? تعتقد = يقيناً = أن ما تراه عيونك.. تراه عيونك.. وأن ما تلمسه يدك.. تلمسه يدك.. لكن الأمر ليس كذلك! ? .. والذين شهدوا السبعينات شاهدوا قصة مقتل الإمام الهادي ? ولكن .. ? في ساعة مقتل الإمام ذاتها = نفس الدقائق = كانت تبدأ إنتاج قصة أخرى عن الحادثة ذاتها ?.. فلما كان مبارك والسادات جلوساً عند النميري في الخرطوم ظهيرة أول أبريل.. ساعة مقتل الإمام الهادي.. كان (سامي شرف) مدير مكتب عبد الناصر في القاهرة يتلقى هاتفاً من السادات عن الحكاية ذاتها والسادات يروي صورة ثالثة قال السادات.. وسامي يكتب بخط يده .. الإمام طلع من يومين بالعربيات على البحر الأحمر.. وإحنا قاعدين عند النميري جاء له خبر أن ضابطاً مسك الإمام (جريحاً) في عربة! نميري قال: بنفكر انكم في مصر تأخدوه عندكم.. قلت له عندي تفويض من الرئيس اللي قال لي إنت عايزه أعمله لك كله.. إنما.. ما يخلص.. وبلاش وجع قلب = يعني أن السادات كان يقترح قتل الإمام الهادي قال السادات.. وسامي يكتب: قام (النميري) كلّم خالد حسن وقال له.. خلِّصوا عليه.. وخلصت العملية! ? .. وسامي شرف كان ينقل عن السادات .. والسادات ينقل عن النميري.. والنميري ينقل عن خالد حسن عباس (الذي يحدث في الهاتف).. وخالد ينقل عن الضابط الذي يعتقل الهادي.. ولعل سابعاً كان هناك ? .. عام 1995م كان الشيخ الكاروري من مكتبه بمنظمة الدعوة كان يقص علينا حكاية تختلف عن كل هذا ? والشيخ الكاروري الذي يشهد معركة الجزيرة أبا مع الإمام ثم يصحبه في الخروج من الجزيرة مع خال الإمام الهادي وآخرين يحدثنا = .. إتجهنا إلى الكرمك .. وهناك لحقت بنا مجموعة يقودها ضابط إداري من الشيوعيين = إعتقلونا.. وقيّدونا.. والضابط يصحب الإمام الى خلف أشجار هناك.. ثم صوت رصاصتين.. بعدها كنا نعبر بالإمام قتيلاً (2) ? .. التاريخ السياسي إذن هو شئ يعبر أسواق الهدف السياسي.. والسوق يعطيه اللون الذي يريد ? ثم يعبر بالأفواه والعقول التي ترويه.. وكل أحد يروي الحدث بعد أن يضيف إليه شيئاً هنا.. ويحذف منه شيئاً هناك ? .. وهكذا.. فلا تاريخ.. ? .. وما تراه عيونك.. هو شئ لا تراه ? وأحدهم = حين يتقدم للحصول على ترخيص لقيادة عربة = يسأله الضابط: العربة التي تسير أمامك .. قائدها يخرج يده من النافذة ويشير بها.. ماذا يعني هذا (وكان السائقون يشيرون بأيديهم يومئذٍ) ? .. قال الرجل الساخر: إن كان قائد العربة رجلاً.. فإشارته تعني أنه سوف ينحرف يساراً.. ولكن إن كان من يقودها إمرأة فإن الإشارة تعني أنها سوف تنحرف يساراً أو يميناً أو أنها سوف تتوقف أو تندفع.. أو هي تشير الى فترينة او تُحيي صديقاً.. أو هي تريد أن تعرف إن كانت السماء تمطر.. أو.. أي شئ آخر ? والأنباء اليومية عن كل حدث مما يزدحم اليوم هي شئ لا يبدو بوجهه الحقيقي إلاّ بعد نصف قرن.. فقط!! ? والجملة الأخيرة المخادعة تزعم أنك سوف تبقى.. حتى نصف قرن ? والمخادعة هنا.. والمخادعة هناك كلها خيوط تنسجها جهات معينة تحت قدميك ? .. ما يبقى هو أن الأحداث الأعظم فى السنوات العشر الأخيرة أعظم ما فيها هو أنها أحداث لا أحد يعلم شيئاً عنها ? أحداث الحادي عشر من سبتمبر يولد لها في كل يوم تفسير جديد ? .. والثورات العربية التي ما يزال غبارها معلقاً يصدر لها في كل يوم تفسير جديد ? وما بين عملية سبتمبر والربيع العربي يزدحم سيلٌ هائلٌ من الأحداث.. ? .. وكلها احداث لا تفسير لها لأنها تحمل ألف تفسير ? .. وتحمل ألف تفسير لأنّ الإستخبارات العالمية تدير معركتها العظمى الآن من جوف الإعلام ? .. وكيسنجر يقول لأشهر محطة أمريكية الشهر الماضي أن المعركة النهائية لأمريكا = حتى تضع يدها على العالم = تقترب من نهايتها ? وان نهايتها هي بترول الخليج والعراق.. ثم بترول إيران ? لهذا تقترب معركة إسرائيل وإيران ? وإن لم تفهم هذا فأعد قراءة المقال