجفيف الألبان) ، وفي مدينة كريمة (مصنعاً لتعليب الفواكه) كان في قلوبنا (بشير عباس لإنتاج الألحان والجمال). مصنع الفرح (مهندس) الكلمات و(ترزي) الحروف ، طرز (القصائد) وكساها ألحاناً شجية وكتب لها الخلود عبر حناجر الكثيرين من المغنين والمغنيات فكانت (عُشة صغيرة) و(لون المنقة) و(كنوز محبة) و(رجعنالك) و(سكة مدرستنا) و(نور بيتنا وشارع بيتنا) و(بتعرف إني من أجلك مشيت مشوار سنين وسنين) وغيرها من الأغنيات السودانية الفاخرة والفاهمة. وأضاف :" لعب بشير عباس دور (الواسطة) بين البلابل وقلوب الناس. قدم تجربة بالغة الأثر والتأثير فكانت البصمة أوضح مع (البلبلات الثلاث) وقد رفد مكتبة الأغنية السودانية بعشرات الألحان الكبيرة وأصبح هو (فارساً لأحلام كل فنان يريد بلوغ القمة). عثمان الأسباط