وتصريحات السيد مدير شرطة المرور السودانية، بأنهم سيبتسمون أمام جميع مستخدمي الطريق، المنضبطين بضوابط المرور والمخالفين لها، تثير التعليقات الكثيفة خبيثها و(الظريف). وتمضي أكثر التعليقات إلى استحالة أن يفعل عساكر المرور ذلك، هذا بالنظر إلى تكشيرة السوداني، والتي يعزيها البعض إلى جديتنا، وهذا التبرير أراه خطأ بالغ. ويرى آخرون أنها فعل أدمناه اتقاء لشمسنا اللهيبة، وأرى أن هذا أكثر خطأ من سابقه، حيث أننا نحتفظ بذات التكشيرة في عز فصل الشتاء وخلال ساعات يوم الربيع كذلك. وبالنظر إلى أغنياتنا نجد أنها وثّقت لتكشيرتنا هنا وهناك، فهذا عاشق ولهان لا يرى في محبوبته عيباً سوى أنها لا تبتسم (البت تقيله وكده).. فغنى لها (صابحني داااااااااااااااايماً مبتسم)، وأشك في أنها فعلت لأنه لم يردف تلك بأغنية أخرى يشير فيها إلى استجابتها وأنها ابتسمت..!! وجاء بعدهم آخرون يغنون لذات الطلب: (ابتسامة حبيبي تكفي) وحتى الذي يبتسم ففي ابتسامته تعبير آخر يعني رفض المبتسم له وهذا تناقض عبقري: (ابتسم يوم شفتو ما قبلان تحية.. من دلالو ولا مالو؟) وأظن أن الأمر ليس دلالاً بقدر ما هو (ثقالة ليس إلا). تبسُّمك في وجه أخيك كان الإمام يعظنا وهو فوق المنبر بالتصدق ولو بالتبسم مشيراً لحديث أفضل الخلق عليه صلاة الله وتسليمه: (تبسمك في وجه أخيك صدقة). " العروس السودانية في ليلة عرسها تكون أكثر أهل الأرض تجهماً وعبوساً (رغم أنها تحت تحت، دفعت دم قلبها عشان تعرّس الزول ده) "وصديقي الذي يرصد عيوب الناس والأشياء السلبية فقط، خرج من الخطبة وهو يعلق ويؤكد على إشادتنا بموضوع الخطبة، ومن أننا يمكن أن ندخل الجنة ب(البسمة). لكن صديقنا أحبطنا وهو يشير إلى ما غفلنا عنه (ما شايفين إنو الإمام ده كان متجهم وصاري لينا وشو طوالي كأننا كُفّار قريش). دعك من الإمام – (احتمال عندو فتوى)- ولنمضي إلى مواقع أخرى تستوجب الابتسام. كنت قد رصدت بعضاً منها في تحقيق نشر بصحيفة الصحافة: مثلاً العروس في ليلة عرسها تكون أكثر أهل الأرض تجهماً وعبوساً (رغم أنها تحت تحت، دفعت دم قلبها عشان تعرّس الزول ده). غير أن المبرر لهذه التكشيرة والتي تدخل بها الحياة الجديدة هي (عشان ما يقولو عليها خفيفة). وإن ارتفعت بنظرك إلى فوق وجوار (كوشة) العرسان تجد أن الفرقة الموسيقية التي تشارك في هذا الحفل الذي يفترض أن يكون بهيجاً تجدهم (صارين وشهم) كأنهم يعزفون في قداس جنائزي في كنيسة. بالمناسبة إطلاق اسم (كوشة) لمجلس العرسان أليس هو نوع من التكشيرة. الضحك بلا سبب قلّة أدب أنظر في بعض تكشيراتنا: نحتفي بأول عيد للميت، ولا نأبه بالعيد الأول للعرسان، أو من جاء مولوداً لنا في هذه البلدة الحزينة. " عقلنا الباطن يحتفظ بأننا كلما كنا (ناس مهمين)، كلما وجب أن تكون (تكشيرتنا) أكبر، لأنها تتناسب طردياً مع عظمة الشخص وأهميته "نصيح في عربة النظافة: عربية الوسخ جات!! نتهم (الزول البسّام) أنه مريض بمرض اسمه (أم فريحانة). ونستجيب للعبارة التي نرددها في الجمعيات الأدبية وبرامج الصباح المدرسية باعتبارها حكمة واجبة التطبيق والتقديس: (الضحك بلا سبب قلة أدب)!! وفي ذات الإطار نقرأ: (إذا رأيت أنياب الليث بارزة، فلا تظنن أن الليث يبتسم) فكأنما الابتسامة نقيض الشجاعة والقوة، أو هكذا كنت أفهم من احتفائنا بهذا البيت الحكمة. كنا ندخل المدرسة فنجد أن أكثر الناس تجهماً هو المدير ويتدرج الآخرون حسب الخبرات. ومن هناك يحتفظ عقلنا الباطن بأننا كلما كنا (ناس مهمين)، كلما وجب أن تكون (تكشيرتنا) أكبر. ف(التكشيرة) و(صرّة)، الوجه تتناسب طردياً مع عظمة الشخص وأهميته. وأنظر حولك لكل صاحب مسؤولية أو سلطة، بدءاً من كمساري الحافلة و(انت ماشي)، لكن قبل هذا وذاك أنظر إلى من هو أقرب إليك منهم أنظر في المرايا. هل ابتسمت؟؟ حاول مرة أخرى، ستعتاد على ذلك، واستحمل كل الاتهامات و(ابتسم تاني). هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته