إسرائيل تكشف رسميا عن خطتها على حدود مصر    "خسرنا بالسحر".. مدرب نيجيريا يتهم الكونغو بممارسة "الفودو"    الشباب بطلاً لكأس السودان بكسلا    حاكم دارفور يرحّب بزيارة وكيل الأمم المتحدة توم فليتشر ويؤكد تسهيل العمل الإنساني    خالد عمر: تصريحات وزير الخارجية الأمريكي لا تتعارض مع "الرباعية"    الملك فيصل العجب    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    عزمي عبد الرازق يكتب: كامل إدريس .. هل فشل في المهمة؟    عزمي... والابتزاز الإعلامي بملامح متقلبة    شاهد بالصورة والفيديو.. ظهور مثير لمطربة سودانية مع عازفها وهما داخل سيارة ويرددان "رمال حلتنا"    شاهد.. ناشطة الدعم السريع الشهيرة "أم أشواق" تنهار من البكاء وتعلن تخليها عن "القضية" ومساندة المليشيا    روسيا.. سجن إماراتي 6 سنوات بتهمة محاولة تهريب صقور مهددة بالانقراض    زيدان يقترب من تحقيق حلمه    بدء أعمال إزالة الأجزاء المتضررة بجسر الحلفايا    النائب العام تصل الى الشمالية للوقوف على أوضاع النازحين وسير التحقيقات في انتهاكات المليشيا المتمردة    الأولى منذ 7 سنوات.. محمد بن سليمان إلى واشنطن    محسن سيد يشيد بتجربة الأهلي وبعدد المكاسب    حتى لا ننسى.. في مثل هذا اليوم من العام الماضي حاصرت مليشيا الدعم السريع قرية "برانكو" شمال الهلالية ومنعوا المواطنين من أداء الصلاة في المساجد ثم أطلقوا الرصاص في السماء وقالوا: "إنهم قتلوا الله"    بالفيديو.. إبراهيم بقال: (الدعامة لا يعرفون النظام والاستقرار ولهذا السبب فقدوا كل مدن العاصمة.. سيطرتهم على الفاشر "فورة لبن" وقسما بالله وتذكروا حديثي هذا سترجع الفاشر وكل دارفور لحضن الوطن)    شاهد بالصورة والفيديو.. سوداني يقيم بقرية في أقصى المملكة من 60 عام.. عاش فيها وشهد تعميرها قبل أن تصلها الخدمات: (أنا هنا من وقت ما كان الجنيه السوداني يعادل 3 ريال)    أمم إفريقيا أول خطوات ليفربول لإبعاد صلاح    الأهلي ممثلاً رسمياً لاتحاد كوستي في منافسة كأس السودان القومي    السودان..مقاطع فيديو تقود إلى اعتقال فتاة    شاهد.. "القروش بتخلي البني آدم سمح".. جمهور مواقع التواصل بالسودان يواصل سخريته من المذيعة تسابيح خاطر بنشر صور قديمة لها قبل ظهورها في الإعلام    شاهد بالفيديو.. الفنان المصري سعد الصغير يثير غضب السودانيين أثناء ترحيبه بالفنانة "مونيكا": (أنا أعرف أن السوداني لازم يبقى أسود أو أسمر لكن من السودان وبيضاء أزاي مش عارف!!)    خسارة مصر أمام أوزبكستان تدق ناقوس الخطر    ضربة روسية قوية بصواريخ كينجال على مواقع عسكرية حساسة في أوكرانيا    من هوانها علي الدنيا والناس أن هذه المليشي المتشيخ لايعرف عن خبرها شيئاً .. ولايعرف إن كانت متزوجة أم لا !!    الالعاب الإلكترونية… مستقبل الشباب في العصر الرقمي    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعًا عام تعفن الدماغ!
نشر في كوش نيوز يوم 01 - 01 - 2025

فى عام 1854، نحت عالم الطبيعة والفيلسوف الأمريكى هنرى ديفيد ثورو مصطلح «تعفن الدماغ» منتقدا التبسيط المُفرط فى تفكير الناس وتعاملهم مع القضايا والمشاكل التى يواجهونها. وقال: «هناك ميل فى المجتمع للتقليل من قيمة الأفكار التى يمكن تفسيرها بطرق متعددة لصالح الأفكار البسيطة، وهذا مؤشر على تراجع عام فى الجهد الفكرى والعقلى. لماذا ننزلق إلى أدنى مستوى من إدراكنا البليد ونمتدح ذلك باعتباره السلوك السليم؟». وأضاف: «بينما تسعى إنجلترا إلى علاج تعفن البطاطس، لماذا لا تسعى إلى علاج تعفن الدماغ الذى ينتشر على نطاق أوسع بكثير وبشكل مميت؟».
ماذا لو كان ثورو يعيش فى عالمنا اليوم؟ بما سيصف حالنا؟ عام 2024، يجسد كل ما انتقده الفيلسوف الأمريكى قبل 170 عاما. وصلت السطحية وتدهور الحالة العقلية والانشغال بأمور تافهة إلى درجة أن دار نشر أكسفورد، المسؤولة عن نشر قاموس أكسفورد الشهير، اختارت نفس تعبير ثورو ليكون كلمة عام 2024. فى حيثيات الاختيار، الذى جاء نتيجة استفتاء شارك فيه 37 ألف شخص، ذكرت أن المصطلح يصف التدهور المتواصل للحالة العقلية أو الفكرية للشخص نتيجة الإفراط فى استخدام محتوى أو مضمون عبر الإنترنت دون عمق، كما هو الحال مع الفيديوهات القصيرة على تيك توك وغيرها من منصات التواصل والتطبيقات التكنولوجية.
تردد استخدام «تعفن الدماغ» خلال العام الذى يغادرنا وسط مخاوف من التأثير السلبى للإفراط فى استخدام المحتوى التافه قليل القيمة فى وسائل التواصل، على الحالة العقلية للبشر خاصة الأطفال والشباب. كلمة تعفن ليس فيها مبالغة كبيرة، إذ أظهرت الدراسات العلمية أن استهلاك كميات كبيرة من المحتوى غير المرغوب فيه، بما فى ذلك الأخبار المثيرة ونظريات المؤامرة والترفيه السطحى، يمكن أن يؤثر بشكل عميق على أدمغتنا. أبحاث كلية طب هارفارد وجامعة أكسفورد أشارت إلى أن إدمان وسائل التواصل يمكن أن يشتت الانتباه ويُضعف الذاكرة ويشوه المعرفة الإنسانية. العلماء قالوا إن الاستهلاك «القهرى» للأخبار والمواد الأخرى، التى يتلقاها الإنسان رغما عنه من خلال ما يسمى التمرير التلقائى والإشعارات التى لا تتوقف من إنستجرام ورسائل الواتس وتنبيهات الأخبار، تغير الطريقة التى ننظر بها إلى العالم وكيفية الاستجابة لذلك.
لكن هل السطحية تتوقف فقط عند ذلك؟ للأسف لا. فقد تغلغلت فى نواحٍ كثيرة من حياتنا، وتعمقت فى 2024. إحدى المشاكل التى نعانى منها نتيجة ذلك الإلهاء الذى ينتج عنه تشتت التفكير وقلة التركيز. كم هائل من المعلومات التى لا تستحق هذا الاسم من فرط سطحيتها وتفاهتها، يدخل إلى أدمغتنا ويحتل المساحة الأكبر من الذاكرة، مما يجعلنا غير قادرين على التفريق بين الغث والسمين. لكن الأخطر أنه لا يترك لنا فرصة كى نستزيد من المعلومات القيمة العميقة، سواء كانت كتابا أو دراسة أو مقالا أو فيلما أو مسرحية. اعتدنا «الفلاشات» السريعة، التى تضىء ثوانى معدودة ولا تترك أثرا. نسبة كبيرة من مثقفينا انساقت وراء «البوستات والتغريدات»، التى تحرمنا من نتاجهم الفكرى والعلمى العميق.
الإلهاء وصلت أضراره إلى أن نخبة الطلاب فى الجامعات المرموقة فى الغرب، وبالتأكيد عندنا، لا يستطيعون قراءة كتاب للنهاية، لأنهم يجدون صعوبة فى مواصلة التركيز والفهم. العديد من المدارس الإعدادية والثانوية الأمريكية ابتعدت عن تدريس النصوص الأدبية لصالح المقاطع القصيرة حتى يستوعبها التلاميذ. تعفن الدماغ من أعراضه أيضا، اللغة الجديدة المستخدمة على الإنترنت. يتم كتابة نصوص عربية بحروف إنجليزية، أو استخدام الأرقام بدل الحروف. أما المضمون، فيمكن وصفه بأنه غاية فى الخفة والضحالة. حتى لا نظلم 2024، فإن الظاهرة ليست جديدة. الخطر بدأ منذ مطلع القرن الحالى، عندما أصبح البريد الإلكترونى أداة شائعة. فى عام 2005، نشرت صحيفة الجارديان تقريرا بعنوان: «البريد الإلكترونى يشكل تهديدا لمعدل الذكاء»، وكان عن دراسة علمية، ملخصها أن الذين استخدموا الإيميل والهواتف المحمولة يوميا انخفض معدل ذكائهم بمقدار 10 نقاط بالقياس لمن لم يستخدموه. وأضاف التقرير أن تأثير استخدام هذه الوسائل التكنولوجية على العقل أكثر من تعاطى الحشيش.
إلا أن التأثير السلبى وصل ذروته العام الحالى، ولم يقتصر على مستخدمى الإنترنت فقط، بل انتشرت العدوى فى شتى المجالات. التفاهة بسطت سلطانها على العالم، كما قال المفكر الكندى آلان دونو فى كتابه: «نظام التفاهة» الصادر 2021. التافهون أمسكوا، حسب رأيه، بمفاصل السلطة ووضعوا أيديهم على مواقع القرار وصار لهم القول الفصل والكلمة الأخيرة فى كل ما يتعلق بالخاص والعام.
عبدالله عبدالسلام – المصري اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.