تندرج حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل أمس (81) مسؤولاً في الحركة الشعبية وحكومة الجنوب ثاني أسوأ كارثة تلحق بالحركة في غضون ثلاثة أعوام. فقد راح ضحية حادثة الأمس (81) شخصاً بينهم وزير شؤون الجيش في الجنوب دومنيك دينق، وهي وزارة تشبه وزارة الدفاع في الدولة المستقلة. ويؤكد مراقبون للأوضاع في الجنوب أن مصرع هذا العدد الكبير من المسؤولين ومساعديهم سيثير جدلاً متعاظماً حول عدة قضايا منها الإهمال وعدم الحذر الذي يصاحب تحركات المسؤولين سواء كانوا في الحكومة أو الحركة. ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن ينبري عدد من الزعماء السياسيين والقبليين الى إثارة أسئلة حول أسباب الحادث وما إذا كان وراءه عمل تخريبي أو خلل أو تغيير مفاجئ في الأحوال الجوية أو سوء تقدير طاقم الطائرة أو إفتقادهم للمعرفة بطبوغرافية المنطقة. ويقول المراقبون إن الذين تحدثوا ل «الرأي العام» إن منافسين للحركة الشعبية سيطرحون أسئلة مغايرة حول مدى ملاءمة المطارات ونوعية التحديثات أو التقديرات التي أدخلتها الحكومة بها وحجم الأموال التي أُنفقت على البنيات الأساسية للمطارات في إقليم شاسع يفتقر لوسائل تنقل متنوعة وآمنة. ولفت المراقبون النظر الى أن حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل رئيس الحركة النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق جون قرنق، أطاحت التساؤلات والشكوك التي أُثيرت حولها، برأس قياديين بارزين في الحركة هما أليو أجانق وتيلار دينق ولم يستبعدوا أن تؤدي هذه الحادثة لاحقاً الى إجراءات مماثلة. كما توقع خبراء بملف الحركة أن تربك هذه الحادثة حسابات كثيرة وتخلط عدة أوراق سيكون المتضرر الأول منها الفريق سلفاكير رئيس الحركة لأن عدداً من الذين راحوا ضحية الحادث من الموالين له قلباً وقالباً ومن المدافعين بلا تحفظ عن كل مواقفه ولكون أيضاً (91) من الضحايا ضباطاً في الجيش الشعبي الذراع الأساسي الذي يتوسد عليه رئيس الحركة وهو يدير شؤون الحركة والحكومة. وأضاف الخبراء أن دومنيك هو رجل سلفا القوي في الجيش الشعبي، وكان مرشحاً لمنصب رئيس الأركان بدلاً عن الشلكاوي ورجل قرنق وياي دينق، كما أن عدداً من الضحايا -إن لم يكن جميعهم- تم تصعيدهم للمؤتمر العالم عن بحر الغزال. ومن المتوقع وفقاً لهؤلاء الخبراء أن يتم إرجاء عقد المؤتمر العام للحركة المقرر له الأسبوع الثاني من الشهر الجاري لعدة أسباب أولها بلا شك إجراءات دفن الضحايا وتأبينهم بحسبانهم كانوا في مهمة رسمية كلفتهم بها قيادة الحركة في إطار ترتيبات عقد المؤتمر.. لذا فمن الواجب وفاءً لهذه المجموعة إرجاء المؤتمر.. ثاني أهم الأسباب إعادة ترتيب الأوراق التي اختلطت بدماء ضحايا الحادث.. ولحاجة المتضررين التقاط أنفاسهم وإعادة قراءة الواقع.. ففي الجنوب لا يعد خروج شخص من المؤسسة (تنظيم- حكومة) فقداناً لفرد واحد ناهيك عن (91) ضابطاً وعدداً من المدنيين لم تتضح هوية معظمهم حتى ساعة إعداد هذا التقرير، فالفرد في قمة أية مؤسسة هناك له إمتدادات قبلية وجهوية. تداعيات هذا الحادث المتوقعة تفرض على قيادات الحركة وحكومة الجنوب التعاطي بهدوء ودون انفعال وإعادة النظر في مواقفهم المحملة بالشكوك تجاه كل ما هو شمالي.. والسعي للإستفادة من خبرات السودانيين أينما كانوا. وقبل هذا وذاك فإن التحقيق في الحادث يتطلب اللجوء الى خبرات دولية متقدمة تنجز تحقيقها بسرعة.