*أرغب في رياضة المشي كلما مشيت القاهرة.. *أما هنا في الخرطوم فلا (أحس) بمثل هذه الرغبة أبداً.. *وربما السبب هو (الإحساس) بنظافة الأمكنة… والشوارع… والأجواء.. *فبعد نحو ساعة من المشي أعود نظيفاً كما خرجت.. *لا الملابس يعلق بها غبار… ولا الحذاء… ولا الوجه والعينان والشعر.. *وحين أفعل الشيء ذاته هنا (أحس) بأني عدت من المقابر.. *وفضلاً عن ذلك هناك ميزة (إحساس) الناس بأن ما تفعله أمرٌ عادي.. *لا أحد ينظر إليك شذراً… ولا عجباً… ولا فضولاً.. *هنا لا تسلم من ألسنة الناس – وأعينهم – إلا عندما (تسلِّم ) نفسك لتجاويف دارك.. *وعقب المشي – بالقاهرة – أجلس في مقهى تحت العمارة.. *وما أن يراني النادل حتى يصيح صيحته المعروفة (عندك واحد مظبوط).. *فتأتي الابتسامة… والقهوة (أم وش)… وكوب الماء النظيف.. *والابتسامة هذه قل أن تجدها في مقاهينا وإن كنت زبوناً دائماً… لا عارضاً مثلي.. *وهذا بعض جميل الإحساس الذي نفتقده في بلادنا.. *حتى وإن كان إحساساً كاذباً فهو حتماً أفضل من (تكشيرة) صادقة.. *كم مرة تستمع لعبارات ذات إحساس خلال يومك؟.. *عبارات من قبيل شكراً… ومن فضلك… ولو سمحت… وآسف جداً؟!.. *وكم مرة تقولها أنت نفسك أثناء اليوم… داخل بيتك وخارجه؟.. *وفي اعترافات امرأة سودانية أن من مزايا زوجها شكره لها عند خدمته.. *فما أن تلبي له طلباً حتى يُسمعها عبارة (شكراً جزيلاً).. *وعندما تأتي له بواحد قهوة (مظبوط) تجد في انتظارها واحد إحساس (مظبوط).. *فالزوجة ليست ملزمة – ديناً – بخدمة زوجها.. *ونادل قهوتي بالقاهرة غير ملزم – عملاً – بالتبسم في وجهي مع رقيق التحايا.. *فليس من الذوق – إذن – عدم رد الإحساس (بأظبط) منه.. *والشعوب التي تضبط نفسها إزاء سياسات الإفقار على قادتها رد الجميل (ضبطاً).. * (ضبط) ألسنتهم تجاهها… وهذا أضعف (الإحساس).. *والسيسي مارس إحساساً (مضبوطاً) حيال شعبه أيام الأزمة.. *شكرهم على صدق (إحساسهم) بالوطن… وآلامه… وآماله… وتحدياته… ومستقبله.. *قال : تألمنا معكم… وجعنا معكم… وسنشبع – ونفرح – معكم.. *وبالفعل تجاوزت مصر أزمتها الاقتصادية سريعاً… وشبع الجنيه من بعد جوع.. *ومنتخبها يحقق انتصارات الآن في بطولة إفريقيا بهذا الإحساس.. *إحساس أن مصر أولاً ؛ لا أهلي… لا زمالك… لا إسماعيلي.. *فهل أحسسنا نحن بمثل هذا (الإحساس) لدى لاعبي فريقنا القومي… قريباً؟!.. *بل هل توجد (أحاسيس مضبوطة) في بلادنا أبداً؟!.. *حتى ساعاتنا كانت غير (مظبوطة) – حتى وقت قريب – على إيقاع الزمن العالمي.. *ونظل دوماً نفتقر إلى (واحد إحساس مظبوط !!!).