في الوقت الذي بدأت فيه بركة الأزمة المتجمدة في الذوبان بالاتفاق الذي تم بين عدد من الفصائل المختلفة على تحديد مواقيت بغية تشكيل حكومة انتقالية جديدة مطلع أبريل المقبل، وبالرغم من المحاولات التي يقودها بعض الأطراف لوضع نهاية للأزمة السياسية، هل يقف ائتلاف التغيير الجذري عند موقفه الرافض لأي اتفاق سياسي ويتمسك باسقاط السلطة الانقلابية، أم أن وجهته ستختلف باختلاف الأوضاع السياسية؟ مواصلة التظاهرات ويقول المحلل السياسي د. الفاتح عثمان إن التحالف الجذري اختار التركيز على الإطاحة، ليس فقط بالعسكر بل بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وحكومتها أيضاً إن تكونت، ومعهم مؤسسات الدولة السودانية كلها أو جلها بغرض استبدالها بمؤسسات تعبر عن قوى الثورة، أو بالأصح تعبر عن الشق المنتمي للتحالف الجذري المكون أساساً من الحزب الشيوعي وحركتي الحلو وعبد الواحد محمد نور، إضافةً لبعض لجان المقاومة وتجمع المهنيين جناح التحالف الجذري. وقال ل (الإنتباهة): (إذن يرفض التحالف الجذري بشكل قاطع المشاركة في أية حكومة انتقالية بقيادة مدنية طالما أتت بالتفاوض مع العسكر)، وأضاف قائلاً: (إن تكونت حكومة قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وحلفائهم الجدد سيختار التحالف الجذري البقاء في المعارضة، وسيحاول الإطاحة بتلك الحكومة، وسيواصل الدعوة للتظاهرات مدعياً أن حكومة قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي لا تعبر عن طموحات الثورة السودانية)، ولفت إلى أن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي مازالت تحاول ضم كل من التحالف الجذري وحزب البعث من جديد للعملية السياسية السودانية الجارية الآن. صورة معقدة الأمر الذي أكده الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي فتحي فضل بأن أهدافهم باسقاط ما وصفها بالحكومة الانقلابية مستمرة وليس هناك تراجع عنها، وأشار إلى أن العسكر عقدوا اتفاقاً إطارياً مع قوى مدنية وأجريت ورش عمل، وفي ذات الوقت الآن يجري اتفاق سياسي جديد، وهذا الأمر لا يعدو كونه خطوات تنظيم لكنها لن تتحرك إلى الأمام، وقال فضل في حديثه ل (الإنتباهة): (إن ما يجري الآن أعمال حبيسة الغرف المغلقة، وحتى جماهير الأحزاب المنضوية تحت لواء تلك الاتفاقيات ليس لديهم علم بما يحدث، بجانب أن خلافات الأطراف المدنية فيما بينها والعسكرية فيما بينها تعيق أي تقدم للأمام، علاوةً على الخلاف بين الراعين للاتفاق مصر والسعودية أو غيرهما بتأييد أي طرف سياسي)، وتابع فضل قائلاً: (كل هذه الأشياء تؤكد أنه من الصعوبة بمكان أن يكون هناك مخرج مما يجري الآن، والمروجون للتسوية السياسية والهبوط الناعم يتحدثون عن ضرورة مشاركة القوى السياسية وتوسيع المشاركة ويقصدون بذلك الكتلة الديمقراطية، لكن الصورة العامة معقدة سياسياً واقتصادياً)، وأضاف قائلاً: (إن العدالة لم تتحقق بعد لأن أصحاب المصلحة تغيبوا عن الورش التي تمت عن العدالة، ولا يوجد حديث عن الاقتصاد والحريات، والثوار مازالوا يواجهون عنفاً ممنهجاً، فضلاً عن أن السياسة الخارجية غير معروف المسؤول عنها، كما أن الاضرابات المطلبية مستمرة ومتصاعدة، ولذلك فإن ذهاب السلطة الانقلابية هو ما نسعى إليه، وموقفنا واضح ولن نتراجع عنه خطوة). تجمع الرافضين وفي نهاية يوليو الماضي أعلنت قوى سياسية ونقابات عمالية وأجسام احتجاجية في البلاد عن تحالف سياسي جديد ينادي باسقاط الحكم العسكري ويرفض الشراكة الثنائية مع الجيش، ويتصدر الحزب الشيوعي التحالف الجديد الذي أطلق عليه (ائتلاف التغيير الجذري ووحدة قوى الثورة)، ويضم أكثر من عشرة أجسام مهنية وفئوية بينهم مفصولو الشرطة تعسفياً، اتحاد مزارعي الجزيرة، الاتحاد النسائي، إضافةً إلى أسر الشهداء وأحد فصيلي تجمع المهنيين السودانيين، وقال الشيوعي إن الائتلاف سيعمل على التحضير للإضراب السياسي والعصيان المدني، ويضم الأحزاب السياسية المؤمنة بالتغيير الجذري واتحادات ونقابات وفئات اجتماعية والمنظمات التي ابتدعتها الجماهير مثل لجان المقاومة والحركات المدنية التي اضطرت لحمل السلاح لإقامة نظام جديد. تقرير: هبة عبيد