الحديث عن تحول الصين في توجهاتها من الاستثمار بقطاع النفط السوداني الى الزراعة - بترول السودان الذي لا ينضب - لم يعد حديثاً وابداء رغبة في الاستثمار فقط، وانما اصبح واقعاً يمشي بين الناس بتوقيع حكومة الصين ممثلةً في سفيرها بالسودان أمس مع حكومة ولاية الجزيرة مذكرة تفاهم لاقامة شراكة استراتيجية للاستثمار في القطاع الزراعي بالولاية تتويجاً لفعاليات ندوة آفاق الاستثمار الزراعي السوداني الصيني التي جاءت بمبادرة من الاتحاد العام للصحافيين السودانيين وتم تنظيمها بقصر الضيافة بمدني بالتعاون مع حكومة الولاية وسفارة الصين بالخرطوم وسط حضور كثيف ومميز ضم حكومة الولاية والتشريعيين، على مستوى المركز والولاية واساتذة الجامعات والبحث العلمي والبيوتات التجارية والمزارعين والرعاة والمختصين في مجال الاستثمار وقبيلة الصحافيين. مذكرة تفاهم ونصت مذكرة التفاهم على خلق علاقة استراتيجية بين الصين وولاية الجزيرة في مجال نقل التقانة والتكنولوجيا الحديثة، وفتح مراكز تجارية للترويج والتسويق للمنتجات التقنية الصينية بالولاية، وتطوير التعاون في مجال البحث العلمي بحيث تقوم الولاية بتخصيص (5) آلاف فدان لاقامة مركز لاكثار البذور والبحوث للاستفادة من الخبرات الصينية في المجال الزراعي والاستزراع السمكي، التعاون في مجال التصنيع الزراعي، تبادل الخبرات بين الطرفين بالتركيز على تدريب المزارعين والمهندسين الزراعيين في الصين، التعاون في مجال المياه واستصلاح الاراضي، وتلبية احتياجات الصين من المحاصيل الغذائية على ان تقوم هي بتوفير التمويل وتسويق المحاصيل الى جانب التأكيد على تعزيز التعاون بين البلدين. وجاءت مذكرة التفاهم ثمرة لفعاليات الندوة التي ناقشت «3» اوراق عمل شملت العلاقات الاعلامية السودانية- الصينية قدمها اتحاد الصحافيين صاحب المبادرة، وورقة آفاق الاستثمار الزراعي بالسودان واخرى عن التنمية الزراعية بولاية الجزيرة لتخرج الندوة بما اطلق عليه خارطة طريق للاستثمار الزراعي بين الجانبين. حيث دعت هذه الخارطة الى وضع برنامج لتنمية القدرات داخلياً وخارجياً بجمهورية الصين لتدريب كل الكوادر الفنية الزراعية والمزارعين ومربيي الماشية في المجالات الزراعية المختلفة والمتمثلة في نتائج المحاصيل الحقلية والبستانية، نقل التقانة الحيوانية، الانتاج الغابي والرعوي، الانتاج الحيواني، انتاج الاسماك، توقيع اتفاقية توأمة بين ولاية الجزيرة وبعض المقاطعات الصينية ذات الطبيعة المتشابهة والاعداد لعقد ملتقى استثماري يشارك فيه رجال الاعمال بالبلدين في سبتمبر المقبل بولاية الجزيرة، الى جانب تكوين لجان مشتركة من الجانبين لاجراء دراسات تفصيلية للمشاريع التي يتفق على التعاون فيها بين الطرفين وفق الصيغ المختلفة «شراكات، استثمارات مشتركة وتعاون فني». وعزز ما خرجت به الندوة نجاحات ووضع لبنات اساسية لشراكة استراتيجية بين الجانبين في مجال الاستثمار الزراعي ما طرحه السفير الصيني بالخرطوم لي شانغ في الجلسة الافتتاحية للندوة أمس من رؤية بلاده للاستثمار الزراعي بالسودان ومغزى اختيار ولاية الجزيرة لإقامة شراكة استراتيجية في هذا المجال من اجل تحقيق المصالح المشتركة وتبادل الخبرات ولتوفير الحبوب والغذاء، ولكنه قبيل توضيح رؤية الصين للاستثمار الزراعي بالسودان، وفرص التعاون المشترك، عمد الى توضيح مقدرة الصين في تأمين غذائها ذاتياً من ارض تعادل «7%» من مساحة العالم يسكنها نحو «12%» من سكان العالم، حيث قال السفير ان الصين وضعت سياسات زراعية صحيحة ركزت فيها على تنويع انتاج المحاصيل وحل مشاكل التمويل والتسويق وتوفير الخدمات للمزارعين ورفع الاعباء الضرائبية والرسوم عنهم وتشجيعهم بمنح مزيد من التسهيلات، الاستفادة من التجارب العالمية في تطوير بحوث القمح والارز والخضروات، تطوير بنيات الري واستخدام نظم الري الحديث لتفادي مشكلة نقص المياه، استخدام الاسمدة العضوية والكيماوية في الانتاج الزراعي بنسب متفاوتة، تطوير نوعية التربة، استخدام الميكنة الزراعية والاهتمام بالتكنولوجيا الى جانب تطوير مزارع الدواجن والاسماك. وسائل الاستثمار وحدد السفير الصيني رؤية بلاده للاستثمار الزراعي بالسودان التي تقوم على تشجيع الشركات الصينية -الخاصة والعامة - على الاستثمار في السودان والدخول في شراكات مع القطاع الخاص السوداني، وتبادل الخبرات وتسهيل دخول التقانة والتكنولوجيا الصينية وتدريب الكوادر، مطالبة الحكومة السودانية بوضع سياسات ميسرة، تشجيع دخول المستثمرين وتحقيق المنافع المتبادلة وتخفيف الأعباء من رسوم وضرائب وتسهيل الاجراءات الاستثمارية ودخول العمالة الصينية الى السودان خاصة وان هذه الاجراءات تفوق تكلفتها ال «001» دولار لتأشيرة الدخول وغيرها من الاجراءات. واكد السفير الصيني رغبة بلاده الصادقة والجادة لتعزيز التعاون وتطوير العلاقات مع السودان، وولوج مجال الاستثمار الزراعي معرباً عن امله في تجاوز الصعاب والعقبات في هذا المجال بفضل الثقة والعلاقات المتميزة بين البلدين من اجل تطوير التعاون المشترك. مقترحات الولاية وسارع الفريق اول ركن عبدالرحمن سر الختم والي الجزيرة الى اعلان ترحيبه بالرؤية الصينية للاستثمار في السودان وخاصة ولاية الجزيرة التي قال انها شهدت علاقات متميزة مع جمهورية الصين في مجالات المياه والصحة والطرق والكباري وصناعة الغزل والنسيج الى جانب السلوك المتميز للمواطن الصيني بالسودان. مُبيناً في هذا الصدد انه لم يسجل اي بلاغ جنائي ضد مواطن صيني بالسودان حتى الآن. واجمل والي الجزيرة في كلمته في الجلسة الافتتاحية للندوة وتعليقه على حديث السفير الصيني ما تحتاجه ولاية الجزيرة من الصين والمستثمر الصيني في اقامة مركز للبحوث الزراعية واكثار البذور، معلناً في هذا الصدد عن تخصيص مسافة «5» آلاف فدان لقيامه، الدخول في شراكة في مجال التصنيع الزراعي بولاية الجزيرة تقوم على انتاج المحصول وتصنيعه، الاستفادة من التقانات الصينية الجيدة وقليلة التكلفة في تحقيق النهضة الزراعية، انشاء مجمع تجاري لعرضها والترويج لها، تبادل الخبرات والزيارات الميدانية وتدريب المزارعين والمهندسين السودانيين بالصين، ورفع درجة التعاون في المجالات كافة مع تكوين آلية للاشراف على الاستثمار الزراعي الصيني بولاية الجزيرة ووضع برنامج عمل تنفيذي لتطوير التعاون الزراعي وتنظيم ملتقى لرجال الاعمال في البلدين بالولاية للاستثمار في المجال الزراعي واستغلال الفرص المتاحة ليعقد الملتقى في الربع الاخير من هذا العام الى جانب دعوته الى شراكة استراتيجية بين الصين وولاية الجزيرة تقوم بموجبها الولاية بتوفير الارض والمياه، بينما تقوم الصين بتوفير التمويل وتسويق المحاصيل مع اشراك القطاع الخاص في البلدين وتحديد مسؤوليات كل الاطراف بوضوح. بهذه الكلمات من سفير الصين الذي طرح رؤية بلاده للاستثمار الزراعي بالسودان وولاية الجزيرة تحديداً، ورد والي الجزيرة بالترحيب بالرؤية الصينية مع طرح لرؤية موسعة من حكومة الولاية وما خرجت به الندوة من خارطة طريق وما توجت به من توقيع مذكرة تفاهم خرج جميع المشاركين ولسان حالهم يقول ان الجزيرة الخضراء ستكون سلة غذاء العالم بفضل الشراكة الاستراتيجية مع الصين.