دخل لبنان أمس مرحلة جديدة.. مرحلة التوافق الوطني والاستقرار.. ويرجع الفضل بعد الله سبحانه وتعالى.. الى دولة قطر أميراً ورئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم.. هذا الرجل الذي يملك مفاتيح الحل لكثير من القضايا العربية المعقدة.. لما يتمتع به من علاقات دولية واسعة.. وأفق سياسي عال.. ومعرفة حقيقية بجذور المشاكل بين بعض الأقطار العربية أو في كل قطر. الأمير ورئىس الوزراء قادا مبادرة كانت محفوفة بالمخاطر لدى كثير من المراقبين لكنني كنت مراهناً على نجاح المبادرة القطرية لأن حمد بن جاسم احد الذين تولوا أمرها. لبنان كانت تجلس على برميل من البارود شديد الاشتعال.. كانت الخلافات بين الكُتل السياسية المعارضة والموالية.. من الصعوبة بحيث لم يتخيل أحد أنه يمكن الوصول الى حلول وقواسم مشتركة. الأمير ورئيس وزراء قطر.. وجمعوا اللبنانيين المختلفين.. وقالوا لهم دون حديث مباشر- البحر أمامكم.. والهيلتون خندقكم..ومرت جلسات الحوار بلحظات في منتهى الصعوبة، وكادت تنتهي المبادرات عشرات المرات ولكن طول بال الأمير.. وعمق حمد بن جاسم الفكري وصفاءه الذهني.. جعل المستحيل حقيقة.. واستطاع الأمير وحمد بن جاسم قيادة المفاوضات الى بر الأمان. وخرج الجميع فرحين ومتعانقين.. وتم انتخاب العماد ميشيل سليمان قائد الجيش رئيساً للجمهورية.. بعد ان ظل مقعد رئيس الجمهورية في لبنان شاغراً منذ انتهاء مدة العماد اميل لحود.. ولحود وميشيل سليمان.. كل منهما كان قائداً لجيش لبنان.. وكلاهما ماروني مسيحي.. وهذا ما نص عليه الدستور اللبناني، ان يكون رئىس الجمهورية مسيحياً مارونياً ويكون رئيس الوزراء من المسلمين السنة ورئيس مجلس النواب «البرلمان» من المسلمين الشيعة. هذه هي التركيبة اللبنانية.. فصّل الدستور اللبناني لكل طائفة موقعاً مهماً، ميشال سليمان الرئيس الثاني الذي يأتي من الجيش.. وهو الرئيس رقم «12» في تاريخ لبنان. خطابه أثناء أداء القسم.. كان متوازناً.. حرص على علاقات لبنان العربية ومع دول الجوار وبشكل خاص مع سوريا. نحفظ لسماحة الشيخ حسن نصرالله موقفه الوطني المرن الذي أوصل الفرقاء اللبنانيين الى الحل الجذري. ويُحفظ لرئيس الوزراء فؤاد السنيورة وحكومته مرونته في إلغاء القرارات التي جعلت حزب الله وحركة أمل وكل المعارضة ترابط في الشارع اللبناني.. وتحويله الى ثكنة عسكرية.. وكانت كل المؤشرات تؤكد إندلاع الحرب في لبنان مجدداً. المعجزة القطرية.. حولت لبنان من حافة الهاوية والحرب.. الى بر الأمان، والسؤال المهم: لماذا نجحت الوساطة القطرية وفشلت كل الوساطات والمساعي العربية والدولية؟.. الإجابة في منتهى السهولة.. وهي أن دولة قطر ليست لها أطماع في لبنان.. وليست لها مليشيات تخدم خطها.. وليست لها أجندة خاصة لا في لبنان ولا في سوريا ولا غيرهما. ثم أن القيادة القطرية تُحظى باحترام الجميع بسبب عقلانيتها وحكمتها وعدم تدخلها في شؤون الآخرين.. وعدم المساهمة في تأجيج أي صراع عربي عربي. وتتميز القيادة القطرية بحكمة بالغة.. استطاعت من خلالها ان تكسب احترام الجميع. أهل لبنان الآن اكثر سعادة لعودة السلام ونزع فتيل البارود وابتعادهم عن الحرب. ولبنان.. عندما تعيش في سلام فمعنى ذلك أن السلام سيعم كل المناطق العربية المتفجرة. ونحن نقول لقيادة قطر الحكيمة.. نحن في انتظاركم.. مواصلة لمبادراتكم لإنهاء النزاع بين حماس وفتح.. وفي السودان.. الوصول الى اتفاق حول منطقة أبيي التي إذا استمرت دون تدخل عقلاني وحكيم ومن دولة قطر بالتحديد.. فإن كل المكاسب التي حققتها اتفاقية السلام في نيفاشا سوف تضيع.. وتنطلق حرب لا تُبقي ولا تذر. لقد قدر الله لدولة قطر وهيأ لها القبول لدى الحكومات العربية ولدى الكتل العربية المتصارعة كافة.. ولذلك ينبغي عليها التحرك وبسرعة.. ومتأكد جداً ان جهودها سواء بين حماس وفتح وبين الحركة الشعبية والحكومة السودانية لن تفشل أبداً.. لأن لا أحد يقول لا للحكمة القطرية ولا يرفض لقيادة توافرت عندها كل أسباب القبول الشعبي والحكومي. وينتظر دولة قطر الكثير من القضايا الخلافية العربية العربية.. نتمنى أن تجد لها وقتاً وهي تسابق الزمن من أجل خلق دولة عصرية في بلدها.. ومن أجل رفاهية شعبها.. ومن أجل دخول دولتها الألفية الرابعة قبل موعدها. التحية لأمير قطر.. وللرجل الذي يملك عقلاً استراتيجياً حمد بن جاسم رئيس الوزراء وزير الخارجية المتميز.. لنجاحهما في أصعب مهمة واجهت الأمة العربية في لبنان. والله الموفق وهو المستعان.