النزاع بين بعض المجموعات القبلية باقليم النيل الازرق ادى الى سقوط اكثر من (100) قتيل، واكثر من (200) جريح ونزوح مئات الاسر، وخرجت بيانات من منظمات وهيئات واحزاب سياسية وسفارات وبعض ممثلي الاممالمتحدة بالبلاد تدعو الجانبين الى ضبط النفس، وطالبوا الحكومة باجلاء الجرحى لتلقي العلاج خارج الاقليم وبتقديم المساعدات اللازمة للمواطنين . بعض مواطني الاقليم اتهموا الاجهزة النظامية بأنها قصرت في القيام بدورها منذ اندلاع شرارة الاحداث، وقالوا كان يمكن اطفاء هذه النزاعات لحظة اندلاعها، لكنهم لا يعرفون ما الذي ادى الى تأخرها في حسم المتفلتين ؟
مناوي يتهم : هذه ليست المرة الاولى التي يتم فيها اتهام الاجهزة النظامية بالتقاعس فسبق ان اتهم حاكم اقليم دارفور مني اركو مناوي الاجهزة الامنية بالتواطؤ والتباطؤ، أو المشاركة، في الأحداث الدامية التي تشهدها عدد من المناطق في ولاية غرب دارفور، ما دفع القوات التشادية للتدخل . وقال مناوي إن هناك "فوضى عارمة" في ولايات دارفور سببها عدم وجود القانون، ودعا مجلس السيادة الانتقالي إلى سرعة إجازة قانون إقليم دارفور حتى يتسنى معالجة المشكلات، وإنهاء الفوضى. وأضاف مناوي أن المشاكل التى تشهدها ولايات دارفور مؤخرا يتم تحريكها من المركز، متهما جهات -لم يسمها- بأنها تقف خلفها، وقال إن العدالة مفقودة تماما في دارفور، بسبب تراكم وتراخي الناس عن ملاحقة مرتكبي الجرائم، واصفا ذلك بأنه أصبح ثقافة وسط الناس .
هيبة الدولة : وبعد الاحداث التي شهدتها مدينة الجنينة أكد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة محمد حمدان حميدتي، على ضرورة فرض هيبة الدولة بتطبيق القانون، عبر القوات النظامية بإعطائها صلاحيات أوسع، على أن يصاحب كل القوات المتحركة وكلاء نيابة. وأضاف أن الانفلاتات الأمنية التي تشهدها البلاد سببها عدم فرض هيبة الدولة، وتقييد الأجهزة النظامية عن القيام بدورها، موضحا أن هذا التقييد ستتم معالجته بإعطاء صلاحيات واسعة لأجهزة حفظ الأمن بالبلاد. وحذر القوات النظامية من التقاعس عن القيام بدورها، ودعاها إلى الالتزام بمهنيتها والابتعاد عن الانتماءات القبلية.
تقارير إعلامية: وكانت احداث كرينك ادت الى استشهاد اكثر من 160 شخصًا نتيجة للنزاع القبلي في إقليم دارفور، وحمل النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، حكومة ولاية غرب دارفور المسؤولية عن تفاقم الأحداث بالجنينة، بسبب تحركها المتأخر لمعالجة المشكلة، الأمر الذي أدى إلى انفلات أمني وتأزم في الموقف. وحسب تقارير إعلامية فانه استشهد أكثر من 250 شخصا في دارفور منذ تولي الفريق أول عبد الفتاح البرهان السلطة في 25 أكتوبر الماضي، نتيجة لفراغ أمني، خصوصا بعد إنهاء مهمة قوة حفظ السلام الأممية في الإقليم إثر توقيع اتفاق سلام بين الفصائل المسلحة والحكومة المركزية في عام 2020م.
مرحلة حرجة: عندما حدثت نزاعات قبلية في عدد من المناطق عقد مجلس السيادة اجتماعا طارئا لبحث ومعرفة تفاصيل المشكلة والخروج بقرارات، وفي اكثر من مرة اكد ان الدولة ستتعامل بحسم مع كل ما يهدد الأمن القومي وسلامة المواطنين، والتاكيد على ان السودان يمر بمرحلة حرجة تتطلب العمل المشترك للخروج منها . وسبق ان ارسل تعزيزات امنية من الخرطوم الى الولايات التي شهدت نزاعا في الفترة الماضية، للسيطرة على الاوضاع . لكن الاخطر انه احيانا يقوم ابناء القبائل المنتمين الى بعض الحركات للمشاركة في النزاعات ويتم استخدام اسلحة ثقيلة، وهذا يؤدي الى ارتفاع عدد الضحايا .
تدخل القوات: الخبير العسكري أمين إسماعيل يذهب في تصريح ل(السوداني) الى ان تدخل القوات المسلحة في حالة الازمات والكوارث يتم بطلب من السلطات المدنية، مشيرا الى انها تقوم بواجباتها في حالات العمليات والسلم . وقال اسماعيل ان السلطات المدنية تطلب تدخل القوات المسلحة في حال عجزت الشرطة عن التعامل مع احداث معينة، اذا كانت صراعات قبلية او شغب او تظاهرات، بالتالي يتم اعلان حالة الطوارئ بالمنطقة المعنية وتتدخل القوات المسلحة وتستلم زمام الامور وتفرض قانونها، ويتم التعامل مع الاحداث بإجراءات وطرق محددة يتم التدريب عليها مسبقا .
موضحا انه في بعض الحوادث لا يتم تدخل القوات المسلحة، لانه لم يطلب تدخلها، واحيانا يكون الطلب قُدم للحكومة المركزية او القيادة العامة، بالتالي دراسته والرد عليه ربما يأخذ وقتا، مستدركا: لكن هذا لا يعني انه في حالات الكوارث والاصابات الكبيرة يكون للقادة المحليين في القوات المسلحة والنظامية الحق في التدخل واخطار القيادة الاعلى، وقال على السلطات المدنية ان تحدد الزمن المناسب لتدخل القوات المسلحة، ويكون ذلك حسب الخسائر والامكانات المتوفرة لها . مشيرا الى انه في الصراعات يتم استخدام اسلحة لا يمكن مقاومتها بواسطة الشرطة، ويتطلب الامر تدخل القوات المسلحة، داعيا الى تعديل اللوائح والقوانين التي تسمح بتدخل القوات المسلحة من قبل قادة الفرق والقادة المحليين طالما ان الامر وصل مرحلة استخدام اسلحة (اوتوماتيكية) وايقاع ضرر كبير بالامن القومي السوداني .
غياب وتماطل الحرية والتغيير قالت في بيان صحفي عقب احداث اقليم النيل الازرق "تواصل قوات الشرطة وغيرها من القوات النظامية فقدان هيبتها وثقتها لدى المواطنين في كافة ربوع البلاد، إذ شكلت غيابًا تامًا عن مناطق الأحداث، وتماطلًا في الاستجابة لنداءات المواطنين السابقة في المنطقة للتحرك المسبق لحفظ الأمن، فقد تبدل دورها من حفظ الأمن إلى مطاردة الثوار السلميين العزل .
وشدد على أن الأوضاع الأمنية المتردية هي نتيجة حتمية لفشل السلطة الانقلابية في توفير الأمن والأمان للمواطنين وفرض هيبة الدولة، وأن لا مناص من معالجة هذه الأوضاع المتازمة إلا بإسقاط الانقلاب، وإقامة سلطة الحرية والسلام والعدالة، التي تحترم كرامة الإنسان وتصون حقوقه وتلبي آماله وتطلعاته، داعيًا مواطني الاقليم الى ضبط النفس.
فولكر يغرد: دعا رئيس البعثة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس، المجتمعات المحلية بولاية النيل الأزرق الى ضبط النفس والامتناع عن الانتقام، معبرا عن قلقه وحزنه إزاء الأحداث التي تشهدها الولاية.
وقال فولكر في تغريدة على تويتر إن العنف بين المجتمعات والخسائر في الأرواح في منطقة النيل الأزرق في السودان أمر محزن ومقلق للغاية، واضاف :إنني أحث المجتمعات ومن يقودها على ضبط النفس والامتناع عن الانتقام والعمل مع الإدارة الاهلية وسلطات الاقليم لاتخاذ خطوات ملموسة نحو التعايش السلمي . حماية المدنيين: وأعربت القائم بأعمال السفارة الأمريكية في الخرطوم، لوسي تاملين عن قلقها من الاشتباكات القبلية في إقليم النيل الأزرق . وحثت تاملين في تغريدة على تويتر ،المجتمعات في الإقليم على عدم السعي للانتقام والانخراط في الحوار، ودعت السلطات إلى حماية المدنيين وتقديم الدعم الطبي العاجل للمحتاجين . تقرير: وجدان طلحة