- فكرة أن العيد.. أي عيد.. مطلق العيد.. يكمن معناه في كسره للروتين وشرخه للعادة التي درج عليها الناس.. فالعيد تلوح فيه صفات مثالية: التسامح بلا ضفاف وحتى التقرير بأن خصام العيد حرام.. هذه الفكرة تستهويني لان العيد فيه من الملامح الاسطورية.. ويقدم الانسان مسرحية الفرح.. الفرح بصفته ضرورة وشرعية.. اغتصاب الفرح والعزاء إنك إن مثلت دور الضاحك فستضحك حقيقة.. - العيد اختراع إنساني لمقاومة التكرار والروتين والملل.. والثقافة الاسلامية تحتفي بالعيد في عيدين.. الفطر . والاضحى.. ولكل أمة عيدها إن لم نقل لكل ثقافة أعيادها.. مساحة تقتفي فيها الفرح.. تفرضه كضرورة.. تلزم به.. بالدين .. بالمجتمع.. بالمواسم.. فهناك أعياد للميلاد وللزواج وللأم وللأسرة.. وهناك أعياد للزراعة - وللحصاد.. وللصيد.. - وخلق الله الاعياد.. ليجرب الناس المثالية لأيام ولكن الانسان الجهول لا ينتخب هذه المثالية فيتبناها بصفتها سلوكاً يومياً.. أنظر لو أصبح التسامح .. وقبول الآخر.. وفتح أبواب البيوت.. وحجرات القلوب لاستقبال الناس.. التناسي.. والغفران.. التأسي والسلوان.. بخلع الناس بالضرورة الأقنعة فيبدون على فطرتهم الخيرة.. يتآلفون.. ويتحدون في سمت عجيب.. - وخلق الله الاعياد.. لتكون الاحضان أكثر دفئاً.. والربت على الكتوف بصدق.. وتتنحى العداوة جانباً.. كل الدنيا في ألق.. والمخلوقات في ثياب جميلة.. والنفس الأمارة يهدأ تآمرها ويبدو كل شيء (ملحوق).. - وتحدثت كثيراً عن أعياد الانسان السوداني منذ ميلاده.. سمايته.. تسنينه.. دخوله المدرسة.. ختانه.. نجاحاته..عمله.. زواجه.. وحتى موته الجميل يصبح عيداً للحزن هو بالمقابل حزن مثالي.. نتخطاه لنمسك بتلابيب الفرح أكثر. - كنا في الصبا نغني للعيد ليس للعيد.. للمحبوبة في كنف العيد.. كنا مثلاً نقول: معيدين في عيونو يا عيد وأنت جيت أهو بالأغاريد بالصباحات الندية.. بالأماسي وبالمواعيد بالليالي الضاجة بالريد - ومن سره زمن .. ساءته أزمان.. طبعاً لن نسمح للمحبطين الذين يقولون لنا: هو عيد اليومين ديل عيد.. العيد كان زمان.. وفي زمن العيد الذهبي.. لن نسمح لهم باحباطنا.. سنخذلهم ونقول: باركوها يا جماعة : كل أيام الله عيد. - كلما مر العيد تذكرت اسم طالب كنت قد صادفته في حياتي.. واسمه (عيد سعيد عيد)، ورغم أني حكيت هذه القصة في اعياد مضت إلا أنني مازلت معجباً بهذا الاسم.. الجملة المفيدة.. وعبارة التهنئة.. فهو اسم كلما نطقته او استمعت اليه تبتسم.. وزمان في العصر الذهبي للابتسام كان (ناس) العلاقات العامة و(السواقين والكماسرة) طبعاً سواقين وكماسرة زمان.. (العصر الذهبي للسواقه والكمسرة).. كانوا يعلقون ديباجة كتب عليها : ابتسم من فضلك! وعلى طريقة شعبان عبد الرحيم: بس.. خلاص.. وعيد سعيد للجميع..